"مطرقة النفط".. ماذا يعني قرار بايدن للاقتصاد الروسي؟
ما أن أعلن الرئيس الأمريكي قرار حظر واردات النفط الروسي، حتى بدأت التساؤلات حول تداعيات القرار ومعناه بالنسبة للاقتصاد الروسي.
وفي وقت سابق اليوم، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن حظرا على واردات النفط الروسية في تشديد جديد للعقوبات المفروضة على موسكو على خلفية عمليتها العسكرية في أوكرانيا.
وقال بايدن في كلمة مباشرة اليوم الثلاثاء إن بلاده نسقت قرار حظر الواردات النفطية مع عدد من الشركاء، موضحا أن الولايات المتحدة ستتضرر من قرار حظر واردات النفط الروسية.
- فنزويلا وكندا وإيران "بطاقات محتملة".. بايدن يرسم خريطة جديدة للطاقة
- القرار في واشنطن والقلق في برلين.. ألمانيا في وجه مدفع "حظر نفط روسيا"
وقال أنطوان هالف، الباحث في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا الأمريكية، لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، إن الحصة الصغيرة نسبيًا للولايات المتحدة من النفط الروسي (8%)، تجعل قرار حظر الواردات الروسية أسهل على الولايات المتحدة، من أي طرف آخر، في ظل اعتماد الاتحاد الأوروبي الكبير على الطاقة الروسية.
وتابع أن أول تداعيات هذا القرار هو تزايد أسعار النفط لمستويات قياسية عالميا، خاصة وأنها تزايدت بالفعل بنحو 30% منذ بداية الحرب في أوكرانيا أواخر فبراير/شباط الماضي.
وخلال الأيام الماضية، قال مراقبون إن استهداف صادرات النفط والغاز الروسية بعقوبات قوية، هو الأداة الأكثر نجاعة وقدرة على دفع موسكو للتراجع عن حربها في أوكرانيا.
لكن موقع "إيه بي سي" نيوز الأمريكي، قال إن تداعيات حظر واردات النفط الروسي على اقتصاد موسكو، سيكون أكثر فاعلية إذا انضم إليه الحلفاء الأوروبيين، لكن موقف دول الاتحاد الأوروبي غير واضحا حتى الآن. فيما أعلنت بريطانيا انضمامها للقرار الأمريكي، وفق ما طالعته "العين الإخبارية".
التأثير على روسيا
وعلى عكس الولايات المتحدة، تعتمد أوروبا بشدة على مصادر الطاقة التي تستوردها من روسيا؛ ثاني أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، وبالتالي فإن أوروبا قد لا تستطيع الاستغناء عن الغاز الروسي، في أي وقت قريب، وفق الموقع الأمريكي.
وانطلاقا من أن واشنطن تعتمد على النفط الروسي بنسبة 8% فقط، فإن تأثير قرار حظر الواردات النفطية الروسية لن يحمل تأثيرا كبيرا على الاقتصاد الروسي.
وفي العام الماضي، جاء 8 ٪ فقط من إجمالي واردات النفط الأمريكية، من روسيا. فيما تراجعت وارادت النفط الروسية إلى الولايات المتحدة خلال العام الجاري، إثر تجنب الشركات الأمريكية مصادر الطاقة الروسية مع تصاعد التوتر في أوكرانيا.
وقال تحليل لموقع "إيه بي سي" الأمريكي "واردات النفط الأمريكية من روسيا صغيرة، ومن المحتمل أن تبيع روسيا هذه الكمية من النفط التي كانت مخصصة لأمريكا، لدولة أخرى، ربما الصين أو الهند، ما يعني أن تأثير القرار الأمريكي ليس كبيرا على اقتصاد روسيا".
علاوة على ذلك، فإن القيود على صادرات النفط الروسية تؤدي على الأرجح إلى ارتفاع أسعار النفط والبنزين عالميا، وبالتالي تعويض روسيا أي خسارة صغيرة محتملة من فرق الأسعار.
خفض سعر نفط موسكو
إلا أن كيفين بوك، الخبير الاقتصادي قال "من خلال تقليل الطلب على النفط الروسي على وجه التحديد عبر قرار حظر الواردات النفطية الروسية، فإننا نجبر سعر النفط الروسي على الانخفاض، وهذا يقلل من عائدات روسيا".
وتابع "من الناحية النظرية، إنها طريقة لتقليل مقدار ما تجنيه روسيا من كل برميل تبيعه، ربما ليس بشكل كبير، إلا أن السؤال الأهم، هل سينضم البعض من الجانب الآخر للأطلسي (أوروبا) إلى هذا الضغط على موسكو؟".
وفي داخل الولايات المتحدة، أدى حظر واردات النفط الروسية إلى ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، حيث بلغ سعر الجالون 4.17 دولارًا في المتوسط يوم الثلاثاء.
وقبل شهر ، كان النفط يُباع بنحو 90 دولارًا للبرميل، لكن السعر وصل اليوم نحو 130 دولارًا للبرميل مع تجنب المشترين الأمريكيين للنفط الخام الروسي حتى قبل قرار الحظر.
ويحذر خبراء الطاقة من أن أسعار البرميل قد ترتفع إلى 160 دولارًا أو حتى 200 دولار للبرميل إذا استمر المشترون في تجنب الخام الروسي.
"قرار رمزي"
في المقابل، قالت راشيل زيمبا، مؤسسة شركة استشارات الاقتصاد الكلي "Ziemba Insights"، التابعة للحكومة الروسية: "فرض حظر على واردات النفط الروسية سيكون إلى حد كبير رمزيًا".
وفي برنامج "أين الحقيقة" على راديو "سبوتنيك" الروسي، قال الخبير النفطي، حمزة الجواهري، "تحمل العقوبات الغربية ضد روسيا أبعاد إعلامية، ذلك لأن موسكو لا يهمها تصدير الطاقة إلى الولايات المتحدة، إذ توجد لديها أسواق أفضل؛ فأوروبا لا تستطيع الاستغناء عن الغاز الروسي".
وتابع "إذا أرادت الدول الأوروبية الاستغناء عن الطاقة الروسية فعليها الانتظار مدة تصل إلى سنوات عديدة كي تنشأ بنى تحتية لنقل الغاز".
ومضى قائلا "روسيا في وضع قوي جدا من خلال اتفاقها الاستراتيجي على المدى البعيد مع الصين، والذي يتيح لدول أخرى الانضمام إلى هذا الاتفاق، ما قد يقلب الطاولة على رؤوس الغرب بشكل كامل.. روسيا الآن ليست كروسيا قبل عشرين عاما".
حديث الجوهري عن تحالف الصين وروسيا، يعيد إلى الواجهة تقرير نشرته مجلة فورين أفيرز الأمريكية مؤخرا، ذكر أن تدهور العلاقات الأمريكية الصينية يحفز بكين على الانضمام إلى موسكو في بناء نظام مالي عالمي موثوق يستبعد الولايات المتحدة".
وتابعت المجلة "مثل هذا النظام سوف يجذب الدول التي تتعرض لعقوبات أمريكية، وحتى حلفاء الولايات المتحدة الذين يريدون دعم قيمة العملات المحلية أمام الدولار".
وأضافت المجلة "يجب على إدارة بايدن ألا تفكر فقط في كيفية تحويل العقوبات المفروضة على روسيا لمسار الحرب في أوكرانيا، لكن في إمكانية أن تؤدي هذه العقوبات إلى تغيير النظام المالي العالمي الذي يهيمن عليه الدولار الأمريكي".