رد ملكي قاصم للإخوان.. قطع دابر مخطط إثارة الشعب المغربي

لا يمر يوم إلا ويختلق حزب العدالة والتنمية الإخواني في المغرب قضية "زائفة" تحاول استنزاف المشاعر وإثارة الشارع.
التنظيم يعتمد على ما اعتاد عليه وفق أدبياته وأيديولوجيته من "الشعارات وعبارات رنانة وحماسة مصطنعة".. كوسيلة لتحقيق مكاسب سياسية "رخيصة"، متجاهلا في الوقت نفسه أبسط قواعد الانضباط السياسي.
القضية الجديدة التي سعى الإخوان ممثلين في حزبهم "العدالة والتنمية" جاءت بتجاوز أخلاقي وسياسي يطعن في السياسة الحكيمة للمملكة المغربية وعلاقاتها بالدول الأخرى، بهدف اللعب على مشاعر المغاربة وتعاطفهم مع أي قضية، بل وحملت اتهامات لرأس الدبلوماسية المغربية استدعت الرد ببيان ملكي ألجم هؤلاء الساعين لإثارة الشارع كذبا وزروا.
وفي مسعى بائس يحاول تنظيم الإخوان استجلاب تعاطف الشعب المغربي بالمتاجرة بقضية فلسطين، لإيجاد شعبية زائفة غير موجودة بأرض الواقع بعدما لفظهم الشارع بالانتخابات الأخيرة.
سياسيون وخبراء شددوا في تصريحات لـ "العين الإخبارية" على أن البيان الذي أصدره حزب العدالة والتنمية الإخواني بالمغرب بشأن علاقة الرباط وتل أبيب، وربطها بالتطورات في الأراضي الفلسطينية، يندرج ضمن سياسات الجماعة ويظهر إفلاسها ويكشف أهدافها ومخططاتها "الخبيثة".
وأشاروا إلى أن بيان حزب العدالة والتنمية يعد "تصرفًا غير لائق"، خاصة أن استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل تم في 22 ديسمبر/كانون الأول 2020، أي في عهد ولاية حزب العدالة والتنمية، برئاسة سعد الدين العثماني.
كما أن البيان يعد تصرفا غير حكيم من حزب تولي رئاسة الحكومة المغربية دورتين ويعلم أن السياسة الخارجية للمغرب هي من اختصاص الملك، بحكم الدستور، وتوجيه النقد بهذه الصورة يعد تشويش غير مقبول على السياسة الخارجية.
ويعاني حزب العدالة والتنمية من أزمة رفض شعبي تهدد مستقبله، فبعد خسارته الشديدة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة والتي أخرجته من معادلة الأحزاب ذات التأثير على الحياة السياسية المغربية، يحاول امين عام الحزب أن يعيد تموضع العدالة والتنمية كحزب معارض.
واختار بن كيران عدة موضوعات مفتعلة لاستعادة شعبية حزبه منها قضية المواريث وهي معركة محسومة فجرها من أجل إعادة الاضواء عليه، ولما فشلت في تحقيق مرادها لجئ إلى القضية الأكثر أهمية لدى الشعوب العربية وهي القضية الفلسطينية.
وفي مزايدة على مواقف المغرب ليظهر وكأنه حامي الإسلام والمسلمين ورافع راية الدفاع عن فلسطين متناسيًا أن مسار العلاقات السياسية تحتاج إلى رجل دولة لا خطيب يحاول تأجيج حرب داخلية بحثا عن مكسب انتخابي تافه بالمقارنة بحجم خسارة المغرب موقعها كمدافع عن القضية الفلسطينية.
وخان بنكيران ذكاؤه أو كان يراهن على ضعف ذاكرة الشعب المغربي فمن المفارقات أن التوقيع على الاتفاق الثلاثي بين المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة، وقعه سعد الدين العثماني وقت أن كان أمين حزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة المغربية.
من الواضح أن تلك الخطوة التي اندفع إليها بنكيران سيكون لها تأثير سلبي على مستقبل الحزب فمن المتوقع زيادة نفور الشعب المغربي من هكذا حزب يزايد على الدولة المغربية ويتاجر بقضية عميقة من أجل حملة انتخابية.
مزايدة رخيصة
وقال منتصر حمادة الباحث والكاتب المغربي، إن صدور بيان عن الديوان الملكي ضد أحد الأحزاب السياسية أمر نادر، والعدالة والتنمية أقحم نفسه في أمر شائك.
