باخموت العنيدة.. حسابات الربح والخسارة في ميزان الحرب
في وقت سابق من هذا الشهر، حذر أمين عام الناتو من أن المعركة الشرسة في مدينة باخموت الأوكرانية قد تنتهي بانتصار روسي في غضون أيام.
لكن بعد ثلاثة أسابيع، لم تتحقق توقعاته بعد، فأوكرانيا وروسيا لا تزالان تقاتلان للسيطرة على المدينة.
وبحسابات المعركة، أعلن مستشار الرئاسة الأوكرانية سيرغي ليشتشنكو، أمس الخميس، أن كييف لم تعد تسيطر سوى على ثلث مدينة باخموت التي تشهد معارك عنيفة مع القوات الروسية، منذ أشهر.
وقبل أكثر من أسبوع، أكد قائد مجموعة فاغنر العسكرية الروسية أن عناصره الذين يقاتلون في الصفوف الأمامية في هذه المعركة يسيطرون على "حوالي 70 بالمئة" من باخموت.
اعتراف أوكراني مُر بهزيمة وشيكة في باخموت يترجمه "الثلث" المتبقي من المدينة تحت سيطرة كييف.
خسائر لم تتوقف عند حيز المساحة الجغرافيا بل طالت الأرواح في كلا الجانبين، وكذلك الذخائر والمركبات والمعدات العسكرية الأخرى.
وأمام معركة بلا رابح حتى اليوم، يُطرح السؤال حول سبب قيام كلا الجانبين باستنفاد الكثير في باخموت، ولماذا يمكن أن يكون لها عواقب مهمة على الحرب الأوسع نطاقا.
وباتت باخموت البالغ عدد سكانها قبل الحرب حوالى 70 ألف نسمة، رمزا للمعركة بين الروس والأوكرانيين للسيطرة على منطقة دونباس الصناعية، بفعل طول المعركة الجارية حولها والخسائر الفادحة التي لحقت بالطرفين.
الرغبة في الفوز
صحيفة "نيويورك تايمز" نقلت عن مسؤولون أمريكيين أن باخموت ليس لها قيمة استراتيجية وفريدة بالنسبة للجهود الحربية.
إذن لماذا دفعت روسيا بكل قوتها للسيطرة عليها؟.. سؤال تجيب عليه الصحيفة الأمريكية بأن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد تحقيق أي انتصار في هذه الحرب التي لم تسر كما توقعوا".
ودللت على ذلك بأن روسيا "فقدت في الأشهر الماضية بعضا من أراضيها، وتراجعت في الجبهتين الشمالية الشرقية والجنوبية، كما أن الهدف الرئيسي لها كان الاستيلاء على كييف وإسقاط الحكومة الأوكرانية، لكن هذا الهدف يبدو الآن بعيد المنال" على حد قولها.
وترى الصحيفة أنه إذا تمكنت روسيا من الاستيلاء على باخموت الآن ، فيمكن لبوتين أن يجادل الشعب الروسي وحلفاءه في الصين، وأنصار أوكرانيا الغربيين بأن موسكو تحقق مكاسب ولديها الزخم.
فالفوز قد يؤدي إلى رفع الروح المعنوية بين القوات الروسية ويضر بالدعم الدولي لأوكرانيا، مع توقع أن يجلب الربيع طقسا أفضل لمعارك متجددة، وبالتالي يمكن أن يساعد هذا الدعم الجيش الروسي في العودة إلى المسار الصحيح في الحرب.
وهو ما فسره الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في وقت سابق، بأن استيلاء روسيا على باخموت من شأنه أن يجعل بوتين يجادل بأن لديه الأفضلية.
وفي حال تمكنت موسكو من الظفر بباخموت، فإن الفوز - بنظر مراقبين- قد يؤدي إلى مكاسب قليلة وبتكلفة كبيرة، إذ ستكون روسيا قد خسرت الكثير من القوات والكثير من المعدات.
عواقب لاحقة
يمكن أن يكون للمعركة عواقب سلبية أيضا على أوكرانيا. إذ خصص جيشها موارد للقتال هناك كان من الممكن أن تذهب إلى أماكن أخرى ، لا سيما للهجوم هذا الربيع.
فأوكرانيا لا تريد استعادة الأراضي المفقودة من خلال هجوم متجدد فحسب، بل تريد أيضًا فصل القوات الروسية في الشرق عن تلك الموجودة في الجنوب. بحسب تقرير نيويورك تايمز.
وفي هذا الصدد يقول مراسل الصحيفة جوليان بارنز ، الذي يغطي الأمن القومي، إنه من الممكن أيضا أن تساعد معركة باخموت الهجوم القادم لأوكرانيا، من خلال إجبار روسيا على إنفاق الكثير من العتاد على المدينة.