بروكسل تلجأ للمادة 122 لتسليح أوروبا.. وعقبة برلمانية

بخطى حثيثة، يندفع الاتحاد الأوروبي في اتجاه إعادة التسليح، متطلعا إلى دور متفوق على غرار الولايات المتحدة
فالشهر الماضي، اقترحت المفوضية الأوروبية، مبادرة "العمل الأمني لأوروبا"، وهي جزء من خطط الاتحاد الأوروبي الشاملة لإعادة التسليح بقيمة 900 مليار دولار.
هذه الخطة الطموحة، تقودها النخب في بروكسل وبرلين وباريس ووارسو وتعكس وهما خطيرا يتعلق بضرورة أن يتولى الاتحاد الأوروبي زمام المبادرة كمدافع رئيسي عن "النظام العالمي الليبرالي القائم على القواعد" لمواجهة التراجع الأمريكي وذلك وفقا لما ذكره موقع "ريسبونسيبل ستايت كرافت" الأمريكي.
وأشار الموقع إلا أن هذه الخطة لا تحظى بإجماع أوروبي فدول مثل المجر وسلوفاكيا وإيطاليا وإسبانيا معروفة بأنها غير متحمسة لإعادة التسلح.
المادة 122
والأسبوع الماضي، خرج صوت معارض من البرلمان الأوروبي، المنتخب مباشرة من قبل مواطني الاتحاد الأوروبي حيث رفضت لجنة الشؤون القانونية في البرلمان بالإجماع الأساس القانوني الذي اقترحته المفوضية لخطتها لإعادة النسليح وهو المادة 122 من معاهدة عمل الاتحاد الأوروبي.
وتسمح المادة 122 للمفوضية بالاستعجال لتجاوز البرلمان الأوروبي وضمان الموافقة على مقترحاتها بأغلبية مؤهلة فقط في المجلس. ونظرا لأن قرارات السياسة الخارجية يتم اتخاذها بالإجماع، فإن الغرض من هذه المناورة هو القضاء على حق النقض (الفيتو) المحتمل من الدول الأعضاء المتشككة.
ويستخدم هذا الإجراء في الأزمات مثل كوفيد-19، لكنه الآن يتم استغلاله من قبل صقور المفوضية، ورئيستها أورسولا فون دير لاين، لتفعيل مفهوم "إعادة التسلح".
خطاب مقلق
واعتمدت فون دير لاين، ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد كايا كالاس على خطاب مُثير للقلق، والمبالغة في تقدير التهديدات الخارجية خاصة القادمة من روسيا لتبرير هذا التعجل.
وفي حين أن روسيا تمثل تهديدًا خطيرًا في دول البلطيق وبولندا وهي الدول التي دعمت السياسات المتشددة، لكن المجر وسلوفاكيا، دعت دائما إلى إنهاء حرب أوكرانيا عن طريق التفاوض في حين تتعامل إسبانيا وإيطاليا مع الهجرة والأوضاع في جنوب البحر الأبيض المتوسط على أنها المخاطر الأمنية الرئيسية التي تواجهها.
وتُمثل خطوة المفوضية تجاوزًا كبيرًا، مع تهميشها للبرلمان، وبعض الدول الأعضاء، وهو ما يقوض الديمقراطية ويبرز رفض اللجنة القانونية لهذا المسار فشل المفوضية في تبرير هذا الاستعجال أو تفسير سبب تجاهل الطرق القانونية البديلة، بحسب موقع "ريسبونسيبل ستايت كرافت" الأمريكي.
ولا يزال التصويت في اللجنة القانونية يركز على الجوانب الفنية حتى أن بعض أعضاء البرلمان الأوروبي، وخاصةً من فرنسا، يُطالبون بتعزيز بند "شراء الأسلحة الأوروبية" لصالح صناعة الأسلحة في القارة.
وحتى الآن لم يُعالج البرلمان، القضية من خلال طرح أسئلة حول هدف إعادة التسليح أو من هم خصوم الاتحاد الأوروبي المُستهدفين، أو السر وراء ضرورة هذا التعزيز العسكري الضخم بهذه السرعة.
«تبديد» القوة الناعمة
ويثير توجه الاتحاد الأوروبي نحو العسكرة القلق من تفاقم إهمال الدبلوماسية في ظل تشكك عدد كبير من مواطني الاتحاد الأوروبي في الزيادة الكبيرة في الإنفاق الدفاعي كما أن التكتل على عكس الولايات المتحدة، لا يملك القدرة على مواصلة هذا المسار.
وفي الوقت نفسه، ينشغل الاتحاد الأوروبي بتبديد القوة الناعمة التي كانت تُميز نفوذه العالمي فعلى سبيل المثال يغض الطرف عن جرائم إسرائيل في غزة.
إن الطموح الأوروبي المتهور لمحاكاة التفوق الأمريكي دون الاعتماد على قوته أو حمايته، يهدد بترسيخ مستقبل عسكري لأوروبا على حساب مبادئها الديمقراطية، واحتياجاتها الأمنية المتنوعة الأمر الذي قد يؤدي إلى خطوات كارثية.