سيف ديموقليس.. لماذا قد تضع روسيا سلاحاً نووياً في الفضاء؟
مع إصدار رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي، تحذيراً غامضاً بشأن «التهديد الخطير للأمن القومي» الذي تمثله القدرة العسكرية الروسية السرية، تعمقت المخاوف خاصة مع نشر صحف أمريكية عن استعداد موسكو لنشر سلاح نووي في الفضاء.
مخاوف أكدها رئيس وكالة الفضاء الروسية يوري بوريسوف، الذي قال إن بلاده تعتزم دراسة مشروع إنشاء محطة نووية على سطح القمر بين عامي 2033 و2035 بمشاركة الصين.
ورغم أن المسؤول الروسي لم يتحدث عن سلاح تعتزم بلاده نشره في الفضاء، فإن تصريح رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب مايك تورنر، وما تلاه من تأكيد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي من أن موسكو تعمل على تطوير سلاح مضاد للأقمار الصناعية، ولد المخاوف، وأثار القلق داخل الأروقة الأمريكية.
فلماذا قد تضع روسيا سلاحًا نوويًا في الفضاء؟
تقول صحيفة «فورين أفيرز» في تقرير لها، إن الغرض من هذا السلاح قد يكون تدمير مجموعات الأقمار الصناعية واسعة النطاق المستخدمة في الاتصالات والاستطلاع.
وأشارت إلى أن القضاء على هذه الأنواع من أنظمة الفضاء يمكن أن يؤدي إلى تدهور فعالية قوات الدفاع الأوكرانية التي تعتمد بشكل كبير على الاتصالات والصور عبر الأقمار الصناعية التجارية، مؤكدة أن ذلك السلاح قد يقلل من فعالية الجيش الأمريكي وحلفائه، الذين يعتمدون بالمثل على هذه الأنظمة.
ورغم أن «القرار الذي ستتخذه روسيا بتفجير سلاح نووي في الفضاء سيؤثر على الأقمار الصناعية التابعة للكرملين أيضاً»، إلا أن موسكو قد تنظر إليه بـ«اعتباره مصدرًا جديدًا للضغط، أو سيف ديموقليس الذي يمكن أن يسلطه على الأنظمة الفضائية لكل دولة أخرى»، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وحذرت «فورين أفيرز»، من أن نشر روسيا سلاحًا نوويًا في الفضاء لمهاجمة أقمار صناعية أخرى، معتبرة إياه «تطورًا غير مسبوق وانتهاكًا واضحًا لمعاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967، وسيكلف الكرملين أكثر من فوائده».
ورغم أن «الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية التي أظهرتها موسكو غير قادرة على تدمير مجموعات الأقمار الصناعية واسعة النطاق التي تملكها وتديرها شركات خاصة بشكل فعال، إلا أنه يمكن لسلاح نووي مضاد للأقمار الصناعية تدمير أعداد كبيرة من هذه الأقمار الصناعية بضربة واحدة»، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وأشارت إلى أنه إذا قرر المسؤولون الروس نشر هذه القدرة، فلن يكون لدى واشنطن خيارات جيدة لإيقافهم.
وبحسب «فورين أفيرز»، فإنه إذا كانت روسيا تسعى إلى إيجاد طريقة أكثر موثوقية لتدمير أعداد كبيرة من الأقمار الصناعية بسرعة، فقد يرغب الكرملين بالفعل في إطلاق سلاح نووي مضاد للأقمار الصناعية في الفضاء.
وأشارت إلى أنه «من شأن النبض الكهرومغناطيسي الناتج عن الانفجار النووي أن يؤدي إلى احتراق المكونات الإلكترونية للعديد من الأقمار الصناعية الموجودة في المنطقة المجاورة، مما يجعلها عديمة الفائدة»، مؤكدة أنه «يمكن تحقيق نفس التأثير من خلال إطلاق سلاح نووي في أعلى الغلاف الجوي، لكن سيكون من الصعب اكتشاف سلاح نووي منتشر في الفضاء، ما سيحرم الدول الأخرى من التحذير من أن روسيا ربما تستعد لاستخدامه».
وحذرت من أن «الخسارة المفاجئة لأقمار الاتصالات والاستطلاع قد تكون كارثية بالنسبة للبلدان التي تعتمد على أنظمة الفضاء؛ فعلى سبيل المثال، من المرجح أن يؤدي فقدان أقمار ستارلينك الصناعية على نطاق واسع إلى إضعاف قدرة الوحدات الأوكرانية على تنفيذ ضربات منسقة ضد القوات الروسية بشكل كبير».
فهل تقدم روسيا على استخدام السلاح النووي في الفضاء؟
بحسب «فورين أفيرز»، فإن روسيا ستكون متحفظة بشأن استخدام مثل هذا السلاح، نظرا لأن العديد من أقمارها الصناعية من المحتمل أن يتم تدميرها أيضا، لكن حتى لو لم تقم موسكو مطلقًا بتفجير سلاح نووي في الفضاء، فإن مجرد وجودها في المدار سيكون مدعاة للقلق.
وأكدت أن التهديد باستخدام مثل هذا السلاح يوفر للكرملين درجة أخرى على سلم التصعيد، والتي يمكن أن يستخدمها لمحاولة ردع الولايات المتحدة عن اتخاذ أي إجراءات تعارضها، مشيرة إلى أن التهديد بنشر هذه القدرة قد يوفر للمسؤولين الروس ورقة مساومة في مفاوضات الحد من الأسلحة المستقبلية مع الولايات المتحدة، والتي قد تستخدمها موسكو للحصول على تنازلات بشأن القضايا التي كانت واشنطن مترددة في مناقشتها، مثل القيود على الدفاعات الصاروخية الوطنية.
هل يمكن ردع روسيا عن نشر السلاح؟
تقول «فورين أفيرز»، إنه إذا قررت روسيا نشر سلاح نووي مضاد للأقمار الصناعية، فلن يكون هناك الكثير مما يمكن القيام به لتغيير مسارها، مشيرة إلى أنه بمجرد اتخاذ الكرملين قراره بنشر قدرة نووية في الفضاء، فمن الصعب تصور إمكانية التفاوض بشأن هذا القرار.
وعبرت الصحيفة الأمريكية عن ارتياحها، من أن «موسكو لم تتخذ قراراً حازماً بعد، مما يمنح الحكومات الأخرى فرصة لمحاولة ثنيها»، مؤكدة أن «الخيار الأفضل المتاح للولايات المتحدة يتلخص في إقناع الصين والهند وغيرهما من الدول المرتادة للفضاء بالعمل بشكل جماعي على درء الكرملين من أجل سلامة أقمارها الصناعية».
«لكن واشنطن وحدها سوف تكافح من أجل أن يكون لها تأثير، إضافة إلى أنه مع تجميد الحوار بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن الحد من التسلح الآن، فمن المرجح أن تلقى الدعوات الثنائية الرامية إلى فرض تدابير للحد من الأسلحة الفضائية آذاناً صماء في الكرملين»، بحسب الصحيفة الأمريكية.
aXA6IDUyLjE1LjEzNi44OCA= جزيرة ام اند امز