اعتماد مجلس حقوق الإنسان قرار الإمارات حول اليمن.. رسائل ودلالات
دلائل ورسائل مهمة حملها اعتماد مجلس حقوق الإنسان قرارا قدمته دولة الإمارات باسم المجموعة العربية حول دعم حقوق الإنسان في اليمن.
القرار قدمه السفير جمال المشرخ، المندوب الدائم للإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف، واعتمده مجلس حقوق الإنسان في اختتام أعمال دورته السابعة والخمسين بتوافق الآراء ويقضي بـ"تقديم المساعدات التقنية وبناء القدرات لليمن في مجال حقوق الإنسان".
ريادة وثقة
أمر يحمل العديد من الرسائل والدلالات من أبرزها:
1- يجسد الثقة الدولية في الإمارات وجهودها الداعمة لحقوق الإنسان في المنطقة وحول العالم.
ويؤكد القرار الذي قدمته دولة الإمارات نهج العمل الإنساني الراسخ الذي يعد ركيزة أساسية من ركائز السياسة الإماراتية التي لطالما أكدت قيادتها ضرورة مد يد العون والمساعدة للشعوب كافة التي تمر بظروف صعبة.
2- إعادة ضبط بوصَلة العَمَل الدُّوَلي وتوجيهه نحو الاهتمام بتعزيز حقوق الإنسان في الدول التي تعاني من أزمات.
يأتي القرار في أوقات صعبة يمر بها العالم، في ظل التصعيد المتواصل في غزة ولبنان، واستمرار الأزمات في السودان واليمن وأوكرانيا، الأمر الذي يستدعي مواصلة السعي إلى التمسك بحزم ودون قيود أو شروط بعالمية حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزئة.
في ظل تلك الظروف الحرجة يصبح من الأهمية إعادة ضبط بوصَلة العَمَل الدُّوَلي نَحوَ جُملَة مِنَ المَبادِئ الأساسية التي لا يُمكِن أُن نَحيد عَنها، أهمها، توحِيد المَوقِف تجاه جَميع القضايا الشَّائِكة، ومُساندةُ جَميع الشعوب، بعيداً عن ازدواجية المعايير، وضمان حماية المدنيين، وإعلاء سيادة القانون، والالتزام بحقوق الإنسان، واحترام مبادئ حسن الجِوار.
3- يجسد نجاح الإمارات في حشد الجهود الدولية لدعم حقوق الإنسان في اليمن.
وفي هذا الصدد، أكد السفير جمال المشرخ، المندوب الدائم للإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف، أن القرار الخاص باليمن يُعتبر تجسيداً لأحد أهم الأهداف التي أُنشئ من أجلها مجلس حقوق الإنسان وهو العمل مع الدولة المعنية وتمكين مؤسساتها الوطنية من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وذلك عبر الحوار والتعاون البناء، ومن خلال تقديم المساعدات التقنية وبناء القدرات في مجال حقوق الإنسان.
4- يأتي هذا القرار استمرارا لجهود الإمارات الداعمة لكل ما يحقق الأمن والاستقرار والازدهار لليمن وشعبها الشقيق.
وفي هذا الصدد، أكد السفير المشرخ أن دولة الإمارات تدعم جميع الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لإيجاد حل سياسي في اليمن بما يحقق تطلعات شعبه الشقيق في الأمن والنماء والاستقرار.
كما جدد التأكيد على وقوف دولة الإمارات إلى جانب الشعب اليمني الشقيق، ودعم طموحاته المشروعة في التنمية والازدهار في إطار سياستها الداعمة لكل ما يحقق مصلحة شعوب المنطقة.
5- يجسّد حرص دولة الإمارات الدائم على دعم ومساندة الدول الشقيقة والصديقة على مختلف الأصعدة.
يأتي اعتماد القرار فيما تتواصل الجهود الإنسانية والإغاثية التي تنفذها دولة الإمارات العربية المتحدة ممثلة بذراعها الإنسانية هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، التي تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية للفئات الأكثر احتياجاً في اليمن وتعزيز التضامن الاجتماعي وتحقيق التكافل بين جميع أفراد المجتمع.
وقبل نحو شهر، أشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي بالعلاقات الثنائية «المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين، والدور الفاعل لدولة الإمارات ضمن تحالف دعم الشرعية، فضلاً عن تدخلاتها الاقتصادية، والإنسانية والإنمائية للتخفيف من معاناة الشعب اليمني، وتحقيق تطلعاته في استعادة مؤسسات الدولة، والاستقرار، والتنمية، والسلام».
