المرأة اليمنية الريفية.. نموذج ملهم يتحدى مشقة الحياة
أوضاع صعبة، وحياة قاسية، تتكبدها المرأة الريفية في اليمن، لتصبح نموذج في تحدي مشقة الحياة وتوفير الاحتياجات الأساسية مثل المياه والحطب ورعي المواشي، والاهتمام بزراعة الأرض.
وفاقمت حرب مليشيات الحوثي الإرهابية من أعباء المرأة الريفية على مدى السنوات الماضية، حيث قامت المليشيات بارتكاب أبشع الجرائم بحق المرأة بداية بتشريدها مع أطفالها، ونهب مدخراتها، وزراعة مساحات واسعة بالألغام والعبوات الناسفة، وإيقاع الضحايا في صفوفها.
أعمال تفوق قدراتها
تتكبد المرأة الريفية عناء الحصول على المياه من مناطق بعيدة، وعبر قطعها لطرق وعرة، وذلك على مدى أيام السنة، فضلا عن قيامها بدور ربة المنزل والمزارعة والعاملة في تربية المواشي.
تقوم المرأة في المناطق الريفية بمختلف محافظات الجمهورية، بأعمال تفوق قدراتها أحياناً، فهي مُكلّفة بالسعي وبذل الكثير من الجهد نتيجة للعادات المجتمعية، وافتقار غالبية تلك المناطق للبنى التحتية والخدمية، فضلاً عن زيادة تلك المعاناة وفقا للتضاريس.
وعند النظر إلى التضاريس وكيف تضاعف معاناة المرأة الريفية شهرا بعد آخر، نجد أن التغيرات المناخية وما ينتج عنها من كوارث، تلقي بتبعاتها بشكل كبير على المجتمعات الريفية، خاصة الأطفال والنساء.
وتصف السيدة اليمنية زهر الهلالي (51 عاماً)، قصة حياتها في الريف، التي اعتادت عليها منذ سنوات صغرها، سواء في المنزل أو في زراعة الأرض، وما تبعتها من مهمات في تربية المواشي، والأبقار، وجلب الحطب والمياه.
الكفاح المُر
تقول السيدة اليمنية زهر المنحدرة من منطقة جبل حبشي ريف محافظة تعز الغربي خلال حديثها لـ"العين الإخبارية"، إن حياة المرأة في الريف مليئة بالمتاعب خاصة لافتقار المنطقة للخدمات الأساسية، حيث تصف قصتها في توفير المياه خاصة الصالحة للشرب، بـ"الكفاح المُر"، في ظل انعدام الأبار وتوسع الجفاف.
وتشير إلى أن "مسؤولية البنت بالقرية كثيرة سواء الكبيرة أو الصغيرة، لأنها تتحمل مهمات الزراعة وجلب الماء، ورعي الغنم والبقر، وجمع الحطب".
وبالإضافة إلى ذلك، تقوم المرأة الريفية كما حال اليمنية زهر، بالاهتمام المستمر طوال فترة ومراحل الزراعة من البِتلة -حراثة الأرض الأولية- ثم التلم والزرع والحصاد، والتي يعبر عن مدى اهتمام المرأة بالأرض وإصرارها على السعي وتناقل مهنة الزراعة بين الأجيال.
وتوضح زهر، أنها تقضي الكثير من الوقت خارج المنزل، باحثة عن المياه، وتقوم بجلب الحطب من مسافات بعيدة خاصة عند اشتداد أزمة الغاز نتيجة حرب الحوثيين، والاهتمام بالمواشي ورعيها.
كما يقع على عاتق المرأة في الريف اليمني، العديد من المهامات، لأن الرجل غالباً يذهب للاغتراب أو السفر للمدينة والحضر للبحث عن العمل وتوفير لقمة العيش تاركا خلفه امرأة وربة منزل ومزارعة ومكافحة للحياة.
الحوثي يزيد معاناة المرأة الريفية
يقول الناشط المجتمعي والإعلامي معتصم علي لـ"العين الإخبارية"، إن حرب مليشيات الحوثي ساهمت بشكل كبير في مفاقمة معاناة المرأة الريفية في اليمن، بداية هناك نساء كثر دفعتهم الحرب إلى النزوح وأصبحن يشكلن جزءا من نسيج نساء الريف.
ويضيف الناشط المجتمعي عن تحديات المرأة الريفية، أن "هذه النساء تجد صعوبة في الأعمال اليومية المتمثلة بجلب المياه من مناطق بعيدة، حيث تلجأ المرأة في الريف إلى اشتغال أعمال شاقة".
وأكد أنه يقع على عاتق المرأة الريفية الحمل الأكبر، فهي ربة البيت وذات الوقت تمارس أعمالاً خارجية تتمثل بتوفير أساسيات يومية كجلب الحطب ورعي المواشي والاهتمام بالزراعة.
وساهم ارتفاع أسعار المواد الأساسية مثل الغاز المنزلي ببروز الحاجة إلى بحث البدائل، وهنا تتحمل المرأة الريفية وزر هذه المعظلة، لا يوجد موسم للراحة، كل فصل له احتياجاته بالنسبة للنساء الريفيات الأمر الذي جعلهن نموذجا في مجابهة وتحدي مشقة الحياة.
قوى عاملة بالزراعة
أظهرت أبحاث البنك الدولي حول التكيف مع المناخ، أن ما يقرب من ثلثي اليمنيين لا يزالون يعتمدون على الزراعة لتلبية احتياجات معيشتهم الأساسية، ويعيش أكثر من 75% في المناطق الريفية، حيث تمثل النساء نحو 95% من القوى العاملة فيها.
وعلاوة على ذلك، تشير تقارير دولية إلى أن المرأة في ريف اليمن تعد عنصراً فاعلاً في القطاع الزراعي حيث تبلغ نسبة النساء العاملات في الزراعة أكثر من 75 %، وفي الثروة الحيوانية أكثر من 90 %، لكنها لا تحصل على الاهتمام اللازم لتحسين وضعها، وزيادة إنتاجيتها من خلال التدريب والإرشاد، والمعدات التي تخفف من أعباء العمل.
وفي تقرير سابق للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، أكد أن التغيرات المناخية في اليمن أثرت بشكل كبير على قطاع الزراعة، وهو القطاع الحيوي الذي يعمل فيه عدد كبير من الأفراد، ويعتبر مصدراً رئيسياً لإنتاج الغذاء المحلي في البلاد.
وتسيطر زراعة الحبوب على أغلب مساحة الزراعة في اليمن، بنحو يصل إلى 57 %، بينما تبلغ مساحة البقوليات 3%، وبقية المساحة 40% تستخدم في زراعة كل من الفاكهة والخضروات والمحاصيل النقدية والأعلاف والقات.
وتقدر بيانات رسمية، أن إجمالي ما يتم زراعته من أراضي اليمن الزراعية لا يتجاوز مليوناً و600 ألف هكتار، والتي تمثل نحو 3% فقط من إجمالي المساحة الزراعية في عموم البلاد.
aXA6IDMuMTQ1LjExMi4yMyA= جزيرة ام اند امز