"روما" المشروع الشخصي لألفونسو كوارون يصنع التاريخ لـ"نتفليكس"
فيلم "روما" يعد رسالة حب من المخرج ألفونسو كوارون إلى مسقط رأسه مكسيكو سيتي ولأنه كذلك بدا الفيلم مشروعاً شخصياً جدا له
مجدداً فعلها "روما" ولم يخيّب الكثير من التوقعات، ففاز بجائزة أوسكار أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية، إلى جانب جائزتي أفضل مخرج وأفضل تصوير خلال حفل توزيع جوائز أوسكار الـ91، بعد أن حقق شبه إجماع بشأن مستواه الفني في كل المهرجانات التي دخل منافساتها وحصد كثيرا من جوائزها؛ لتبقى جعبته خالية فقط من جوائز مهرجان كان السينمائي، الذي استبعده لعدم توافقه مع قانون الأفلام الفرنسي المتبع في هذا المحفل العالمي، فيما يتعلق بالعرض الأول في الصالات الفرنسية للفيلم الذي أنتجته "نتفليكس".
قياساً بدخول فيلم "Roma" القوائم القصيرة لـ10 فئات من جوائز الأوسكار 2019، بدت مهمة الفيلم المكسيكي بالحصول على أوسكار أفضل فيلم أجنبي سهلة، لأن الترشيحات الـ10 للفيلم المكسيكي انطوت على ما جعله متكامل العناصر وبالتالي الأفضل، كما أن نتائج المواجهات بين الأفلام الـ5 المرشحة لنيل لقب أفضل فيلم الأجنبي في المسابقات والمهرجانات السابقة كانت جميعها لصالحه.
بمقدار ما يكرس فوز فيلم ألفونسو كوارون "روما" بنحو 24 جائزة سينمائية كبرى عصراً ذهبياً للمخرجين السينمائيين المكسيكيين في هوليوود، يأتي تتويج الفيلم بـ3 جوائز في الأوسكار ليمنح ثقة أكبر لمنتجه "نتفليكس" وبه، ويحسم الجدل حول مشروعية منافسة أفلام منصات خدمة تقديم الترفيه عبر الإنترنت في المهرجانات، فمنذ افتتاحه في دور السينما خلال ديسمبر/كانون الأول 2018، وإطلاقه على منصتها ليكون متاحاً لمشتركيها، لم تتوقف "نتفليكس" عن جمع الجوائز عنه.
وفي كل مرة يتوج "روما" بواحدة من جوائزه الكبرى، كان القائمون على منصة خدمة البث الأمريكية يعرفون أن عدد القادمين لطرق أبوابها من نجوم هوليوود، ممثلين ومخرجين وكتاب، سيزداد، إذ أسقطت تجربة "روما" وهم ما كانوا يعتقدونه أن تقديم أفلامهم عبر منصة خدمة تقديم الترفيه عبر الإنترنت، يعني حرمانهم من المنافسة على جوائز المهرجانات الكبرى.
فيلم "روما" كان رسالة حب من المخرج ألفونسو كوارون إلى مسقط رأسه مكسيكو سيتي، وتحديداً حي روما الذي تربى فيه، ولأنه كذلك، بدا الفيلم مشروعاً شخصياً خاصاً بالنسبة للمخرج لدرجة قيل إنه كان الشخص الوحيد الذي عرف السيناريو بأكمله، ليتاح له مناقشة الشخصيات والأحداث مع ممثليه في يوم التصوير بالشكل الذي يثير في دواخلهم مشاعر حقيقية وطازجة في كل لحظة يؤدونها، بغض النظر عن مآلات الشخصية في مراحل تالية من الفيلم.
في مقابلة صحفية مع المخرج المكسيكي، أكد كوارون ما نسمية بـ"المشروع الشخصي الخاص جداً"، حين أشار إلى أن هاجسه أثناء تنفيذ الفيلم كان "التصوير في الأماكن التي وقعت فيها أحداث فيلمه الحقيقية، وإعادة إنتاجها بالملليمتر، إضافة إلى تشكيل مجموعة متطابقة عاطفياً مع الناس الأصليين"، لهذا السبب كما يقول "قرر التسجيل بترتيب زمني مطلق، نظرا لاهتمامه بخلق مشاعر وتجارب عاطفية عند الممثلين أثناء تجسيد شخصياته التمثيلية كما هي في الحياة".
أنجز ألفونسو كوارون فيلمه في 110 أيام، كان خلالها، على حد تعبيره يخوض "تجربة سريالية"، وهو ينظر إلى الماضي من منظور الحاضر، وحفاظاً على دفء اللحظة كما كانت عليه في ذاكرته طفلاً، اختار التصوير باللونين الأسود والأبيض، "رغم قناعته بأن فيلماً بلغة أجنبية تم تصويره باللونين الأسود والأبيض من غير المرجح أن يجد بيتاً مثالياً في هوليوود"، يقول كوارون لفارايتي.
لكن الرجل في تلك الساعة لم يكن يريد ترحيب هوليوود وتصفيق صالاتها، بمقدار ما كان يسعى إلى "العثور على أقوى طريقة ممكنة للوصول إلى عشرات الملايين من الأشخاص، وتجنب أيضاً واقع السوق الحالي الذي غالباً ما يواجه أفلاماً ناطقة بغير اللغة الإنجليزية"، على حد تعبيره، وهو الأمر الذي كان واثقاً أن "نتفليكس" ستحققه رغم إيمانه أن الطريقة المثلى لعرض فيلمه "روما" هي في صالات السينما.
بكل الأحوال نجح رهان ألفونسو كوارون على "نتفليكس" فبلغ الفيلم العالم بأسره وسمع صوته، وها هو "روما" يصنع إنجازاً تاريخياً لمخرجه المكسيكي، بل ويحقق المعادلة الصعبة بأن جعل فيلماً غير ناطق بالإنجليزية محور اهتمام العالم وملتقى جوائزه كلها، ولسان حاله يقول إن النجاح الكبير يصنعه الحب الكبير.
aXA6IDMuMTQ4LjExNy4yMzcg جزيرة ام اند امز