"العين الإخبارية" تنفرد.. تقرير استخباراتي بألمانيا يكشف سيناريوهات تناحر الإخوان وهياكلها بأوروبا
جنبا إلى جنب مع حملة قوية تحت قبة البرلمان، بدأت الاستخبارات الألمانية وضع يدها بصورة أكبر على هياكل وتحركات وأهداف الإخوان في البلاد.
جاء ذلك بحسب تقرير فرع هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) بولاية بادن فورتمبرغ، الذي تناول بالتفصيل هياكل وأنشطة وتمويل الإخوان الإرهابية، وكشف أيضا عن القراءة الألمانية للتناحر الداخلي الحالي بين جبهتي لندن وإسطنبول.
التقرير الذي تنفرد "العين الإخبارية" بنشر تفاصيله، ذكر أن "جماعة الإخوان تتأثر حاليًا بالانقسامات الداخلية. ففي أكتوبر/تشرين الأول 2021، حاول جناح الجماعة في الشتات التركي عزل المرشد بالإنابة، إبراهيم منير الذي يعتبر أحد الرؤساء البارزين للإخوان في أوروبا ويعيش في لندن".
وتابع: "بالفعل أعفى جناح إسطنبول منير من منصبه في صراع داخلي على القيادة"، لافتا إلى أنه "من المفترض أن الصراع على السيطرة داخل جماعة الإخوان سيقرر ما إذا كان مركز الإدارة للجماعة يقع في أوروبا الغربية أو في تركيا".
وحدد التقرير سيناريوهين للصراع الحالي داخل الإخوان، هما إما إضعاف دائم للجماعة، وإما إعادة تنظيمها بشكل أكثر شراسة.
وينتقل التقرير بعدها إلى وضعية الإخوان في أوروبا، ويقول "وفق تصريحاتها الخاصة، فإن جماعة الإخوان موجودة في أكثر من 70 دولة. وبالإضافة إلى المنظمة الأم، هناك عدد كبير من الجمعيات الدولية التي هي إما فروع مباشرة للجماعة وإما ترتبط معها بروابط أيديولوجية وشخصية وهيكلية".
وتابع "يتم تنظيم المكاتب الفرعية للإخوان بشكل مختلف، وهذه يعتمد على الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المختلفة في كل دولة".
ومضى قائلا "ومع ذلك، فإن القاسم المشترك بينها جميعًا هو تبني القناعات الأساسية للإخوان".
وحول وجود الإخوان في أوروبا، قال التقرير "في البداية، اعتبرت جماعة الإخوان، أوروبا ملاذًا آمنًا، لكن مع الوقت، برزت ألمانيا على وجه الخصوص كمكان نشاط رئيسي للجماعة، حيث تمكنت من توسيع هياكلها هناك تحت حماية مبدأ سيادة القانون".
وأضاف: "تشتمل هياكل جماعة الإخوان في أوروبا الآن على شبكة محكمة من المنظمات الجامعة والمظلية على مستوى القارة، يندرج تحتها منظمات مظلية أصغر على مستوى كل دولة وما يرتبط بها من منظمات أصغر، ثم منظمات الطلاب والشباب، فضلاً عن المؤسسات المتخصصة حسب الموضوع، والمساجد، والجمعيات المستقلة المفترضة".
التقرير لفت إلى أن "اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، ومقره بروكسل، يعتبر المنظمة الأوروبية الجامعة للإخوان، ويضم تحت لوائه عددا من المنظمات الجامعة الأخرى مثل المجلس الأوروبي للفتوى الذي يعمل تحت إشراف مباشر من يوسف القرضاوي".
ووفق التقرير، فإن اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، نقطة الاتصال المركزية للإخوان في أوروبا، ويسعى جاهدا للسيطرة على المسلمين في القارة، وإقصاء الجمعيات الإسلامية الأخرى التي لا تنتمي إلى جماعة الإخوان".
أما المنظمة الجامعة والمظلية المعنية بالشباب على المستوى الأوروبي، فهي "منتدى المنظمات الشبابية والطلابية المسلمة الأوروبية"، وتتخذ من بروكسل أيضا مقرا لها، وتعمل بالتعاون الوثيق مع الطلاب المسلمين في الدول المختلفة والمنظمات الشبابية، لبناء نفوذ كبير للإخوان في أوساط الشباب المسلم في أوروبا.
