الروبوتات والتصنيع في الإمارات.. ملامح مصانع المستقبل

أسهم التحول الرقمي في دولة الإمارات منذ عقود في ظهور قطاعات اقتصادية جديدة، منها تطور سوق وصناعة الروبوتات.
يأتي ذلك في سياق تطوير صناعات تكنولوجية محلية كثيفة رأس المال وقليلة العمالة من قبل العديد من الجهات الرسمية في الدولة، والتي باتت العديد من القطاعات الحكومية والخاصة تستعين بها في إنجاز الأعمال، لاسيما اللوجستية والصناعية.
نمو سوق الروبوتات
وقال مركز "إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية" في أبوظبي، إن حجم سوق الروبوتات في الإمارات يتجاوز حالياً 8 مليارات درهم وفق تقديرات شركات عاملة بالقطاع.
ويتوقع أن يصل حجم السوق العالمية إلى 150 مليار دولار خلال العام الجاري، لذا باتت الدولة مركزاً إقليمياً لصناعة أو تجميع الروبوتات الشخصية مدعومة بتوجهات الدولة التقنية.
توقعات تقنيات الأتمتة
ووفقاً لتقرير صادر عن “جراند فيو ريسيرش”، من المتوقع أن تصل حجم السوق العالمية لتقنيات أتمتة العمليات بالروبوت إلى 25.66 مليار دولار في 2027، بنمو سنوي يصل إلى 6.40%.
ورصدت مؤسسة “آي دي سي” العالمية، المتخصصة في الأبحاث والدراسات في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، زيادة ملحوظة من قبل دولة الإمارات في مدى الاهتمام وتبني مشاريع باستخدام التكنولوجيات المبتكرة مثل تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات نظراً لتطور البنية التقنية في الدولة.
ووفقاً لوزارة الاقتصاد، من المتوقع أن يبلغ حجم سوق تكنولوجيا الروبوتات العالمية 189.36 مليار دولار بحلول 2027، مع زيادة الحاجة إلى الأتمتة والسلامة في المؤسسات وتوافر روبوتات غير مكلفة وموفرة للطاقة تشكل محركاً رئيسياً للسوق.
تطور الصناعة داخل الإمارات
وأكد "إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية" أن دولة الإمارات وفرت العوامل الداعمة لصناعة الروبوتات، وأبرزها شبكات الاتصالات وتقنية المعلومات والذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، فضلاً عن تطوير النظام البيئي لتصنيع المكونات أو تجميعها.
وأضاف المركز أن دولة الإمارات باتت تضم العديد من الجهات الحكومية والجامعات والشركات والمختبرات الداعمة لصناعة الروبوتات، كونها مركزاً مهماً وحيوياً في قطاع التكنولوجيا في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط ككل، لما تمتلكه من بنية تكنولوجية تعد الأكثر تطوراً في هذا المجال.
وأشار المركز إلى أن الإمارات أبدت اهتماماً ملحوظاً بتبني المشاريع المتطورة والقائمة على التكنولوجيا المبتكرة التي تشمل تقنيات مثل الروبوتات، إذ إن لديها أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي المستخدمة على أرض الواقع في كثير من الحلول والمنتجات التكنولوجية التي تخدم العديد من القطاعات في الدولة.
وقال إن الإمارات تشهد تسارعاً في انتشار الروبوتات في مختلف جوانب الحياة العامة في الدولة، حيث تستخدم الجهات الحكومية والشركات الروبوتات لتحسين كفاءة الخدمات وزيادة الإنتاجية.
وأضاف أن دولة الإمارات من الدول الرائدة عالمياً في إدراك أهمية التكنولوجيا للنمو الاقتصادي وتعزيز الناتج الإجمالي والإنتاجية والأرباح، وتضم الدولة العديد من الجامعات والبرامج والمسابقات الداعمة لانتشار الروبوتات، بهدف تبني وتطوير التكنولوجيا وتمكين المواهب الوطنية وابتكار حلول ومنتجات وخدمات جديدة.
خطط دبي الاستراتيجية
وتستهدف دبي زيادة مساهمة قطاع الروبوتات إلى 9% من الناتج المحلي خلال 10 سنوات، وأن تصبح ضمن أفضل 10 مدن عالمية لتكنولوجيا الروبوتات والأتمتة.
وقال تقرير “10 توجهات كبرى تصمم مستقبل العالم في 2024” الصادر عن "مؤسسة دبي للمستقبل": يرتفع معدل استخدام الروبوتات والأتمتة في العديد من الصناعات، إن لم تكن جميعها.
وأكد أن ذلك لن يقف عند حدود صناعة السيارات والتصنيع والخدمات اللوجستية وسلاسل التوريد وقطاع الخدمات، بفضل التقدم الهائل في تصميم الهندسة الميكانيكية، وعلوم المواد، والذكاء الآلي المتقدم، وشبكات الاتصال المتقدمة، وسيتيح ذلك فرصاً لتعزيز الكفاءة والابتكار.
المبادرات والتصنيع المحلي
وأشار مركز "إنترريجونال" إلى أن "جائزة الإمارات للروبوت والذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسان" تهدف إلى تشجيع البحث واستخدامات الحلول المبتكرة في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات من أجل التصدي للتحديات التي تواجهها 3 قطاعات رئيسية هي: الصحة، والتعليم، والخدمات الاجتماعية.
