ماذا بعد "استفتاءات الضم" في أوكرانيا؟
بعد انتهاء الاستفتاءات التي أجرتها الإدارات الموالية لروسيا في أوكرانيا، تزداد التساؤلات حول الخطوة المقبلة، وسط مخاوف من أنها قد تخلق ذريعة لمرحلة جديدة وخطيرة من الحرب في ظل رفض الغرب لها واعتبارها صورية والإعلان عن مزيد من الدعم العسكري لكييف.
وتصل تلك الاستفتاءات مقترنة بالحرب المستعرة منذ سبعة أشهر إلى نقطة تحول، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية، مشيرة إلى أن الهجمات المضادة السريعة التي شنتها أوكرانيا أدت إلى إمالة كفة الميزان في ساحة المعركة بعيدا عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي من المتوقع أن يصعد الحرب ردا على ذلك.
وبحسب "سي إن إن" فإن "التصويت" والنتائج التي أعلنت روسيا وحلفاؤها المحليون تأييدها للضم، خطوة في جهود موسكو لاستعادة السيطرة على أوكرانيا.
ماذا يحدث؟
أجرت أربع مناطق من الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا تصويتا على الانضمام إلى روسيا، بحسب الزعماء الانفصاليين بتلك الأراضي، في خطوة لضم روسي لتلك المناطق.
وتعقيبا على الاستفتاءات، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن الأسبوع الماضي إن "الاستفتاءات الروسية صورية – ذريعة مزيفة لمحاولة ضم أجزاء من أوكرانيا بالقوة في انتهاك صارخ للقانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة".
ودعا إلى التصويت، الذي أجري على مدار خمسة أيام، المسؤولون الموالون لروسيا في الجمهوريتين المعلنتين من طرف واحد دونيتسك ولوهانسك في الشرق، وفي الأجزاء التي تسيطر عليها روسيا بخيرسون وزابوريجيا جنوب أوكرانيا، حيث اختلفت الأسئلة على بطاقات الاقتراع قليلًا بحسب المنطقة.
ومعا، تشكل المناطق الأربع حوالي 18% من الأراضي الأوكرانية. ويوم الثلاثاء، أصدرت اللجان الانتخابية بالمناطق التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا نتائجها.
وفي زابوريجيا، قال رئيس لجنة الانتخابات إن النتيجة النهائية كانت 93.11% لصالح روسيا الاتحادية. وفي جمهورية لوهانسك، أفادت لجنة الانتخابات بأنه بعد فرز 91.2% من البطاقات، كانت 98.54% لصالح الانضمام إلى روسيا.
وفي جمهورية دونيتسك، ومع فرز 32% من الأصوات، كان إجمالي الأصوات مع الانضمام إلى روسيا 93.95%. وفي خيرسون، قالت قناة تليجرام التابعة للإدارة الموالية لروسيا إنه مع فرز جميع الأصوات، كانت 87.05% منها لصالح الانضمام إلى روسيا، و12.05% ضد الانضمام.
وهذا يشبه ما فعلته روسيا لضم شبه جزيرة القرم عام 2014؛ حيث تم إجراء استفتاء هناك، والذي شهد 97% من الأصوات تدعم الضم، وصدق عليه المشرعون الروس في غضون أسبوع.
وهذه المرة، تخطط بعض المناطق لإعلان نتائجها في وقت أقرب من غيرها. وكان من المقرر انتهاء التصويت، الثلاثاء. وقالت السلطات في لوهانسك إنهم سيعلنون النتائج اليوم التالي لانتهاء التصويت، في حين قالت السلطات في خيرسون إنهم سينتظرون خمسة أيام بعد إغلاق الصناديق.
وهذا يعني أنه سيتم الإعلان عن النتائج بحلول بداية الأسبوع المقبل، لكن قد تأتي في وقت أسرع.
بدورها، قالت وزارة الدفاع البريطانية إن "هناك إمكانية حقيقية" لأن بوتين سيستخدم خطابه أمام البرلمان الروسي، الجمعة، "ليعلن رسميا انضمام المناطق المحتلة من أوكرانيا إلى روسيا الاتحادية".
وكانت شبكة "سي إن إن" قد أجرت استطلاعا للأوكرانيين في فبراير/شباط، قبل الحرب الروسية مباشرة، ووجدت أن لا منطقة في البلاد بها أكثر من واحد من كل خمسة أشخاص يدعمون اتحاد أوكرانيا مع روسيا.
وحتى في الشرق –أكثر المناطق الموالية لروسيا في أوكرانيا– قال أقل من ربع الأوكرانيين إن المناطق التي بدت روسية أكثر يجب السماح لها بمغادرة أوكرانيا وأن تصبح جزءًا من روسيا.