وأضاف "يُفترض أن تكون الأحزاب المغربية على وعي بطبيعة القضايا التي تبقى من اختصاصات المؤسسة الملكية بمقتضى الوثيقة الدستورية، والتي منها "صيانة وحماية التدين المغربي"، ومنها أيضا العلاقات الخارجية" وبيان العدالة والتنمية يعد تدخل في اختصاصات الملك".
وتابع: "أن هذا التدخل تم بطريقة تخلو من الحكمة، خاصة أننا نعيش في حقبة صراعات استراتيجية.
على بلوي مؤسس جمعية الثقافة المغربية الدانماركية، يرى أن بيان حزب العدالة والتنمية مزايدة رخيصة، خاصة أن الحزب لا يمثل الشعب وليس له الحق في التدخل بالسياسة الداخلية أو الخارجية، مشيرا إلى أنهم حصلوا على فرصتهم في رئاسة الحكومة، لكنهم خذلوا الشعب واستغلوها لكسب المال، وخلق الفتنة، مؤكدا أن للمغرب ملكاً وشعبًا كان دوما وسيبقى مع الأشقاء الفلسطينيين.
وتابع أن بيان حزب العدالة والتنمية، محاولة للعودة للمشهد من جديد ضمن صفوف المعارضة من أجل حملتهم السياسية للانتخابات القادمة.
وشدد على أن حزب العدالة والتنمية، تجار دين في الأساس، وما قاموا به يشتبك مع ملك المغرب، وهذا التصرف لا يمكن أن يوصف إلا ب"الحماقة والسذاجة السياسية"، فالمواطن المغربي يرى جلالة الملك هو الضمان الأكيد لاستقرار الوطن، أما تجار الدين فقد يبيعون الوطن في أي لحظة".
ابتزاز للمملكة
ومن جانبها، ترى "شريفة لموير" الكاتبة والباحثة والأكاديمية المغربية أن حزب العدالة والتنمية يلعب بعواطف الشعب من خلال إثارة موضوع القضية الفلسطينية، ولإظهار تمسكه بأولوية القضية، وتنديده بالتقارب المغربي الإسرائيلي لا يعدو كونه ابتزازا للمملكة.
قالت: "إن مواقف حزب العدالة والتنمية لا يمكن وصفها إلا بفقدانها للبوصلة، خاصة أنها تحاول اللعب على المواضيع الحساسة، واستغلالها من خلال محاولة إعادة سيناريوهات قديمة وخطاب تهيجي شعبوي المستفيد منه حزب العدالة والتنمية".
وأضافت، أن بيان العدالة والتنمية محاولة لجذب الانتباه للعودة للأضواء عبر إثارة القضية الفلسطينية، فهي مهمة بالنسبة للمملكة المغربية شعبًا وملكًا، والمتاجرة بها لمكسب سياسي أدخلت الحزب وقيادته وهيئته في خانة اللامسؤولية.
وتستكمل لموير: كان من الحكمة على قادة حزب العدالة والتنمية الانتباه لوضع الحزب المهتز في الشارع، وكانوا في غنى عن خلق توتر بينهم وبين القصر، وفهم ليسوا في مرحلة فتح جبهات عدائية، وهذه الخطوة الصبيانية من المؤكد أنها سوف تكرس ضعف الحزب".
من ناحيته يرى بلال التليدي الكاتب والباحث المغربي، أن بيان الديوان الملكي لم يقصد تقريع حزب العدالة والتنمية، فالاعتبار الدستوري للملك يجعله فوق الأحزاب.
وقال : "ما يؤكد ذلك أن بيان الديوان الملكي انتقد فقرة في "بيان الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية دون استهداف للقيادة ولا هيئاتها" وأوضح أن الرسالة هي تنبيه النخب السياسية جميعها من إنتاج مواقف تشوش على السياسة الخارجية للمغرب خصوصًا في هذه الظروف المعقدة التي يعمل المغرب جاهدا للحسم في موضوع الوحدة الترابية"
وشدد التليدي على أن الرسالة المركزية في بيان الديوان الملكي هي تنبيه النخب إلى أن المغرب يعيش في سياق دولي وإقليمي مشوب بجملة من التحديات، والأنسب في هذه المرحلة الاصطفاف حول السياسة الخارجية التي يديرها الملك باعتباره صاحب الاختصاص الدستوري الحصري."
وأكد أن الرسالة التي لا تقل أهمية عن السابقة هي التأكيد على الطابع السياسي للعلاقة مع إسرائيل، وأنها لا تؤثر بأي شكل من الأشكال على الموقف المغربي المبدئي من قضية فلسطين مع تنبيه كل النخب على مخاطر الخلط في الفهم بين الموقف المبدئي وبين الموقف السياقي وأبعاد هذا الموضوع عن السياقات التعبوية والسياسية.