من حصار كييف إلى "تحرير" دونباس.. هل تغيرت أهداف روسيا بأوكرانيا؟
مرحلة جديدة تلوح بأفق الحرب في أوكرانيا بتغيّر التركيز الروسي من الهجوم برا على العاصمة كييف إلى ما تسميه موسكو "تحرير" منطقة دونباس.
وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، نقلت عن مسؤولين لم تسمهم، قولهم إن القوات الروسية في أوكرانيا حوّلت تركيزها من هجوم بري يستهدف كييف، إلى إعطاء الأولوية بدلًا من ذلك لـ"تحرير" منطقة الدونباس شرقي أوكرانيا، مرجحين مرحلة جديدة للحرب.
بداية جديدة؟
وبحسب الوكالة، يبدو أنه من السابق لأوانه معرفة إلى أين سيؤدي ذلك، متسائلة عما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد قلص طموحاته بحثا عن مخرج من الحرب، خصوصا أن المواقع الدفاعية التي اتخذتها موسكو مؤخرًا قرب كييف تشير إلى اعتراف بالمقاومة الأوكرانية القوية بشكل مفاجئ.
ومن جانب آخر، ربما تستهدف القوات الروسية مواصلة الحرب بتركيز أضيق نطاقا، ليس بالضرورة كنهاية للعبة ولكن كوسيلة لإعادة تنظيم الصفوف لمواجهة الإخفاقات المبكرة، واستخدام دونباس كنقطة بداية جديدة، بحسب محلل أمريكي.
وتتعرض القوات الروسية لضغط كبير في عدة أجزاء من أوكرانيا، وفق المصدر نفسه الذي أشار إلى أن الولايات المتحدة ودول أخرى تعمل على تسريع نقلهم للأسلحة والإمدادات لكييف.
وقالت روسيا الجمعة إنها حققت أهدافها الاستراتيجية من المرحلة الأولى للعملية العسكرية، كما تشير عادة لمحاولات الغرب لإيهام بإخفاقها في مسعى لدفعها إلى اقتحام المدن بكلفة إنسانية باهظة.
وقال نائب رئيس الأركان العامة الروسية، سيرغي رودسكوي، إن قواته حققت إلى حد كبير "الأهداف الرئيسية" للمرحلة الأولى لما تسميه موسكو "عملية عسكرية خاصة" في أوكرانيا.
وأضاف أن القوات الروسية "قلصت إلى حد كبير" القدرات القتالية للجيش الأوكراني، ونتيجة لذلك يمكن للقوات الروسية "التركيز على الجهود الأساسية لتحقيق الهدف الرئيسي تحرير دونباس."
شفرة نوايا
وفي رد واضح على رودسكوي، ناشد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا التفاوض على إنهاء الحرب، لكنه قال بوضوح إن أوكرانيا لن توافق على التخلي عن أي من أراضيها من أجل السلام.
وقال مسؤول دفاع أمريكي رفيع إن القوات البرية الروسية أبدت، خلال الأيام القليلة الماضية، اهتماما ضئيلًا بالتحرك نحو كييف، رغم أنهم يواصلون الضربات الجوية على العاصمة.
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم كشف هويته لمناقشة التقديرات الأمريكية الداخلية للحرب: "على الأقل بالوقت الراهن، لا يبدو أنهم يريدون المتابعة إلى كييف بعدوانية، أو على الإطلاق. يركزون على دونباس."
ومنذ بداية الحرب في 24 فبراير/شباط الماضي، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غامضا بشأن تحديد أهدافه العسكرية في أوكرانية صراحة، ولخص الأهداف في "نزع السلاح" و"اجتثاث النازية" من الحكومة، بالإضافة إلى "تحرير" دونباس" التي كان جزء منها يخضع لسيطرة الانفصاليين المدعومين من روسيا منذ 2014.
وعلى مدار أربعة أسابيع منذ ذاك الوقت، أبدى الأوكرانيون مقاومة أشد مما توقعها بوتين على الأرجح، وتباطأت القوات الروسية بسبب عدة مشاكل، بما في ذلك ضعف اللوجيستيات وربما تدني الروح المعنوية.
وقال ستيفن بيدل، أستاذ الشؤون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا، الذي درس الحروب الأمريكية في العراق وأفغانستان وغيرهما، إنه من الصعب فك شفرة نوايا موسكو من بيان الجمعة.
وأضاف: "من المعقول أنهم يحاولون بشكل أساسي تقليص أهدافهم المتصورة للحرب إلى شيء أنجزوه بالفعل"، في إشارة إلى سيطرتهم الفعلية على أجزاء من دونباس.
ومن الممكن، بحسب قوله، أن الروس أدركوا أنهم بدأوا الحرب بالأسلوب الخطأ، مع انتشار القوات القتالية في أعداد صغيرة على عدة أجزاء من البلاد. وفي هذه الحالة، ربما يحاولون إعادة تنظيم صفوفهم مع التركيز على دونباس وجعلها نقطة بداية جديدة لهجوم يمكنهم توسيعه لاحقا.
وقال لورين طومسون، المحلل الدفاعي بمعهد ليكسينغتون، في واشنطن، إن بوتين ربما "يعيد التقدير"، موضحا أن "موسكو ربما تبحث عن مخرج من مستنقع أوكرانيا، وقد يكون تركيز أهدافها العسكرية على السيطرة على دونباس وسيلة للتراجع بدون الاعتراف بالهزيمة."