ووجد الاستطلاع أن 18% من الأوكرانيين في الشرق – بما في ذلك منطقتي لوهانسك ودوينتسك – وافقوا على مقترح أن "تصبح روسيا وأوكرانيا بلدا واحدا"، في حين أيد ذلك 16% من الأوكرانيين في الجنوب، الذي يتضمن خيرسون وزابوريجيا.
التصويت
من جانبه، قال رئيس الإدارة العسكرية الإقليمية في لوهانسك الأوكرانية سيرهي هايداي إن السلطات كانت تمر على الأبواب، ويتبعها حراس مسلحون، لجمع الأصوات.
وأضاف هايدي عبر تليجرام: "إذا اختار شخص علامة "ضد" الانضمام إلى روسيا، يتم تسجيل البيانات في بعض المذكرات. وتنتشر شائعات بأن الناس الذين يصوتون ضد (الانضمام إلى روسيا) يتم اقتيادهم إلى مكان ما. يحدث ذلك عمدا لتخويف السكان المحليين".
ماذا تريد روسيا؟
فيما يتعلق بالقانون الدولي، لن تحقق الاستفتاءات أي شيء لأن المجتمع الدولي يرفضها بقوة. لكن داخليا، سيتمكن بوتين من ادعاء أن إرادة الأوكرانيين المحتلين هي الانتماء إلى أوكرانيا – وبالتالي إعطاء ذريعة مزيفة لجهوده لاستعادة تلك الأراضي باعتبارها أراضي موسكو.
وقال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي خلال الأيام الأخيرة إن روسيا قررت بالفعل مسبقا ما سيحدث بعد انتهاء تلك الاستفتاءات، مشيرًا إلى أنه "بحلول نهاية الشهر، ستنوي روسيا إضفاء الطابع الرسمي لضم المناطق الأربع إلى روسيا الاتحادية".
وأثار ذلك مخاوف من أن بوتين سيسعى لتصعيد الحرب بمجرد إعلان "النتائج". وأشار مسؤولون غربيون إلى أن بوتين سيسعى على الأرجح إلى إعادة تصوير هذا الهجوم المضاد وأي هجوم آخر على أنه هجوم على سيادة روسيا.
وخلال الأسابيع الأخيرة، شهدت روسيا انتكاسات في ساحة المعركة؛ حيث تمكنت أوكرانيا عبر هجومها المضاد الذي بدأ الشهر الماضي من استعادة آلاف الأميال في غضون أسابيع فقط. وأخرجت القوات الروسية من مساحات من منطقة خاركيف، حيث وعدوا السكان المحليون بأن "روسيا جاءت لتبقى للأبد"، وبدأت خسارة الأراضي في دونيتسك ولوهانسك التي سيطروا عليها منذ قبل 24 فبراير/شباط.
وقال محللون، بحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية، إن روسيا تجري عمليات الضم الآن من أجل وقف تراجعها. ومن خلال إعلان أن تلك الأراضي جزء من روسيا، تهدد موسكو باستجابة ساحقة، بما في ذلك هجوم نووي محتمل، في إطار حرب دفاعية ما لم توقف أوكرانيا جهودها لتحرير أراضيها.
وبالتهديد بتصعيد ضخم، تسعى روسيا لإبطاء خسارتها حتى يمكن لقواتها إعادة تنظيم صفوفها.
جدول زمني
توقع كثيرون أن يلقي بوتين خطابا أمام مجلس الاتحاد، الجمعة الموافق 30 سبتمبر/أيلول، ليتخذ قرارا بضم الأراضي رسميا. وبموجب القانون، يجب تقديم هذه المواثيق إلى مجلس الاتحاد، ثم يتعين على بوتين التوقيع عليها.
ويمكن تنظيم ذلك خلال وقت قصير. لكن أشار مجلس الاتحاد الآن إلى أنه لن يعقد جلسة خاصة يوم الجمعة. وإن صح ذلك، إذا فإن الجلسة التالية المخطط لها ستجرى في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وربما يشير ذلك إلى أن روسيا تتوقف من أجل المفاوضات مع كييف والغرب لإبطاء التقدم الأوكراني، أو أنها تختبر الدعم المحلي للضم.
ماذا بعد الضم؟
اعتبرت "الجارديان" أن ذلك هو السؤال الرئيسي، مشيرة إلى أن بوتين وكبار المسؤولين الآخرين اقترحوا أنهم سيبدأون معاملة الهجمات على المناطق التي سيتم ضمها باعتبارها هجمات على أراض روسية ذات سيادة ما يعني إمكانية استخدام السلاح النووي.
ووجهت أوكرانيا بالفعل ضربات داخل روسيا خلال الحرب، بما في ذلك الهجمات المدمرة على قاعدة روسية في القرم. ومع ذلك، تقول موسكو الآن إنها جادة وتهدد بالتصعيد.