رومانيا حائرة بين الغرب وروسيا.. والحسم الأحد

أوشك التنافس على الرئاسة الرومانية على الانتهاء، لتحدد البلاد بوصلتها في عالم معقد، وصراع محتدم في قلب أوروبا.
وسيحدد تصويت يوم الأحد، ما إذا كانت رومانيا العضو الحيوي استراتيجيًا في حلف شمال الأطلسي "ناتو" على الحافة الشرقية للاتحاد الأوروبي، ستتخذ منعطفًا ضد أوكرانيا تحت تأثير "أقصى اليمين"، أو ستظل راسخة بقوة في التيار التقليدي المؤيد لبروكسل.
ويتصدر المشهد بعد الجولة الأولى جورج سيميون، وهو قومي يبلغ من العمر 38 عامًا ويعارض تقديم المساعدات لأوكرانيا وسبق له أن فضّل توحيد رومانيا مع جارتها مولدوفا.
وخصمه في جولة الإعادة في الجولة الثانية من الانتخابات يوم الأحد هو عالم الرياضيات الوسطي المعتدل نيكوسور دان، 55 عامًا، وهو عمدة مستقل للعاصمة الرومانية بوخارست منذ عام 2020.
ويعد دان بإبقاء رومانيا على مسارها الأوروبي والموالي للغرب، ودعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى اتخاذ موقف أكثر تشددًا مع روسيا.
سخرية
وقد اتخذ تنافسهما في بعض الأحيان طابع المواجهة في فناء المدرسة: فقد سخر سيميون، الذي يتشاجر باستمرار مع منتقديه، من دان المثقف رقيق الكلام ووصفه بـ”المتوحد“ يوم الخميس.
وقال سيميون في تصريحات منفصلة لـ”بوليتيكو“ خلال زيارة إلى بروكسل يوم الخميس: ”نحن ننتصر بشكل أساسي“. "الشيء الوحيد الذي نحتاجه هو إجراء انتخابات نزيهة وحرة، وأن تتصرف جميع المؤسسات بطريقة طبيعية وصحيحة، وسننتهي أولاً بعد فرز آخر الأصوات. لدي وجهة نظر متفائلة إلى حد ما بشأن النتيجة، وأعتقد أنها ستكون نتيجة ساحقة".
استطلاعات الرأي
في الجولة الأولى من الانتخابات، حصل سيمون على 41% من الأصوات مقابل 21% لدان. والسؤال المطروح هو ما إذا كان سيميون قادرًا على الحفاظ على هذا التفوق الكبير، أو ما إذا كان بإمكان دان جذب ما يكفي من الدعم من مؤيدي الأحزاب الأخرى للتفوق عليه في الجولة الثانية يوم الأحد؟.
في الاستطلاعات السابقة، احتفظ سيميون بتقدم مريح - بنسبة 55 في المائة مقابل 45 في المائة لدان.
لكن استطلاعات الرأي الأخيرة أظهرت أن الفجوة تضيق بشكل كبير مع اقتراب يوم الحسم.
ففي يوم الأربعاء، أظهر استطلاع للرأي أجرته شركة AtlasIntel وشمل 4000 شخص تساوي المرشحين بنسبة 48% لكل منهما.
ثم، يوم الخميس، تقدم دان في استطلاع للرأي للمرة الأولى بنسبة 52 بالمئة مقابل 48 بالمئة لسيميون. وشمل هذا الاستطلاع، الذي أجراه معهد الأبحاث المستقل IRSOP، حوالي 950 شخصًا.
غياب عن الميدان
وجرت الانتخابات الرومانية إلى حد كبير على شاشات التلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي. لم يقضِ أي من المرشحين وقتاً طويلاً على الأرض، ولم يقم أي منهما بجولة في البلاد في الأيام الأخيرة، ولم يكن هناك أي ضغط على الأرض أو عقد تجمعات في الدوائر الانتخابية الرئيسية. حتى أن سيميون لم يتواجد في البلاد.
وقد اعتمد كلاهما بدلاً من ذلك على حشد ناخبيه عبر الإنترنت وعبر الظهور التلفزيوني.
إذ شارك دان في مناظرات متعددة على شاشات التلفزيون، وقدم إجابات مصقولة وإن كانت مبتذلة في بعض الأحيان على الأسئلة، وفق مجلة بوليتيكو الأمريكية.
وفي المقابل، لم يشارك سيميون سوى في مناظرة مباشرة واحدة فقط مع دان، وهو ما اعتُبر أنه ساعد عمدة بوخارست.
في المقابل، استخدم سيميون سيلًا منتظمًا من الرسائل على وسائل التواصل الاجتماعي لإيصال طرحه الذي يوصف ب"الرديكالي". وهاجم المرشح، وسائل الإعلام الرئيسية، زاعمًا أنها تشوه تغطيتها لمواقفه السياسية، بل إنه اقتاد الصحفيين إلى مكتبه لتوبيخهم بغضب قبل نشر الفيديو على موقع "إكس".
كما أنه غيّر لعبته بشكل جذري في الأيام القليلة الماضية. فقد قام هذا الأسبوع بجولة في أوروبا، ربما لتعزيز أوراق اعتماده الدولية، حيث التقى حلفاءه من "أقصى اليمين" في بولندا وإيطاليا وبروكسل.
تضارب السياسات
وعندما يتعلق الأمر بالسياسة، وعد سيميون باتباع نهج ترامب في الحرب الأوكرانية ومحاكاة أسلوبه في الحكم بشكل عام، وخفض الضرائب وتعزيز الأعمال التجارية مع دعم القيم المسيحية والعائلية التقليدية.
وفي خضم الانتقادات التي وجهت إليه بأنه كان مؤيدًا جدًا لروسيا، تحدث سيميون مؤخرًا عن إيمانه بحلف "الناتو".
وفي حين تجنب المواقف المعادية للاتحاد الأوروبي بشكل صريح، فقد ادعى أيضًا أنه يدافع عن رومانيا في المفاوضات مع التكتل، لكنه يوصف على نطاق واسع بأنه موالي لروسيا، في مقابل دان الموالي للغرب، وفق بوليتيكو.