معركة تكسير عظام "اقتصادية" بين روحاني والحرس الثوري
الحرس الثوري يمتلكون عقلية أخذ الرهائن ويأخذون المشاريع الكبيرة للتحكم في الحكومات الإيرانية
منذ وصوله إلى السلطة قبل 3 سنوات يحاول الرئيس الإيراني حسن روحاني احتواء نفوذ الحرس الثوري الإيراني، الذي تغلغل منذ فترة كبيرة في اقتصاد طهران، فيما يشبه معركة "تكسير عظام".
وفي تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، قالت إن الحرس الثوري، الذي خاض حربًا دامية مع العراق في الثمانينيات، وأصبح أكثر نشاطًا مؤخرًا في ساحات القتال في العراق وسوريا، يمثل منذ أمد طويل لاعباً بارزاً في الاقتصاد.
وذكرت أنه خلال هذا الشهر، رفض مصرفان إيرانيان كبيران إجراء استثمارات مع شركة "خاتم الأنبياء" للإعمار التابعة للحرس الثوري، التي لا تزال تواجه عقوبات دولية على الرغم من الصفقة النووية العام الماضي.
ولفتت إلى أن هذه الخطوة أغضبت المتشددين، ورجحت أنها ستزيد الصراع بين أنصار روحاني والحرس، موضحة أن المصرفين المملوكين للقطاع الخاص، وهما "ملت" و"سبه"، يخافان أن تتشوه سمعتها جرّاء هذه الشراكة.
لكن أنصار الرئيس أصبحوا أكثر جرأة بفعل خطة تم الاتفاق عليها في يونيو/حزيران الماضي مع مجموعة العمل المعنية بالإجراءات المالية المتعلقة بغسل الأموال (إف إيه تي إف)، وفقا للصحيفة.
وعن هذه المنظمة التي تسعى لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب ومقرها في باريس، يقول مسؤول مصرفي إيراني سابق إن "إف إيه تي إف هي الآن نعمة مقنعة لروحاني لمواصلة كبح الحرس".
وفي المقابل، دعا المتشددون في إيران إلى الانسحاب من المجموعة، خشية المزيد من التدخل في مصالحهم التجارية، ما دفع المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، للعب دور الوسيط بين الطرفين.
ونقلت الصحيفة عن مصرفي إيراني بارز، (لم تذكر اسمه) قوله: "إيران لا تستطيع أن تنسحب من مجموعة إف إيه تي إف، ولن تفعل ذلك لأن أي خطوة من هذا النوع ستعني تدمير البلاد، إذا لم نرتبط بالنظام المصرفي العالمي".
وأضاف: "إذا كان الحرس يكترثون بشأن تقدم هذا البلد وحتى مصالحهم الخاصة، فإنهم يحتاجون إلى احترام هذا الاتفاق".
وأوضحت الصحيفة أنه إلى جانب عملياتهم العسكرية في الخارج، يستثمر الحرس في مصالح تجارية ضخمة، حيث يقدر محللون أن أصولهم قد تجاوزت 100 مليار دولار في اقتصاد يبلغ الناتج المحلي الإجمالي له حوالي 400 مليار دولار.
وأوضحت أن الشركات المرتبطة بالحرس الثوري تشيد الطرق والجسور والأرصفة البحرية والسدود وتطور حقول النفط والغاز، وتدير شركات الاتصالات الوطنية وتملك اثنين على الأقل من البنوك هما "أنصار" و"مهر".
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إيراني سابق (لم تذكر اسمه) قوله: "الحرس يمتلكون عقلية أخذ الرهائن، ويأخذون المشاريع الكبيرة ليكونوا في وضع يمكنهم من التحكم في الحكومات (المركزية)".
وأضاف: "الحرس يمكنهم التعامل مع مجموعة إف إيه تي إف في الوقت الراهن، وذلك بفضل امتلاك مصارفهم الخاصة وتحويل الأموال لعملياتهم في الخارج، ولكن ما يصيبهم بالذعر، هو فكرة أنه عاجلًا أو آجلًا سوف يتعين على إيران أن تلتزم بتوخي الحرص الواجب في المعاملات المحلية أيضًا".
ختامًا، رجحت "فايننشال تايمز" أنه بالنظر لهذه الأمور على المحك، فإن الحرس الثوري لن يستسلم بسهولة.