ذكرى «26 سبتمبر» تقض مضاجع الحوثي.. اختطافات وتهديدات
هلع وتهديدات، اختطافات وحالات طوارئ، قمع للنشطاء، اقتحام منازل، ورفض لأي نشاط، هذا هو حال مليشيات الحوثي مع اقتراب ذكرى الثورة اليمنية.
فبينما كلفت مليشيات الحوثي قياداتها في صنعاء، يوم الثلاثاء الماضي، بمهمة الإعداد لأحياء الذكرى الـ10 لنكبة انقلابها في اليمن تزامنا مع تهديدات وتحركات مشبوهة، رمت بثقل كبير من جهدها الأمني والعسكري لمواجهة أي صوت في مناطق سيطرتها يتبني إحياء العيد الـ62 لثورة الـ26 من سبتمبر/أيلول 1962.
وفرضت مليشيات الحوثي حالة طوارئ غير معلنة واستنفر جهازها عناصره، وعقال الحارات، المرتبطين به في مناطق الانقلاب خصوصا في صنعاء لفرض رقابة لصيقة على منصات التواصل الاجتماعي وأي نشاط مجتمعي.
اختطافات والمؤتمر في طليعة المستهدفين
وداهمت مليشيات الحوثي العديد من المنازل في محافظتي صنعاء وإب ومحافظات أخرى تخضع لسيطرتها، واختطفت نشطاء وقيادات سياسية وقبلية وأكاديمية، إثر دعواتهم للاحتفال بعيد الثورة على حساباتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"إكس".
وذكرت مصادر سياسية وإعلامية أن مليشيات الحوثي استغلت مناسبة ذكرى ثورة 26 من سبتمبر/أيلول لقمع واختطاف العديد من قيادات وأعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام جناح صنعاء، وذلك بعد أسابيع من إزاحة أتباعه من الأدوار الشكلية في حكومتها الطائفية والأمنية.
ومن بين الذي اختطفتهم مليشيات الحوثي، "أحمد العشاري"، و"علي جرمل"، و"نايف النجار"، و"الشيخ أمين راجح"، و"الأكاديمي سعيد الغليسي"، وجميعهم أعضاء في اللجنة الدائمة في حزب المؤتمر الشعبي العام جناح صنعاء، أعلى هيئة تقريرية داخل حزب الرئيس الراحل علي عبدالله صالح.
وهذه هي الحملة الثانية التي تشنها المليشيات ضد قيادات وأعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام، ففي مايو/أيار الماضي، أبلغ مصدر سياسي "العين الإخبارية"، أن المليشيات اختطفت أكثر من 50 قياديا بحزب المؤتمر، بينهم 10 أعضاء من اللجنة الدائمة، وفرضت إقامة جبرية ومنع السفر على قيادات الصف الأول والثاني مع عائلاتهم.
وينظر زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي لحزب المؤتمر الشعبي العام في مناطق سيطرته على أنه "عدو داخلي"، في ظل تقديرات تشير إلى أن عدد كوادر هذا الحزب تصل لقرابة 7 ملايين في اليمن وخارجه.
وفي محافظة إب، أبلغ ناشطون عن اختطاف مليشيات الحوثي شابين وهم "أمجد مرعي" و"يحيى الجعشني" من حي "أحوال رمضان" و"المدينة القديمة" بسبب دعواتهما للاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر/أيلول.
وكان الحوثيون قد اختطفوا خلال النصف الأول من سبتمبر/أيلول الماضي أكثر من 22 شخصا وناشطا في صنعاء وإب وحتى الحديدة على خلفية ذات المناسبة، بالإضافة للمشاركة في احتجاج يطالبها بإغاثة منكوبي الفيضانات.
تهديدات بالتصفية
ولتخويف ناشطي وأعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام، دفعت مليشيات الحوثي بأحد قيادات الحزب المعروف عنه الارتباط الوثيق بزعيم المليشيات، لتوجيه تهديدات تصل حد التصفية والهجوم على الثورة التي انطلقت شرارتها عام 1962 وأطاحت بنظام الإمامة شمال البلد بعد أكثر من ألف عام من الحكم في فترات متقطعة.
