"تقصير" أم استراتيجية.. هل يدفع سقوط ليمان روسيا لاستخدام النووي؟
رغم مرور قرابة 8 أشهر على الأزمة الأوكرانية التي لم تجد ميناء لترسو فيه بعد، فإن "الحرب" شهدت تطورات "خطيرة" خلال الأيام الماضية.
فما بين ضم روسيا 4 مناطق في شرق وجنوب أوكرانيا إلى خسارتها ليمان التي تشكل شريانا استراتيجيا لخط السكك الحديد، تأرجحت موسكو بين المكاسب المعنوية والخسائر على الأرض.
وبعد محاصرة القوات الأوكرانية، سحبت روسيا قواتها يوم السبت من مدينة بشرق أوكرانيا كانت تستخدمها كمركز خط أمامي، في "انتصار" كان الأخير للهجوم المضاد الأوكراني الذي "أرهق" القوات الروسية مؤخرًا.
ماذا يعني سقوط ليمان؟
وتقول وكالة "أسوشيتد برس"، إن انسحاب روسيا من ليمان يعقد مهمتها الهادفة إلى ضم أربع مناطق في أوكرانيا - وهي منطقة تضم ليما، مشيرة إلى أنه يمهد في الجهة المقابلة الطريق أمام القوات الأوكرانية للتوغل أكثر في الأراضي التي تزعم موسكو أنها باتت أراضيها الآن.
"العلم الأوكراني موجود بالفعل في ليمان، بمنطقة دونيتسك. القتال لا يزال مستمرا هناك"، يقول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطابه المسائي يوم السبت، مشيرًا إلى أنه "لا أثر لأي استفتاء زائف هناك"، في إشارة إلى "الاستفتاءات" التي أجرتها روسيا في المناطق الأربع قبل ضمها - لوهانسك ودونيتسك وزابوريزهزهيا وخرسون. وتحركت القوات الأوكرانية إلى المدينة، ونشر رئيس أركان زيلينسكي صورًا لعلم أوكراني مرفوع على مشارف المدينة.
وتقول وكالة "أسوشيتد برس"، إن القتال يأتي في لحظة محورية في الحرب الأوكرانية، والتي منيت فيها كييف بـ"مكاسب" في ساحة المعركة، اعتبرها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، محاولة من الولايات المتحدة لتدمير بلاده.
حلقة وصل
وفيما قالت وزارة الدفاع الروسية إنها ألحقت أضرارًا بالقوات الأوكرانية في معركتها للسيطرة على ليمان، إلا أنها أكدت أن القوات الروسية تم سحبها إلى مواقع أكثر ملاءمة.
كانت ليمان حلقة وصل مهمة في خط المواجهة الروسي للاتصالات الأرضية والخدمات اللوجستية، فالمدينة تقع على بعد 160 كيلومترًا (100 ميل) جنوب شرق خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، وتقع في منطقة دونيتسك بالقرب من الحدود مع لوهانسك، وهما منطقتان ضمتهما روسيا يوم الجمعة.
وتقول صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، إن ليمان كانت مركزًا مهمًا للخدمات اللوجستية والإمداد للقوات الروسية التي تقاتل في شرق أوكرانيا، مشيرة إلى أن خسارة المدينة ستؤدي إلى شل خطوط الإمداد في موسكو، في الوقت الذي تكثف فيه القوات الأوكرانية هجومها المضاد في الشرق.
وقال سيرهي تشيرفاتي المتحدث باسم القوات الشرقية في أوكرانيا: "ليمان مهمة لأنها الخطوة التالية نحو تحرير دونباس الأوكراني". ونقلت عنه رويترز قوله "إنها فرصة للذهاب أبعد من ذلك إلى كريمينا وسيفيرودونتسك، وهي مهمة نفسيا للغاية".
واستعادت القوات الأوكرانية مساحات شاسعة من الأراضي في هجوم مضاد بدأ في سبتمبر/أيلول الماضي، تمكنت فيه من طرد القوات الروسية من منطقة خاركيف والتحرك شرقا عبر نهر أوسكيل.
