روسيا تعيد تسويق تفاهمات القرن الماضي لإنهاء الصراع في سوريا
المعارك الحالية في سوريا تبدو كصدى للحرب الأهلية وباستثناء المناطق الحدودية مع تركيا وإسرائيل لا شيء يحول دون إعادة الاستقرار في البلاد
تعيد الدبلوماسية الروسية تسويق اتفاقات تعود لنهايات القرن الماضي بحثا عن إرساء التهدئة في سوريا على قاعدة سياسية صلبة بعدما أعاد الجيش السوري عمليا السيطرة على غالبية أراض البلاد.
وتبدو المعارك الحالية في سوريا كصدى للحرب الأهلية التي دارت رحاها على مدار السنوات السبع الماضية، وباستثناء المناطق الحدودية مع تركيا وإسرائيل، لا شيء يحول دون إعادة الاستقرار وعودة الدولة في البلاد.
- قوات سوريا الديمقراطية: أي اتفاق مع دمشق يجب أن يضمن "خصوصيتها"
- "التايمز": بوتين رفض طلب أردوغان بشأن "منطقة آمنة" بسوريا
وفي مواجهة المناوشات على الحدود الجنوبية والمعارك والحشد العسكري على الحدود الشمالية تعيد موسكو إحياء تفاهمات سابقة لحل القضايا الآنية.
وبحسب تقارير صحفية فقد قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنظيره الأمريكي دونالد ترامب نهاية العام الماضي عرضا من أجل دفعه إلى التخلي عن دعم الفصائل المعارضة جنوب سوريا.
وتمثل العرض الروسي في إعادة إحياء "اتفاق فك الاشتباك" في الجولان السوري المحتل الذي يعود إلى عام 1974.
وفي مؤشر على قبول واشنطن لمقترح موسكو انتشرت عناصر الشرطة الروسية في الجولان لضمان عودة "القوات الدولية لاتفاق فك الاشتباك".
ووقعت اتفاقية فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل في 31 مايو/أيار عام 1974 في جنيف بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة، والاتحاد السوفيتي حينها، والولايات المتحدة الأمريكية.
وتضمنت الاتفاقية بنودا أهمها أن تراعي إسرائيل وسوريا بدقة وقف إطلاق النار في البر والبحر والجو ومنع جميع الأعمال العسكرية فور توقيع الوثيقة تنفيذا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 338 الذي يعود لشهر أكتوبر/تشرين الأول عام 1973.
ونحج الجيش السوري في خريف العام الماضي من بسط سيطرته على غالبية محافظات الجنوب الثلاثة التي كانت أولى المحافظات التي يطبق فيها اتفاق خفض التوتر بتفاهم روسي أمريكي أردني.
الأمر نفسه تسعى موسكو لتطبيقه في الشمال، حيث تتعرض الأراضي السورية لتدخلات تركية سافرة مباشرة عبر قواتها المسلحة أو عبر دعم فصائل موالية.
التوغلات التركية في الشمال السوري تأتي في محاولة لتقويض أحلام أكراد سوريا في إقامة مناطق حكم ذاتي، الأمر الذي تعده أنقرة تهديدا لجنوبها ذو الأغلبية الكردية.
وأمام هذه المعضلة قدمت روسيا بحسب تقارير إعلامية مقترحا الشهر الجاري إلى تركيا لإعادة تفعيل "اتفاق أضنة" الذي يعود إلى عام 1998 ويسمح للجيش التركي بملاحقة "حزب العمال الكردستاني" بعمق 5 كيلومترات شمال.
العرض الروسي بتفعيل اتفاق أضنه جاء في مواجهة خطة أمريكية-تركية لإقامة "منطقة عازلة" شمال سوريا بعمق 32 كيلومترا.
وحال اتفاق أضنه الذي أقر في يوليو/تموز عام 1998 دون حرب تركية سورية كانت تلوح في الأفق بسبب نشاط حزب العمال الكردستاني في الشمال السوري.
وشارك أكراد سوريا كرأس حربة في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي الذي تربطه صلات غامضة بنظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وفي مواجهة الأكراد خاض جيش أردوغان مغامرة في منطقة عفرين السورية لصد الأكراد ومنع اتصال مباشر بين أكراد غرب الفرات وشرقه.
ولا يزال الجيش التركي يلوح بشن هجوم على مدينة منبج، بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي خطته للانسحاب من سوريا.
ويبدو أن الموقف الأمريكي في سوريا يضعف من قيمة عرض واشنطن بإقامة "منطقة عازلة" بعمق 32 كيلومترا شمال شرقي سوريا، ما دفع أردوغان خلال لقاء مع بوتين الأربعاء الماضي للإنصات على نحو مختلف للعرض الروسي.
والتقى أردوغان الرئيس الروسي الأربعاء الماضي واستمع منه إلى عرض بإعادة تفعيل اتفاق أضنه.
وكان اتفاق أضنه قد أعطى أنقرة الحق بملاحقة "حزب العمال الكردستاني" لعمق 5 كيلومترات شمال سوريا، مقابل تخلي دمشق عن أي مطالبة بحقوقها في لواء إسكندرون (إقليم هاتاي) الذي ضمّته تركيا في 1939. كما يسمح الاتفاق بانتشار القوات السورية على الحدود، والاعتراف بالحدود القائمة.
aXA6IDMuMTQ0LjExNS4xMjUg جزيرة ام اند امز