مراقبون لـ"العين الإخبارية": قمة السيسي وبوتين تعزز قوة علاقات البلدين
أكدوا أن علاقات البلدين متنامية عززتها مشروعات عملاقة
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يبدأ زيارة رسمية إلى روسيا تستمر 3 أيام، يلتقي خلالها نظيره الروسي، في قمة هي التاسعة من نوعها.
بدأ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الإثنين، زيارة رسمية إلى روسيا تستمر 3 أيام، يلتقي خلالها نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في قمة هي التاسعة من نوعها، منذ عام 2014، في إشارة إلى تنامي العلاقات بين القاهرة وموسكو.
وقال مراقبون لـ"العين الإخبارية" إن التطور النوعي اللافت في العلاقات المصرية-الروسية، الممتدة منذ 75 عاما، ارتبط بثورة 30 يونيو/حزيران 2013 ووصول السيسي إلى الحكم، حيث كانت روسيا من أوائل الدول التي أيدت اختيارات الشعب المصري، فضلا عن أن علاقتها بمصر تتناغم مع مساعيها لاستعادة نفوذها الدولي، في ظل ما تمثله القاهرة من ثقل في إقليم الشرق الأوسط، إضافة إلى أن الزيارة تعزز قوة العلاقة بين البلدين.
- السيسي يبدأ زيارة إلى روسيا تتضمن قمة مع بوتين
- مصر وروسيا توقعان اتفاقية إنشاء المنطقة الروسية بمحور قناة السويس
وعلى مدار السنوات الخمس الماضية أسفرت العلاقات المميزة بين البلدين عن تعاون تجاري وعسكري وسياسي واسع، جسدته مشروعات مشتركة عملاقة، أبرزها المحطة النووية، والمنطقة الصناعية الروسية وغيرهما.
تعاون اقتصادي كبير
البرلماني المصري طارق رضوان، عضو مجلس النواب، اعتبر أن زيارة الرئيس السيسي لروسيا، التي تناقش عددا من القضايا السياسية والاقتصادية، تتعلق بشكل رئيسي بمساعي مصر لزيادة الاستثمارات الروسية، خاصة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وتوسيع مشروعات المنطقة الصناعية الروسية، وزيادة حركة السياحة الروسية الوافدة، حيث لا تزال موسكو تعلق الرحلات الجوية إلى منتجعات مصر السياحية في شرم الشيخ والغردقة، منذ سقوط طائرة ركاب روسية فوق سيناء عام 2015.
وأوضح رضوان أن ما يميز الزيارة أيضا هو إلقاء الرئيس السيسي كلمة أمام مجلس الفيدرالية الروسي بموسكو، وهو الغرفة الأعلى في البرلمان الروسي، حيث ستكون الأولى لرئيس دولة أجنبية، في إطار جهود تعزيز العلاقات البرلمانية والشعبية بين مصر وروسيا.
وخلال السنوات الماضية، شهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تناميا كبيرا، وذكرت بيانات البنك المركزي المصري أن حجم التبادل التجاري بين البلدين في الفترة من يوليو/تموز 2017 إلى مارس/آذار 018، بلغ حوالي 2.8 مليار دولار، مرتفعا بواقع 773 مليون دولار عن الفترة نفسها في العام المالي السابق، كما شهد العام الجاري توقيع اتفاقية إنشاء منطقة صناعية روسية في السويس.
قفزة في العلاقات العسكرية
من جهة أخرى، شهد التعاون العسكري قفزة كبيرة في السنوات الخمس الماضية، خاصة أن الزيارة الأولى للرئيس السيسي إلى روسيا كان وهو وزير للدفاع عام 2014، وبدأ معها اتفاقات لتحديث الترسانة العسكرية المصرية وتزويدها بالسلاح الروسي، في إطار خطة مصر لتنويع مصادر التسليح.