كما تهدف الجائزة إلى رفع مستوى الوعي العام بالفرص الواعدة التي توفرها هذه التطبيقات وبأهمية ترجمة الأفكار الإبداعية إلى واقع ملموس بُغية تطوير الخدمات التي تقدمها حكومة دولة الإمارات.
وتأتي جهود دولة الإمارات في تطوير صناعة الروبوتات في سياق الاستعداد للمستقبل وصناعة التكنولوجيا محلياً بدلاً من استيرادها، ولتعزيز كفاءة الخدمات وتطوير الأعمال في كافة القطاعات، عقب تفوق الدولة الإقليمي والعالمي في مجال الخدمات الإلكترونية والذكية على مدار الساعة لقطاعات الأعمال الحكومية والخاصة والأفراد.
الروبوتات في الحياة العامة
وتتعدد أدوار الروبوتات واستخداماتها في الدولة، حيث تعمل اليوم كمستشار توعوي، ومحاضر، ومذيع، وجراح وصيدلي، وموظف لخدمة العملاء، ومنقذ بحري وغيرها من الاختصاصات.
وتتسارع وتيرة دخول الروبوتات إلى مختلف مفاصل الحياة العامة في دولة الإمارات، التي فتحت الباب على مصراعيه أمام جميع الجهات الحكومية والشركات لاستخدام وتوظيف الروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات، استعداداً للمستقبل ولتعزيز كفاءة الخدمات وتطوير الأعمال في القطاعات كافة.
وأصبحت رؤية الروبوتات في الأماكن العامة والهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة أمراً مألوفاً في دولة الإمارات، حيث يتم التعامل معها من قبل المراجعين كموظف رسمي قادر على تلبية متطلباتهم وإنجاز معاملاتهم بسهولة وسرعة ودقة متناهية.
وزارة المالية وأتمتة العمليات
وأعلنت وزارة المالية توفير 39 ألف ساعة عمل بشري عبر تبنيها التشغيل التلقائي للعمليات (RPA)، لإنجاز 1.8 مليون معاملة بدقة تزيد عن 98%.
وأوضحت أن ذلك أدى إلى تحسينات كبيرة في الإنتاجية والكفاءة، والمضي خطوة إضافية نحو التحول إلى الاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار، وتعزيز السعي من خلال التحولات الريادية لأن تصبح الإمارات أفضل دولة في العالم بحلول الذكرى المئوية لتأسيسها في 2071.
وأكملت وزارة المالية فعلاً المرحلة الثانية من رحلة التحول في عملياتها الداخلية نحو التشغيل التلقائي للعمليات (RPA)، أو ما يعرف بدمج أتمتة العمليات الآلية، حيث تستخدم الوزارة الآن الروبوتات (تطبيقات برمجية تنفذ مهام آلية)، ومن أكثر أنواعها شيوعاً برامج الدردشة الآلية التي تدير التفاعلات الهاتفية أو عبر الإنترنت بين المؤسسات وعملائها.
كما تستخدمها وزارة المالية على منصة المشتريات الرقمية بموقعها الإلكتروني، حيث تمكنها من تسريع العمليات من 60 يوماً إلى 6 دقائق، ما يوفر منافسة أكبر على العقود الحكومية عبر السماح لمزيد من الشركات الصغيرة بالمشاركة.
الروبوتات في القطاع الصحي
من جهتها، أعلنت مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية عن تزويدها المنشآت الصحية التابعة لها بـ"روبوت" سحب الدم، لتكون المؤسسة الأولى إقليمياً في استخدام هذا الروبوت الذي تشير الدراسات إلى قدرته على توفير 80% من الوقت المتطلب من الطاقم و50% من وقت انتظار المرضى لتقديم خدمة سحب الدم.
وسجل الدكتور علي البلوشي، استشاري جراحة العظام وتبديل المفاصل، رقماً قياسياً عالمياً، بإجراء ما يفوق 1500 عملية مفصل اصطناعي منذ بداية استخدام الروبوت والذكاء الاصطناعي في الدولة، بنسبة نجاح وصلت إلى 99% مقارنة بالعمليات التقليدية.
ويعد حضور واستخدام الروبوتات في القطاع الصحي في الإمارات من الأبرز، حيث تستخدم وزارة الصحة ووقاية المجتمع تقنية الروبوت في عمليات القسطرة القلبية، وأجرت أول عملية باستخدام هذا النظام في 2014.
كما أطلقت الوزارة برنامج جراحات الروبوت في أمراض النساء والولادة، وأطلقت خدمة صرف الأدوية عبر الصيدلية الروبوتية في مستشفى الفجيرة.
خبراء يؤكدون: الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً للبشر بل أداة لتمكينهم
الروبوتات في الإعلام والأمن والخدمات
وفي مجال الإعلام، أطلقت مؤسسة دبي للإعلام أول روبوت مذيع ناطق بالعربية، كما وظفت أبوظبي للإعلام أول مذيع ذكاء اصطناعي ناطق بالعربية والإنجليزية.
وفي المجال الأمني، انضم أول شرطي آلي إلى شرطة دبي في 2017، فيما استخدمت شرطة أبوظبي روبوتات للتوعية المرورية.
كما أطلقت بلدية دبي روبوتاً للإنقاذ البحري وروبوتاً لتحليل الأسمنت، وأجازت الإمارات استخدام روبوت "بيكسي درون" لجمع النفايات من البحر.
وأطلقت دبي الذكية روبوت "راشد" كمستشار للمتعاملين، وتوظف روبوتات أيضاً في محطات المترو لأعمال التنظيف.
aXA6IDMuMTQxLjI1LjEg جزيرة ام اند امز