بوصلته ردع الحوثي ووأد الإرهاب..حراك يمني جديد يقوده صالح والزبيدي
مثّل اتفاق المقاومة الوطنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، على التنسيق والتعاون، أملا لليمنيين بالخروج من «نفق الحوثي المُظلم».
ومنذ تنصلها من جهود السلام الإقليمية والأممية، وشنها هجمات بحرية، ظلت مليشيات الحوثي تخوض أخطر المعارك على الإطلاق ومن طرف واحد، إذ استهدفت تفكيك حواضن الشرعية ونسيج لحمتها، وشل الحكومة اليمنية اقتصاديا وعسكريا وأمنيا وسياسيا في معقل نفوذها.
وقاد نائبا رئيس مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح وعيدروس الزُّبيدي حراكا مهما ابتداء من لقاءات ونقاشات للمكتب السياسي للمقاومة الوطنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، بهدف التعاون والتنسيق.
مؤامرة الحوثي على عدة مسارات
حراكٌ يهدف إلى التصدي لتحركات الحوثيين التي شملت مسارات عدة وتحت يافطات مختلفة. ففي مناطق سيطرتهم صاغوا منظومة الانقلاب التنفيذية والتشريعية وبلون طائفي أمني واحد، وفي مناطق الشرعية كثفوا بشكل غير مسبوق استقطاب وتجنيد وزرع الخلايا وإثارة الفوضى مع زخم إعلامي لبث سموم الفتنة في المعسكر المناهض للانقلاب.
كما زود الحوثيون تنظيم القاعدة بالمسيرات والأسلحة وأطلقوا معتقليه لإرباك الجنوب، حسب مصادر يمنية تحدثت في وقت سابق لـ "العين الإخبارية" وتقارير وسائل إعلام غربية، وذلك بالتزامن مع هجمات برية للمليشيات، كان أبرزها في الأيام الماضية، والتي استهدفت التقدم لاختراق محوري الضالع ولحج.
وفي الملف الاقتصادي واصل الحوثيون تعزيز الانقسام على كافة المستويات، حيث شيدوا بنوكا وشركات صرافة وتحويل أموال خاصة، أصدر البنك المركزي اليمني قرارا رسميا بحظر التعامل معها، وأنعشوا ميناء الحديدة على حساب ميناء عدن، واتجهوا لتشييد طيرانهم الخاص، تزامنا مع تأهيل مطار الجند بتعز بجانب مطار صنعاء، وعمدوا إلى احتجاز الطائرات التي تملكها الدولة اليمنية، حسب ما أعلنت الخطوط الجوية اليمنية.
وسياسيا، أوكل الحوثيون للقيادي عبد الواحد أبو راس، الذي عُين نائبا لوزير الخارجية في الحكومة غير المعترف بها، وهو من أخطر قادة الجناح الأمني، مهمة تفكيك دبلوماسية الحكومة اليمنية في الخارج. وفق مصدر خاص تحدث لـ "العين الإخبارية".
ثغرة في النفق المظلم
وأمام هذه التحديات، أتى حراك طارق صالح وعيدروس الزُّبيدي، حيث ترأسا يوم أمس الإثنين، اجتماعًا مشتركًا للمقاومة الوطنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، لبحث "سبل التعاون والتنسيق المشترك؛ بما يعزز الجهود المبذولة لمواجهة مليشيا الحوثي وجماعات الإرهاب والتطرف بمختلف أشكاله". بحسب بيان مشترك صادر عن الاجتماع.
وتوج هذا الحراك بتشكيل "لجنة تواصل وتنسيق لمتابعة المستجدات"، كضرورة لتحقيق الفاعلية في مختلف الملفات والقضايا ذات الصلة، وفق البيان نفسه.
وفتح هذا الحراك "ثغرة في النفق المظلم"، باعتباره خطوة مهمة تمهد لوحدة السلاح والمعلومة والصوت وتوسيع وتمتين الجبهة الداخلية وتنويع خيارات الردع لإنهاء انقلاب الحوثي وأعوانه، وكذلك التنظيمات الإرهابية، وفقا لمراقبين.
ورحب عضو مجلس القيادة الرئاسي عبدالله العليمي، بهذا الحراك لـ "تعزيز وحدة الكلمة وتماسك الصف الوطني"، معتبرا أنه "علامة صحية في جسد الدولة".
وقال إن "حجم التحديات التي يمر بها البلد تقتضي أن يعمل الجميع وفق الإطار الجامع للكلمة الموحد للصف استجابة لتطلعات الشعب اليمني وطموحاته".
شجاعة يمنية ذات بعد إقليمي
واعتبر ناشطون وسياسيون يمنيون، أن حراك المقاومة الوطنية والمجلس الانتقالي الجنوبي "يعكس رغبة حقيقية في تعزيز العمل المشترك واستجابة ضرورية لردع حرب الحوثي المتنوعة وأذرعه من التنظيمات".
ورأى الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة في اليمن سمير اليوسفي، أن هذه "الجهود تأتي لمواجهة التهديدات المتزايدة، وتبعث برسالة واضحة عنوانها مواجهة التحديات الراهنة والتنسيق الفعال وطي الانقسام".
وأوضح اليوسفي، أن "تشكيل لجنة للتواصل والمتابعة لتعزيز العمل المشترك وضمان استمراريته، يفتح الباب لتنسيق أكبر على مستويات عسكرية وسياسية مختلفة تُقلل من التوتر البيني وتوجه الجهود نحو تحرير المناطق الخاضعة للحوثيين".
وأكد أن "هذا التعاون لا يقتصر على الداخل اليمني، بل يحمل أبعادًا إقليمية مهمة، فمن خلاله، قد يجد اليمن دعمًا إقليميًا ودوليًا أكبر، لاسيما من دول التحالف العربي التي تسعى لاستقرار المنطقة".
من جهته، قال الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية سعيد بكران، إن هذه "اللقاءات والتنسيق يعدان ضرورة لخلق رؤية واضحة على كل المستويات بشجاعة تنظر للمستقبل في مواجهة الحوثيين ومعالجة جروح الماضي".
وهو ما أكده السياسي اليمني عادل المسعودي، معتبرا أن الحراك الأخير في جبهة المعسكر المناهض للانقلاب، "خطوة شجاعة ودفعة قوية لتوحيد المعركة وتجاوز الخلافات وتوحيد الصف لمواجهة مليشيات الحوثي والجماعات الإرهابية بمختلف أشكالها".
وأضاف أن "هذه التحركات رفيعة المستوى تنم عن حنكة وإرادة ورؤية ثاقبة للطرفين، إذ إن التباينات موجودة لكنها لن تمنع التواصل والتنسيق لمواجهة الكثير من القضايا والملفات، وفي مقدمتها مواجهة مشروع الحوثي التوسعي وداعميه من الجماعات الإرهابية".