«الهجوم المضاد» مجرد ذكرى.. هل يبقى شيء لأوكرانيا؟
حقق الجيش الروسي تقدما واضحا في مناطق انسحب منها خريف عام 2022، في تحول رفع حينها منسوب الأمل في قدرة كييف على "الصمود".
وأعلنت روسيا، السبت، أن قواتها سيطرت على ست قرى في شرق أوكرانيا، حيث تمّ إجلاء مئات الأشخاص من المناطق المحاذية للحدود الروسية في منطقة خاركيف.
وحققت القوات الروسية، التي تم طردها قبل عامين تقريبا من هذه المنطقة في شمال شرق أوكرانيا، مؤخرا تقدما ضد الجيش الأوكراني الذي يعاني نقصا في الأسلحة والمجندين.
وعقب الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا ونجحت من خلاله في دفع الجيش الروسي إلى الانسحاب تدفق الدعم الغربي على كييف، وارتفعت الآمال في إجبار موسكو على الامتثال لشروط حلف شمال الأطلسي.
لكن خلال الأشهر اللاحقة تجمدت الجبهات بعد أن نجحت التحصينات الروسية في صد هجوم مضاد خطط له في ربيع العام الماضي.
ومع تراجع الدعم الغربي وافتقار كييف للجنود والسلاح والكشف عن وقائع فساد وتربح تراجع زخم الدعم.
وفي أحدث تقدم أعلنت وزارة الدفاع الروسية، السبت، على تليغرام أن قواتها "حررت" قرى بوريسيفكا وأوغيرتسيف وبليتينيفكا وبيلنا وستريليتشا في منطقة خاركيف قرب الحدود مع روسيا، وكذلك قرية كيراميك في منطقة دونيتسك.
وفي الجانب الأوكراني، قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي إن المعارك متواصلة في 7 قرى حدودية بمنطقة خاركيف والوضع في دونيتسك متوتر.
فيما أكد مسؤولون أوكران أن القوات الأوكرانية تقاوم على الرغم من قتال عنيف في منطقة خاركيف قرب الحدود.
وقال الناطق باسم الجيش الأوكراني نازار فولوشين على التلفزيون الوطني "يستمر القتال من أجل قرى (...) في المنطقة الحدودية"، مضيفا "مواقع العدو محددة حاليا".
وقال الحاكم الإقليمي أوليغ سينيغوبوف على منصات التواصل الاجتماعي "تمّ إجلاء ما مجموعه 1775 شخصاً".
وشاهد مراسلو وكالة "فرانس برس" مجموعات من الأشخاص يصلون في شاحنات صغيرة وسيارات ويحملون حقائب عند نقطة وصول للإخلاء خارج مدينة خاركيف.
سجّل الأشخاص الذين تم إجلاؤهم أسماءهم وحصلوا على مساعدات غذائية وطبية في خيام مؤقتة.
وقالت ليوبوف نيكولايفا (61 عامًا) لوكالة "فرانس برس" إنها فرّت من قرية ليبتسي الحدودية مع والدتها البالغة 81 عامًا، مضيفة "يستحيل العيش هناك".
وأشارت إلى أن عائلتها "بقيت هناك حتى اللحظة الأخيرة"، متابعة "هناك نيران مستمرة، القنابل الجوية الموجّهة وقذائف الهاون تهدر في سماء المنطقة. أصبح الوضع مخيفا جدا".
وكان زيلينسكي قد أشار، أمس الجمعة، إلى أنّ "معارك عنيفة" تجري على "طول خط الجبهة" في منطقة خاركيف التي تقع معظمها تحت سيطرة قواته منذ سبتمبر/أيلول 2022.
وقال السبت "علينا تعطيل العمليات الهجومية الروسية وإعادة زمام المبادرة إلى أوكرانيا".
وأضاف "كل أنظمة الدفاع الجوي والأنظمة المضادة للصواريخ مهمة لإنقاذ الأرواح".
وتابع "من المهم أن يدعم شركاؤنا جنودنا وصمود أوكرانيا من خلال عمليات التسليم في الوقت المناسب حقا".
وكثّفت القوات الأوكرانية هجماتها داخل الأراضي الروسية والمناطق التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا، خصوصاً على البنية التحتية للطاقة.
في روسيا، أعلنت السلطات مقتل شخصَين بضربات أوكرانية في منطقتَي بيلغورود وكورسك.
من جانبهم، تحدث مسؤولون أوكرانيون عن مقتل ستة مدنيين في ضربات روسية على مناطق دونيتسك وخاركيف وخيرسون في الساعات الـ24 الأخيرة.
وحذر مسؤولون في كييف منذ أسابيع من أنّ موسكو قد تحاول شنّ هجوم على المناطق الحدودية الشمالية الشرقية، مشيرين إلى تفوّقها في وقت تعاني أوكرانيا تأخّر وصول المساعدات الغربية ونقص العديد.
وقال الجيش الأوكراني إنّه نشر مزيدا من الجنود، بينما أشار زيلينسكي إلى أنّ قواته كانت تستخدم المدفعية والمسيّرات لمواجهة التقدّم الروسي.
وأضاف أنّه "تمّ نشر وحدات الاحتياط لتعزيز الدفاع في هذه المنطقة الواقعة على الجبهة".
وقال الخبير العسكري أوليفييه كيمف لوكالة "فرانس برس" السبت إن الهجوم البري الروسي يهدف ربما إلى إنشاء منطقة عازلة قرب منطقة بيلغورود التي دهمتها وحدات موالية لأوكرانيا مؤخرًا أو إلى تحويل موارد أوكرانيا من منطقة دونيتسك.
وأضاف "بعد 24 ساعة من إطلاق العمليات، لا يبدو أن الهجوم كبير".
وأعلنت واشنطن حزمة مساعدات عسكرية بـ400 مليون دولار لكييف بعد ساعات على بدء الهجوم، معربة عن ثقتها بأنّ أوكرانيا قادرة على صدّ أيّ حملة روسية جديدة.
وتحاول واشنطن تعويض عرقلة المساعدات الأمريكية لكييف طول أشهر في ظل الخلاف بشأنها داخل الكونغرس بين الجمهوريين والديمقراطيين، ما أدى إلى توقف تدفّق الأسلحة والذخائر من الولايات المتحدة إلى أوكرانيا، الأمر الذي استغلته روسيا للتقدم ميدانيا.