6- دعم إزالة العقبات التي تحول دون وصول المساعدات الإغاثية والإنسانية إلى أهل اليمن.
وكان الاجتماع الوزاري بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والولايات المتحدة الأمريكية، الذي عقد 28 سبتمبر/أيلول الماضي قد أعرب عن قلقه العميق إزاء الوضع الإنساني للمدنيين اليمنيين، وشدد على ضرورة أن يتيح الحوثيون وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وسريع وبدون عوائق إلى المحتاجين كافة، مشيرين إلى أن هجمات الحوثيين – داخل اليمن وخارجه – تضر بالشعب اليمني قبل أي طرف آخر، كما دعوا إلى الإفراج الفوري عن موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والدبلوماسيين، كافة، الذين يحتجزهم الحوثيون بشكل غير قانوني.
تفاصيل القرار
-يطلب القرار الموجه إلى مكتب المفوض السامي تقديم الدعم اللازم إلى الحكومة اليمنية لتنفيذ التزاماتها في مجال حقوق الإنسان ولتلبية احتياجات الشعب اليمني في المجالين التنموي والإنساني.
- يسعى القرار إلى تعزيز قدرات اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني لمواصلة أنشطتها من أجل ضمان المحاسبة وتحقيق العدالة وإصلاح الضرر.
- يجدد القرار دعمه القوي للجهود الدولية الرامية إلى التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار، وإنهاء النزاع في اليمن، والسعي إلى حوار سياسي هادف من أجل السلام.
- يدعو القرار إلى إزالة العقبات التي تحول دون وصول المساعدات الإغاثية والإنسانية.
- يدعو القرار جميع هيئات منظومة الأمم المتحدة، بما فيها مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، والدول كافة إلى دعم العملية الانتقالية في اليمن بالموارد اللازمة من أجل معالجة عواقب العنف والتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها اليمن، بالتنسيق مع الجهات المانحة الدولية ووفقا لما تحدده السلطات اليمنية من أولويات.
تجربة رائدة
ومنذ تأسيسها، أولت دولة الإمارات أولوية قصوى لقيم احترام حقوق الإنسان، مستمدة ذلك من تراثها الثقافي ودستورها الذي يكفل الحريات المدنية للجميع، ومنظومتها التشريعية التي تعزز مبادئ العدالة والمساواة والتسامح، واحترام الحقوق، ودعم العمل الإنساني والإغاثي تماشياً مع مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وتوجت تلك الجهود بإنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في 2021، واستبقتها باستحداث وزارة للتسامح ووضع سياسات وقوانين لحماية حقوق العمال والطفل، والمرأة، وكبار المواطنين، وأصحاب الهمم، والسجناء، كما تساهم على الصعيدين الإقليمي والدولي في تعزيز حقوق الإنسان.
ولم تكتفِ دولة الإمارات بدعم حقوق الإنسان منذ تأسيسها عام 1971 وحتى اليوم، بل رسخت الالتزام بها على مدار الـ50 عاما المقبلة، لتكون نهجا أبديا لها عبر وثيقة "مبادئ الخمسين".
وتتويجا لتجربتها الرائدة، فازت دولة الإمارات في أكتوبر/تشرين الأول 2021 بعضوية مجلس حقوق الإنسان الأممي للفترة 2022-2024، في إنجاز يعبر عن حجم التقدير والاحترام الدولي للإمارات ومكانتها ودورها وسجلها الحقوقي.
وسبق لدولة الإمارات أن شغلت عضوية مجلس حقوق الإنسان لولايتين متتاليتين على مدار 6 سنوات في الفترة (2013-2018)، حيث إن فترة ولاية أعضاء المجلس ثلاث سنوات، ولا تجوز إعادة انتخابهم مباشرة بعد شغل ولايتين متتاليتين.
وتعمل دولة الإمارات خلال عضويتها مجلس حقوق الإنسان على دعم أجندة المجلس والمشاركة بفعالية في عمل المجلس من أجل تعزيز احترام حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
بالتوازي مع ذلك، تتواصل جهود الإمارات الإنسانية على مختلف الأصعدة لدعم لبنان وغزة والسودان واليمن وسوريا وأوكرانيا والدول الصديقة والشقيقة لتجسد صورة مثالية لإمارات الخير، وتقدم نموذجاً متفرداً في دعم حقوق الإنسان كما يجب أن تكون، ويترجم مفهوم الأخوة الإنسانية، على مختلف الأصعدة السياسية والإنسانية والإغاثية والصحية.