واشنطن فرضت عقوبات على موسكو؛ على خلفية اتهامها بالوقوف وراء قرصنة معلوماتية طالت الحزب الديمقراطي.
فرضت واشنطن، أمس الخميس، عقوبات على موسكو؛ على خلفية اتهامها بالوقوف وراء قرصنة معلوماتية طالت الحزب الديمقراطي والبريد الإلكتروني لفريق المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، وأثرت على الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لتغير وجه أمريكا والعالم أجمع.
الإجراء الأبرز الذي اتخذته الولايات المتحدة ردا على القرصنة الروسية، كان طرد 35 عنصرا في الاستخبارات الروسية في غضون 3 أيام.
وأعلن وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، الجمعة، أن بلاده ستطرد 35 دبلوماسيا أمريكيا ردا على العقوبات التي فرضتها واشنطن.
لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عاد وأعلن أن بلاده "لن تطرد أحدا" ردا على عقوبات واشنطن.
تقنيا، يبدو من الصعب تقديم أدلة غير قابلة للدحض تتيح تحديد هوية المنفذين والهدف من عملية القرصنة.
وهذه القضية تثير القلق حتى في أوروبا؛ حيث تشهد ألمانيا وفرنسا انتخابات في العام 2017 وبات مسؤولون سياسيون يتساءلون عن مدى تأثير أو حتى تدخل روسيا.
القصة الكاملة
الفضيحة انكشفت في يونيو/ حزيران، عندما أعلنت شركة "كراود سترايك" الأمريكية لأمن المعلوماتية أن مجموعتي قرصنة هما "فانسي بير" و"كوزي بير" اخترقتا أجهزة الكمبيوتر للحزب الديمقراطي.
المجموعة الأولى قامت بعملية الاختراق منذ صيف 2015 لرصد كل اتصالات الحزب الديمقراطي، بينما قامت المجموعة الثانية برصد وسرقة ملفات متعلقة بالمرشح الجمهوري دونالد ترامب اعتبارا من مارس/آذار 2016.
وشركة "كراود سترايك" واثقة بما تقوله، فمجموعة "كوزي بير" مرتبطة بجهاز الاستخبارات العسكرية الروسية "جي آر يو"، بينما "فانسي بير" مرتبطة بجهاز الامن الفدرالي الروسي "إف إس بي".
وبعد شهر من إعلان الشركة الأمريكية، باشر موقع "ويكيليكس" نشر قسم من الرسائل الإلكترونية التي تمت قرصنتها.
في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، توصلت وكالات الاستخبارات الأمريكية البالغ عددها 17، إلى خلاصة مفادها أن عملية القرصنة تم تنظيمها من روسيا، وكان ذلك في خضم الحملة الانتخابية الرئاسية الأمريكية، وبعد نشر رسائل إلكترونية مقرصنة بشكل شبه يومي لجون بوديستا مدير حملة كلينتون.
وتواصلت الاتهامات بعد فوز ترامب في الانتخابات، ونشرت صحيفة "واشنطن بوست" وثيقة تؤكد فيها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي ايه" أن روسيا تدخلت لصالح فوز قطب الأعمال.
في 12 ديسمبر/كانون الأول، أعلن الكونجرس فتح تحقيق برلماني حول التدخل الروسي في الانتخابات.
والخميس، أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن "35 عنصرا في الاستخبارات الروسية" هم مسؤولون في السفارة الروسية في واشنطن وفي القنصلية الروسية في سان فرنسيسكو باتوا "أشخاصا غير مرغوب فيهم".
كما أعلن فرض "عقوبات" على "9 كيانات وأفراد"، خصوصا ضد "إف اس بي" و"جي آر يو".
وردا على ذلك، اتهم الكرملين -الذي ينفي منذ البدء أي تورط في المسألة- واشنطن بـ"تدمير" علاقاتها مع موسكو بشكل نهائي، وأعلن وزير الخارجية سيرجي لافروف، الجمعة، أن بلاده ستطرد 35 دبلوماسيا أمريكيا.
هل لدى روسيا الوسائل التقنية للقيام بمثل هذه القرصنة؟
لا شك في أن القراصنة الروس بارعون وهذا تقليد متوارث من عهد الاتحاد السوفيتي عندما كان الأخير رائدا في التجسس الاقتصادي، وانتقلت روسيا بعدها للتركيز على أهداف سياسية.
الدولة الأولى التي دفعت ضريبة هذه المهارات كانت إستونيا في العام، فبعد خلاف دبلوماسي مع موسكو تعرضت الخوادم الرئيسية لأبرز مواقع الإنترنت لطلبات مكثفة بحيث لم تعد صالحة للاستعمال، كما ظل الرقم المخصص للطوارئ غير متوافر لمدة ساعة وهو أمر غير مسبوق على صعيد دولة.
كما تعرضت أوكرانيا وجورجيا اللتان شهدتا أيضا علاقات متوترة مع روسيا لهجمات مماثلة.
وقال رئيس تحرير موقع "اجينتا.رو" المتخصص في قضايا التجسس أندري سولداتوف: "بالنظر إلى تاريخ روسيا في الهجمات المعلوماتية أميل إلى الاعتقاد بأن هناك تنسيقا بين جهات خاصة وحكومية على أعلى مستوى".
ما الهدف من عملية القرصنة؟
اعتبر عدد كبير من المراقبين أن الهدف من التدخلات الروسية كان قبل كل شيء زعزعة الثقة بشرعية الانتخابات الأمريكية لإضعاف الإدارة المقبلة.
لكن تقريرا لوكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية "سي آي إيه" تم تسريبه إلى الصحف، مضى أبعد من ذلك، وأكد أن موسكو نظمت هذه العمليات لضمان فوز ترامب الذي غالبا ما أشاد بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال سولداتوف إنه يميل إلى الاعتقاد بأن العملية كانت تهدف لإضعاف كلينتون التي اعتبرها الكرملين "عدوة لدودة" منذ أعلنت دعمها عندما كانت وزيرة للخارجية لتظاهرات معادية لبوتين في العام 2011.
وتابع سولداتوف: "لست واثقا بأن الهدف الأول كان ضمان انتخاب ترامب".
aXA6IDMuMTQuMTM1LjgyIA== جزيرة ام اند امز