وحسب وكالة "سبوتنيك" الروسية، فقد تركز التعاون العسكري على دعم قدرات الدفاع الجوي المصري، عبر تحديث منظومة تحديث منظومة الدفاع الجوي قصيرة المدى إلى منظومة (تور إم 2)، ومنظومة الدفاع الجوي متوسطة المدى إلى منظومة (بوك إم 2)، فضلا عن إهداء روسيا القطعة البحرية (مولينيا 32 بي) للقوات البحرية المصرية.
وإضافة للتسليح، فقد شهد التعاون بين البلدين في المجال العسكري تدريبات مشتركة لوحدات المظلات تحت عنوان "حماة الصداقة".
السفير علاء الحديدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، يرى أن "أحداث ثورة 30 يونيو/حزيران 2013 وما تلاها من تولي قيادة جديدة في مصر تؤمن بأهمية العلاقات المصرية الروسية كانت بمثابة عودة الروح إلى تلك العلاقة الممتدة منذ 75 عاما، وذلك تجلى بعقد آلية 2+2 (اجتماع وزيري الدفاع والخارجية في البلدين) في نوفمبر/تشرين الثاني من ذلك العام بالقاهرة، ليعقبه بعد ذلك سلسلة من الزيارات والاتفاقيات والصفقات خاصة في المجال العسكري، بما عزز قوة هذه العلاقة".
وأوضح السفير أنه "رغم ما شاب العلاقة بعض التراجع إثر حادث سقوط الطائرة الروسية في سيناء، وتوقف السياحة الروسية إلى مصر، إلا أن العلاقات عادت لزخمها السابق بعد ذلك مع زيارة الرئيس الروسي للقاهرة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، والتوقيع على عقد بناء المفاعل النووي".
ولم يكن التعاون الاقتصادي والعسكري الوحيد بين البلدين الذي شهد قفزات، فسياسيا كان الموقف الرسمي المصري الداعي للحفاظ على كيانات الدول العربية يتلاقى مع الموقف الروسي، خاصة في ملفات سوريا وليبيا والعراق. وتقول هدى رؤوف، الخبيرة في العلاقات الدولية: "نجد تفاهما وتقاربا مصريا روسيا في ملفات إقليمية مهمة مثل الملف السوري والتوافق على وحدة الأراضي السورية بعيدة عن التفكك، وهناك أيضا تقارب بشأن الموقف من التنظيمات الإرهابية لاسيما الإخوان".
كما أشارت إلى "التقارب بشأن حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وهو أمر انعكس في التصويت على قرارات مجلس الأمن الدولي".
وأكدت رؤوف أن "مصر تعمل على التحرك في مختلف الاتجاهات وعدم الاستثمار في العلاقات المصرية الأمريكية فقط، فنجد أنها نوعت مصادر التسليح العسكري ما بين مشترياتها من روسيا وفرنسا، ولا ننسى التعاون الروسي في مجال التكنولوجيا النووية والتعاون في مشروع الضبعة النووي".
حذر مصري
غير أن السفير الحديدي يرى أن "التطورات الإيجابية في العلاقات المصرية الروسية لم تتم بمعزل عن مراقبة الغرب لها بشكل حثيث"، مؤكدا أن "الغرب ينظر بكل توجس لعودة روسيا لاستعادة دورها مرة أخرى على الساحة الدولية، وأن هناك حديثا يتواتر بين الحين والآخر عن العلاقات المصرية الروسية، وعن توجهات مصر الخارجية ومدى تحالفها مع موسكو، ومساعي الأخيرة لجذب القاهرة بعيدا عن الغرب".
وأضاف "هذا الأمر يفرض على القاهرة أخذ هذه المخاوف الغربية في الحسبان، وهو ما يعني أهمية شرح أن تطوير العلاقات المصرية الروسية يأتي في خدمة المصلحة المصرية أولا، وأن ذلك لا يتعارض مع موقف مصر الثابت من الحياد ما بين القوتين النوويتين، وعدم الانحياز لأي طرف ضد الطرف الآخر"، حسب رأيه.
aXA6IDMuMTQ1LjE2Ny41OCA= جزيرة ام اند امز