"تقصير" وتلويح بالنووي
وأثار انسحاب موسكو من ليمان انتقادات فورية من بعض المسؤولين الروس؛ فزعيم الشيشان رمضان قديرو ألقى باللوم على الانسحاب على جنرال روسي "تم التستر عليه من قبل قادة أعلى في هيئة الأركان العامة"، داعيًا إلى "إجراءات أكثر صرامة".
وفي رسالة شديدة اللهجة، أبدى قديروف أسفه لكون الجنرال الروسي المكلف العمليات حول مدينة ليمان ألكسندر لابين "لم يؤمن الاتصالات والتفاعل والإمداد الضروري على صعيد الذخائر" للجنود الذين كانوا يدافعون عن المدينة الواقعة في شرق أوكرانيا والتي انسحب منها الروس السبت.
وطرح الزعيم الشيشاني، تساؤلات عن الهرمية القيادية داخل الجيش الروسي وعن التقارير التي ترفع إلى الرئيس فلاديمير بوتين، قائلا إن "المحسوبيات في الجيش ستفضي إلى أمور سيئة. لا مكان للمحسوبيات في الجيش، وخصوصا في الأوقات الصعبة".
ودعا رئيس جمهورية الشيشان رمضان قديروف الجيش الروسي السبت إلى استخدام "أسلحة نووية محدودة القدرة" في أوكرانيا، مضيفًا: "في رأيي أنه ينبغي اتخاذ إجراءات أكثر حزما، وصولا لإعلان الأحكام العرفية في المناطق الحدودية واستخدام أسلحة نووية محدودة القدرة".
وأضاف قديروف القريب من الكرملين والذي كان موجودا الجمعة في موسكو خلال الإعلان الرسمي لضم مناطق أوكرانية إلى روسيا: "يجب تنفيذ العملية العسكرية الخاصة بكل معنى الكلمة وليس اللهو".
حالة الطوارئ
في غضون ذلك، أعلن حاكم مدينة سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا حالة الطوارئ في أحد المطارات هناك، فيما شاهد مرتادو الشواطئ انفجارات وتصاعد دخان كثيف في المنتجع الذي تسيطر عليه روسيا، إلا أن السلطات فسرت الحادث بانزلاق طائرة عن المدرج في مطار بيلبيك، مما أدى لاشتعال النيران في الذخيرة التي كانت على متنها.
وتعهد زيلينسكي وجيشه بمواصلة القتال لتحرير المناطق التي أعلن بوتين ضمها يوم الجمعة، ومناطق أخرى تحتلها روسيا، فيما اتهمت السلطات الأوكرانية القوات الروسية باستهداف قافلتين إنسانيتين في الأيام الأخيرة، مما أسفر عن مقتل العشرات من المدنيين.
وقال حاكم منطقة خاركيف ، أوليه سينيهوبوف، إن 24 مدنيا قتلوا في هجوم هذا الأسبوع على قافلة كانت تحاول الفرار من منطقة كوبيانسك. ووصفها بأنها "قسوة لا يمكن تبريرها". وقال إن من بين القتلى 13 طفلا وامرأة حامل.
أهداف عسكرية
فيما قالت وزارة الدفاع الروسية إن صواريخها دمرت أهدافا عسكرية أوكرانية في المنطقة لكنها لم تعلق على اتهامات بأنها استهدفت مدنيين فارين. وانسحبت القوات الروسية من معظم منطقة خاركيف لكنها استمرت في قصف المنطقة.
وقال مسؤولون أوكرانيون إن غارة روسية على عاصمة منطقة زابوريجيا أسفرت عن مقتل 31 شخصا وإصابة 88 آخرين، فيما قالت وزارة الدفاع البريطانية إن الروس قصفوا "بشكل شبه مؤكد" قافلة إنسانية هناك بصواريخ إس -300 المضادة للطائرات.
aXA6IDE4LjExOS4xMjIuMTQwIA== جزيرة ام اند امز