مع مكاسب أوكرانيا.. هل تغير روسيا استراتيجيتها في الحرب؟
على مدار أسابيع، كافحت روسيا لتحقيق أي تقدم إقليمي في أوكرانيا. وانسحبت القوات الروسية من مناطق رئيسية في الشرق والجنوب، آخرها من مدينة خيرسون.
وقال ماكس بيرجمان، مدير برنامج أوروبا بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن هدف الكرملين الأولي المتمثل في سرعة الاستيلاء على أوكرانيا بأكملها ربما كان طموحًا للغاية، مضيفا: "ما تحاول روسيا فعله الآن ليس بالضرورة كسب المزيد من الأراضي. فقط التمسك بما لديها".
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، توقع المسؤولون بالحكومة الأمريكية أن تنتهي الحرب خلال أيام، لكنها مستمرة منذ حوالي تسعة أشهر الآن.
وقال المحلل الكبير بمعهد دراسة الحرب، ميسون كلارك، إن روسيا لم تتوقع أن يستمر الصراع طويلا أيضًا، وكانت تلك "الخطيئة الأصلية" للكرملين، مشيرًا إلى أن "ما أعاق التقدم الروسي أنهم لم يستعدوا للقتال لفترة طويلة".
وأظهر تحليل أجرته "واشنطن بوست" للبيانات من معهد دراسة الحرب أنه بعد التقدم خلال الأسابيع الأولى للحرب، لم تؤمن روسيا أكثر من ألف ميل مربع خلال أسبوع منذ أبريل/نيسان.
واستعاد الجنود الأوكرانيون منطقة خيرسون بعد انسحاب موسكو في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، مما مثل أكبر انتصار لأوكرانيا في الحرب حتى الآن وثالث ضربة قاصمة لروسيا، بعدما انسحبت قواتها من الشمال في أبريل/نيسان ومن خاركيف في سبتمبر/أيلول.
ورأى بيرجمان أنه بعدما فشل الكرملين في السيطرة على كييف، أصبح المتبقي لديه وحدات سيئة التجهيز، واستنفدت الموارد. وبعدما فقدت روسيا الموارد في أوكرانيا، وصلت إلى مرحلة لا تستطيع فيها تحقيق أي مكاسب كبيرة.
أراض تسيطر عليها موسكو
تبلغ مساحة أراضي أوكرانيا نفس حجم ولاية تكساس، أو 6% من الولايات المتحدة. وبالرغم من أنه يمكن أن تبدو أوكرانيا صغيرة عند مقارنتها بالولايات المتحدة، تعتبر كبيرة بالمعايير الأوروبية – ثاني أكبر بلد، في الواقع، بعد روسيا.
وقبل الحرب، سيطرت موسكو على حوالي 17 ألف ميل مربع من الأراضي الأوكرانية، منقسمة إلى شبه جزيرة القرم (التي ضمها الكرملين في 2014) ومنطقتي دونيتسك ولوهانسك اللتين يسيطر عليهما الانفصاليون.
وبنهاية الأسبوع الرابع من الحرب، سيطرت روسيا على معظم الأراضي منذ بداية حربها، حوالي 51 ألف ميل مربع، أو 22% من أوكرانيا. وحتى 17 نوفمبر/تشرين الثاني، سيطرت روسيا على حوالي 40 ألف ميل مربع في أوكرانيا، خاصة في الشرق والجنوب. وهذا يمثل نحو 17% من البلاد، وهي أقل نسبة من الأراضي التي تسيطر عليها موسكو منذ أبريل/نيسان.
ماذا يحدث تاليا؟
يقول المحللون إن استراتيجية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تستهدف إنهاك القوات الأوكرانية وتجاوزها، بهدف تقليص ثقة الحلفاء في قدرات أوكرانيا، مع تدريب وتعزيز قواته الجديدة.
وقال كلارك إن "القوات الروسية قد تكون قادرة على السيطرة على بعض الأراضي حول دونيتسك، لكنني بالتأكيد لا أعتقد أنهم سيحققون أي انفراجات حاسمة، والتي لم تحققها على مدار شهور خلال الحرب".
وبالرغم من انتصار أوكرانيا في خيرسون، سيمثل استعادة الشرق مهمة صعبة وتدريجية. وأضاف كلارك: "ستتطلب عدة هجمات مضادة إضافية لاستعادة مزيد من الأراضي التي تسيطر عليها روسيا".
وفي حين يبدو الزخم بجانب أوكرانيا، لا يزال الشكل الذي ستتخذه الحرب خلال الشهور المقبلة غير أكيد. وبالنسبة لبيرجمان، يتمثل السؤال الرئيسي فيما إذا ستصبح أوكرانيا قادرة على مواصلة التقدم خلال الأسابيع قبل الشتاء، عندما تزيد الأمطار والوحل من صعوبة الحركة العسكرية.