«الغزو» الأوكراني لكورسك.. هل يصب في صالح بوتين؟
على الرغم من أن التوغل الأوكراني في مقاطعة كورسك الروسية الحدودية يعد أول «احتلال أجنبي» للأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية، فإن رد فعل الكرملين الذي جاء بطيئا له دلالات عدة.
ووفقا لإعلان قائد الجيش الأوكراني أوليكساندر سيرسكي فإن قواته توغلت في كورسك الحدودية في 6 أغسطس/آب الماضي، وسيطرت على نحو 500 ميل مربع، إلا أنه في المقابل تقدمت القوات الروسية نحو مدينة بوكروفسك في دونيتسك شرق أوكرانيا، مما وضع البلد الأوراسي أمام «أسئلة محرجة»، وفقا لما ذكرته مجلة «نيوزويك» الأمريكية.
ورغم ذلك فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يسحب قواته من الجبهة الشرقية في أوكرانيا لتوجيهها إلى كورسك، في رد فعل اعتبره نيكو لانج، رئيس أركان وزارة الدفاع الألمانية السابق محاولة للتقليل من الهجوم الأوكراني، قائلا: «بوتين لا يحول القوات من جبهة بوكروفسك.. إنه يحاول استخدام قوات من مكان آخر، أو يقول حسنًا، دعونا نتعامل مع كورسك لاحقًا.. لكن بوكروفسك الآن أكثر أهمية».
لانج أضاف أن «الأمر قد يستغرق شهورا للحكم على ما إذا كان هجوم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على كورسك ناجحًا»، مشيرًا إلى أنه في حين تبدو خطة كييف «مدروسة جيدًا، إلا أنه إذا كان الهدف منها تحويل القوات الروسية بعيدا عن بوكروفسك، فهذا لم ينجح بعد».
مكاسب لبوتين؟
ووفقًا لنيكولا فاسولا، مؤلف كتاب «إعادة تفسير الثقافة الاستراتيجية الروسية: الطريقة الروسية في الحرب»، فإن التوغل الأوكراني حقق بالفعل بعض المكاسب لبوتين.
وقال لـ«نيوزويك»، إنه «لكي يكون توغل كييف فعالاً، كان لا بد من تحويل الأفراد والمعدات العسكرية الأوكرانية من جنوب شرق أوكرانيا، وهو ما سمح للقوات الروسية بتحقيق مكاسب عبر دونباس».
لكنه أضاف أنه من «غير المرجح أن تحول هذه المكاسب مجرى الحرب»، معتبرا أن الضغط المستمر على بوكروفسك قد يؤدي إلى تحويل الانتباه المحلي بعيدًا عن كورسك وهو ما «يوفر لروسيا فرصة لإجراء عمليات مستقبلية وزيادة المسافة بين خطها الخلفي وخطها الأمامي».
وربما تكون عملية كورسك قد أعادت تشكيل ساحة المعركة، لكن تحويل كييف لجزء من قواتها الأكثر كفاءة هو مخاطرة بالإفراط في التوسع.
وقال جون هاردي، نائب مدير برنامج روسيا التابع لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إن أوكرانيا «خاضت مقامرة في كورسك من خلال الالتزام باحتياطياتها المحدودة، وسحب وحدات مختلفة من الخط للمشاركة في العملية»، معتبرا أن «الوقت سيخبرنا ما إذا كانت ناجحة».
وأضاف في تصريحات لـ«نيوزويك»، أن استنزاف الاحتياطيات الأوكرانية «يشكل بالتأكيد مخاطرة، خاصة إذا تم قطع هذه الوحدات أو تطويقها».
وأشار إلى أنه حتى الآن لم تكن هناك خسائر أوكرانية كبيرة في المعدات في كورسك، لكن «الخسائر ستتزايد مع مرور الوقت».
ورغم عدم إعلان كييف صراحة عن ذلك، فإنه من الواضح أن أهداف التوغل ترتبط بالنفوذ المحتمل في مفاوضات السلام المحتملة وإنشاء منطقة عازلة داخل الأراضي الروسية.
وقال فاسولا إن «مكاسب أوكرانيا الحالية محدودة للغاية مقارنة بخسائرها في دونباس»، معتبرًا أن ذلك «لن يمكن كييف من تحقيق التوازن على طاولة المفاوضات».
وتشمل العوامل الأخرى التي قد تسهم في تشكيل المفاوضات الافتراضية الفائز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وموقفه من اتخاذ القرارات بشأن استمرار المساعدات لكييف، فضلاً عن مدى قدرة أوكرانيا على تجديد قواتها من خلال مشروع قانون التعبئة الذي جرى تمريره في أبريل/نيسان الماضي.
aXA6IDE4LjE5MS4xMDMuMTQ0IA== جزيرة ام اند امز