وخرج الوزير السابق للتعليم العالي في حكومة الانقلاب غير المعترف بها حسين حازب، يزعم أن الاحتفال بثورة 26 سبتمبر/أيلول هو حكر خاص تنظمه حكومة المليشيات، رغم الإطاحة به من منصبه مؤخرا.
وهاجم حازب، المقرب من القيادي الحوثي علي القحوم ذراع المليشيات المعنية بالأحزاب السياسية، ذكرى عيد الثورة اليمنية ووصفها بـ"البورة" أي الكاسدة والرخيصة، مطالبا من وصفهم بـ"بالثائرين" بالتعقل، مضيفا أن الحكومة غير المعترف بها لم ترخص للراغبين بإحياء هذه الذكرى.
وهدد حازب أنصار الاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر/أيلول ضمنيا بالتصفية والقتل، خاصة القيادات القبلية والحزبية والمدنية التي تبنت دعوات الاحتفاء، وذلك بعد استدلاله بأحد الأمثلة الشعبية القائلة "من نصحك بالقتل لن يعاونك بالدية"، وهو مثل يمني دُرج استخدامه على من يتلقى مشورة الآخرين التي قد تقوده للمهالك.
وكان قادة مليشيات الحوثي اتخذوا مواقف متطرفة منذ بداية شهر سبتمبر/أيلول الجاري، وذلك تجاه كل من احتفى أو تبنى ودافع عن الاحتفال بالذكرى، فيما هاجم ناشطين للجماعة مرتبطين بجهازها الأمني، المقاومة الوطنية اليمنية بالوقوف خلف الحراك الشعبي، لتبرير وحشيتها تجاه الأصوات الشعبية.
الشرعية تندد
ونددت الحكومة المعترف بها دوليا بحملات اختطافات الحوثي لنشطاء وقيادات سياسية وقبلية تبنت الدعوة للاحتفال بالعيد الـ62 لثورة 26 سبتمبر/أيلول، وسط مطالبات لها بتأطير الشرارات الشعبية وتنويع آلياتها ومناسباتها لقض مضاجع الجماعة المدعومة إيرانيا.
وأدان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني بأشد العبارات اقتحام مليشيات الحوثي منازل عدد من قيادات وكوادر المؤتمر الشعبي العام في صنعاء، واقتيادهم إلى مكان مجهول، على خلفية دعواتهم للاحتفال بذكرى الثورة.
واعتبر المسؤول اليمني أن هذه الاختطافات هي "تصعيد خطير" و"قمع وتنكيل لإرهاب القيادات السياسية والمدنية والصحفيين والإعلاميين والحقوقيين والنقابيين والناشطين في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرة المليشيات".
كما اختطف الحوثيون أصحاب العديد من الأصوات الرافضة لسطوتهم ومن بينهم "رداد الحذيفي"، و"سحر الخولاني" وهددوا بالتصفية والاختطاف والتعذيب، نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي دعوا للاحتفال بعيد الثورة.
وكانت مليشيات الحوثي بدأت بالتزامن مع الهجوم الإسرائيلي على أجهزة الاتصالات لحزب الله، على الفور تحركاتها عبر ذراعها المعنية بالفعاليات الشعبية استعدادا لإحياء ذكرى نكبتها الـ10 في 21 سبتمبر/أيلول، وهو وضع يماثل تصرفها لاستثمار يوم "المولد النبوي" في إطلاق صاروخ نحو تل أبيب بعد شهر من الاستعدادات.
كما أحيت المليشيات عدة فعاليات بذكرى النكبة، منها قبل يومين في صنعاء بحضور قيادات الشأن العام، خاصة المنحدرين من المحافظات الجنوبية التي دفعت بهم للتصدر مع الاتشاح بالعلم اليمني بدلا من شعار المناسبة أو العلم باللون الأخضر الذي يحمل هوية الجماعة، في موقف يفسر توجهاتها جنوبا، وفق مراقبين.