ذكرى «نكبة» الحوثي في عيون اليمنيين.. عقد من «الدم» و«المآسي»
سرطان أصاب جسد اليمن، فأنهك بلدًا كان يوصف بـ«السعيد»، ليحيل أيامه «حزنًا» و«كمدًا»، على «أحباب» قتلوا أو أسروا أو شردوا، وعلى أوضاع بات «الجور والاختطافات»، شعارها الأوحد، في المناطق الخاضعة للحوثيين.
إنه الانقلاب الحوثي الذي حلت يوم السبت، ذكراه العاشرة، والذي لم يهدم الشرعية ومؤسساتها المعترف بها دوليا فقط، وإنما نكب الشعب اليمني؛ بفرار الآلاف إلى الخارج ونزوح وتشرد الملايين داخليا، ودخول البلد ما يعرف بـ«أسوأ أزمة إنسانية في العالم» وفقا للأمم المتحدة.
عقد مضى على اليمن، والحوثيون جاثمون على أنفاسه، حتى باتت تلك السنوات توصف بـ«أعوام حالكة السواد»، لتسجيلها معاناة يومية لليمنيين، تحت براثن المليشيات الانقلابية، فيما ودع البلد حالة الوئام والسلام، إلى محطات من الحروب لا تؤدي إحداها إلى استراحة محارب.
قبل عشر سنوات، استغل الحوثيون زيادة سعرية للوقود أقرتها الحكومة اليمنية -آنذاك-، لتصبح بابا لتبرير اجتياحهم صنعاء والتمدد عسكريا جنوبا وشرقا وغربا، في حرب تجرع إثرها اليمنيون ويلات العذاب قتلا ونزوحا.
فماذا قال اليمنيون عن نكبة الحوثي؟
المواطن اليمني عبدالكريم الخولاني (48 عاماً) وصف العقد الماضي بـ«الوباء الفتاك» الذي «نهش جسد اليمن قبل أجساد مواطنيه، وأدخل البلاد في أتون أزمات تلو الأخرى»، مضيفًا: «أصبح يوم 21 سبتمبر بالنسبة لنا، يوم شؤم لما حل بنا من معاناة كانت سببها النكبة».
الخولاني وهو أحد الموظفين الذين سرحهم الحوثيون من وظائفهم في صنعاء، أضاف في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن المليشيات «منذ انقلابها على الدولة ونهب مؤسساتها، سرقوا رواتبنا، ونشروا الجوع والفقر بين المواطنين، ومارسوا الجبايات والاتاوات الهائلة بقوة السلاح».
وأشار إلى أن «نكبة 21 سبتمبر/أيلول، تتجسد في وجوه الموظفين المحرومين من مرتباتهم ويعيشون الجحيم، حتى باتت أبسط حقوقهم بعيدة المنال، وأجبروا على العمل بلا راتب فيما أطفالهم بالمنازل يتضورون جوعا».
عقد «المآسي»
لم تكن آثار انقلاب الحوثي على الخولاني وحده، فهذا طالب الإعلام الناجي من معتقلات الحوثي محمد الصلاحي هو الآخر كان عرضة لـ«بطش أشد في عقد المآسي» لمليشيات الحوثي المدعومة من إيران.
وفي حديثه لـ«العين الإخبارية»، سرد الناجي من معتقلات الحوثي رحلة تعذيبه وتنقلاته من سجن إلى آخر منذ اختطافه وهو في عامه الأخير من دراسة الإعلام في جامعة الحديدة.
«الحوثيون دمروا حياتي الدراسية والمهنية، تعرضت للاختطاف والسجن من قبل مليشيات الحوثي وأنا في السنة الرابعة للجامعة بقسم الإعلام، وبعد 5 أعوام حاولت العودة للدراسة لكن رفضوا بحجة اعتقالي مما دفعني للانتقال للمناطق المحررة»، يضيف الصلاحي.
وتابع: «نكبة 21 سبتمبر/أيلول هي ذكرى تكشف حجم أوجاعنا، حيث تأثرت نفسيا بشكل كبير وتعرضت لتعذيب جسدي ونفسي في معتقلات مليشيات الحوثي».
الصلاحي قال إنه كطالب جامعي احتاج لـ10 سنوات للحصول على شهادة البكالوريوس بدلا من 4، منها 5 في المعتقل والـ5 الأخرى حاول خلالها الالتحاق بإحدى الجامعات لغرض إكمال آخر الأعوام الدراسية.
«زيف النكبة»
مظهر آخر من مظاهر نكبة الحوثيين، التي ضربت اليمن، فالبلد الآسيوي بات يعيش تحت وطأة أعنف موجة اختطافات للحوثيين لأنصار الثورة اليمنية، وكل من أحيا ذكرى 26 سبتمبر/ أيلول 1962.
هذا ما قاله الناشط الإعلامي محمد عبدالحكيم، في حديث لـ«العين الإخبارية»، مشيرًا إلى أن «انقلاب الحوثي مناسبة لكشف التاريخ المزيف لجماعة قوضت السلام والأمن والاستقرار وتحاول هدم عقود من كفاح اليمنيين».
وأضاف أن الحوثيين اختاروا يوم 21 لـ«طمس تاريخ الثورة اليمنية 26 سبتمبر/أيلول واستخدموا الظلم والجور وآلة القمع والتوحش لحكم اليمنيين بالقوة»، مشيرًا إلى اختطاف العشرات خلال الأيام الحالية في صنعاء وإب والبيضاء ومحافظات أخرى.
فـ«النكبة يمكن مشاهدتها في وجه الموظف المحروم من مرتبه، والمواطن الكادح الذي صُودرت حريته وكرامته وبات عاطلا عن العمل»، يقول الإعلامي اليمني، مضيفًا: في المقابل هناك صورة أخرى للثراء الشخصي ولسلاح منفلت نهب المال العام وذهب يهدد مصالح العالم ويرفض خدمة الناس.