الحرب الروسية -الأوكرانية.. هل غيّرت العالم للأبد؟
كانت التجربة النووية عام 1945 بشيرا بفجر العصر النووي، وكان هبوط أرمسترونج عام 1969 في غبار القمر قفزة عملاقة في غزو الفضاء.
"لكن 24 فبراير/ شباط 2022 هدم 77 عامًا من السلام المستمر تقريبًا في أوروبا بالعملية العسكرية في أوكرانيا، وتعطيل إمدادات الغذاء التي تنتجها للعديد من سكان الكوكب البالغ عددهم 8 مليارات نسمة"، وفقا لوكالة أسوشيتد برس الأمريكية.
وتضيف الوكالة: "كانت هذه الأحداث جميعها نقاط تحول في تاريخ العالم، سيتم تدريسها في المدارس لعقود مقبلة، لأنها لم تغير حياة البشر فحسب، بل غيرت مسارات البشرية أيضًا، مع تداعيات ملموسة عبر القارات وفي المستقبل المنظور".
بعد نحو ستة أشهر من القتال شهدت خلالها سقوط عشرات الآلاف من القتلى والجرحى من الجانبين، واضطرابات هائلة في إمدادات الطاقة والغذاء والاستقرار المالي، لم يعد العالم كما كان.
تجدد الحرب في أوروبا أحدث تحولا أيضًا في البنية التكتونية للعلاقات الجيوسياسية في العالم والعلاقات بين الدول.
والبعض الآن بالكاد يتحدث إلى روسيا. والبعض اتحدوا معا. فيما يسعى آخرون، لا سيما في أفريقيا، إلى تجنب السقوط في أتوت الصراع بين روسيا والغرب، كما لا يريد البعض تعريض إمدادات الغذاء والطاقة والأمن والدخل للخطر.
وتؤكد " أسوشيتد برس" الأمريكية، وتقول:" لكن روسيا والدول الغربية تحاولان الضغط على دول القارة ـ ولا سيما الجالسون على الحياد ـ للانحياز إلى أحد الجوانب".
بموقفه الموحد ضد الهجوم الروسي، وجد حلف الناتو سببًا جديدا لوجوده. فقبل ثلاث سنوات فقط بدا أكبر تحالف عسكري في العالم معرضًا لخطر التفكك.
فقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن الحلف يعاني من "موت دماغي"، فيما هدد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالانسحاب من الحلف الذي كان حجر الزاوية في السياسة الأمنية الأمريكية لأكثر من نصف قرن، متذمرًا من تحمل الولايات المتحدة بشكل غير عادل الكثير من أعباء الدفاع.
وتضيف الوكالة الأمريكية:" كانت الحرب سببا في انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو، في مؤشر على ما تشهده أوروبا من تغيير دائم، أو على الأقل في المستقبل المنظور، بسبب الحرب".
وتابعت :" وفي آسيا، تسعى الصين لاستخلاص الدروس العسكرية من الحملة الروسية التي يمكن تطبيقها في أي هجوم على جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي".
في الوقت ذاته تعمل الهند والصين ودول آسيوية أخرى متعطشة للطاقة على تعزيز صندوق حرب الكرملين وتقويض العقوبات الغربية من خلال شراء كميات متزايدة من النفط الروسي.
ثم هناك بوتين نفسه. ففي أوكرانيا، قبل وقت طويل من الهجوم، شعر الكثيرون بالفعل أن بلادهم تخوض معركة بقاء ضد مخططات زعيم الكرملين.
ومنذ عام 2014، قُتل آلاف الأشخاص بالفعل في المعارك مع الانفصاليين المدعومين من روسيا في شرق أوكرانيا.
كما أن هناك الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية والطاقة وكل شيء تقريبًا هو تغيير آخر، على الرغم من أنه قد يكون مؤقتا.
فقد عاد التضخم المرتفع، وهو عرض مألوف لأولئك الذين عانوا من صدمات الطاقة في السبعينيات. يحذر بعض الاقتصاديين من إمكانية عودة "التضخم المصحوب بالركود" - مزيج ضار من التضخم المرتفع وتراجع النمو الاقتصادي.
إذا ما هو التالي؟
تجيب "أسوشيتد برس"، قائلة :" لقد اعتاد الجنس البشري على القنبلة ، وتعلم كيف يتعايش معها. أصبحت رحلات الفضاء المأهولة روتينية. كل ما يمكننا أن نأمله هو أن لا تعتاد أوروبا على التعايش مع الحرب".