ويعتبر "المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية" المرتبط بالإخوان هو النظير الألماني للهياكل الموازية في فرنسا وبريطانيا العظمى، ويقدم المعهد دورة "العلوم الإسلامية" غير المعتمدة في مدينة فرانكفورت وسط ألمانيا، وبالتالي فهو ينافس بشكل مباشر دورة تمولها الدولة الألمانية لتدريب رجال الدين تحت اسم "علم اللاهوت الإسلامي" ويتم تدريسها أيضًا في جامعات بادن فورتمبيرغ.
ويُنظر إلى المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية على أنه يفرخ القيادات الشابة في الإخوان الذين يصبحون على دراية بأيديولوجية الجماعة وأهدافها الفعلية وملتزمين بالانتماء للإخوان، وفق التقرير ذاته.
منظمة أخرى تعمل في ألمانيا ضمن شبكة الإخوان، وهي "مجلس الأئمة والعلماء في ألمانيا"، وهي جمعية تضم مسؤولي المساجد أو المؤسسات التعليمية التابعة للإخوان.
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، نظم مجلس الأئمة والعلماء ما يسمى "دورات سيرة" على الصعيد الوطني بألمانيا، بما في ذلك في بادن فورتمبيرغ، والتي تستهدف بشكل خاص العائلات المسلمة، لنشر أفكار الإخوان.
وتهدف هذه الدورات، إلى إقامة علاقات ثقة طويلة الأمد بين الجهات الفاعلة في جماعة الإخوان، والمجتمع المسلم في ألمانيا. ويخضع مجلس الأئمة والعلماء في ألمانيا إلى إدارة منظمة مظلية للإخوان في أوروبا، هي المجلس الأوروبي للأئمة (ECI) ومقرها ستوكهولم بالسويد.
أما المنظمة المسؤولة عن تنظيم أنشطة الجمعيات والمساجد والقيادات الإخوانية في ألمانيا، فهي منظمة المجتمع المسلم الألماني، التي تتخذ من برلين مقرا لها، وتمثل مصالح الجماعة ومواقفها.
أما عن التمويل، فأوضح التقرير أنه "من خلال الاعتراف بمنظماتها الفرعية كجمعيات غير ربحية في ألمانيا والتقدم بطلب للحصول على تمويل عام، تهدف جماعة الإخوان إلى إدماج تنظيماتها في الأطر القانونية والحصول على تمويل حكومي من أجل تحقيق القبول الإعلامي والسياسي بألمانيا".
وتابع: "بالإضافة إلى ذلك، هناك شبكة من التبرعات المالية من الخارج يصعب فهمها وتبدو فعالة بشكل خاص.. كما تعمل الشركات العقارية التي يديرها ممثلو الإخوان على تمويل وتوسيع هياكل الجماعة".
وعاد التقرير للحديث عن منظمة الجالية المسلمة الألمانية، باعتبارها "أكبر منظمة إخوانية مؤثرة في ألمانيا وأكثرها نفوذاً، وتنتهج استراتيجية لممارسة نفوذها في المجال السياسي والاجتماعي في جميع أنحاء ألمانيا وأوروبا بما يتماشى مع أيديولوجية الجماعة".
وأضاف: "من ميونيخ إلى كولونيا وبرلين، نشرت جماعة الإخوان أيديولوجيتها وأنشأت شبكة كبيرة، مرتبطة فيما بينها بروابط شخصية وأيدولوجية صعبة الرصد".
وضرب التقرير مثالا بتداخل العلاقات بين منظمة الجالية المسلمة الألمانية واتحاد المنظمات الإسلامية ومنظمة فيميسو الشبابية، حيث كان الرئيس السابق لمنظمة الجالية المسلمة الألمانية، إبراهيم الزيات، أحد مؤسسي فيميسو ورئيس مجلس إدارتها لفترة طويلة. كما أشار المرشد السابق للإخوان محمد مهدي عاكف، إلى الزيات، على أنه زعيم الإخوان بألمانيا.
أما الرئيس السابق لمسجد أنور في كارلسروه الألمانية، سمير فلاح، فتولى إدارة منظمة الجالية المسلمة الألمانية قبل أن يصبح رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا.
أما الرئيس الحالي لمنظمة الجالية المسلمة الألمانية، خالد سويد، فكان في السابق رئيس فيميسو.
وبخلاف هذا التقرير، لا تتوقف الأحزاب الألمانية عن توجيه الضربة تلو الأخرى للإخوان الإرهابية تحت قبة البرلمان، ما يرسم ملامح مرحلة صعبة للجماعة بالبلد الأوروبي.
وانفردت "العين الإخبارية"بـ٨ ضربات سابقة للإخوان في البرلمان الألماني منذ منتصف مارس/آذار الماضي، تراوحت بين مشاريع قرارات وطلبات إحاطة.