الغرب وروسيا.. اتهامات تدق طبول حرب إلكترونية عالمية
واشنطن تعتقد أن "قراصنة الكمبيوتر" الروس شنوا ضد الغرب حملة تضليل لمدة 4 سنوات، حصلوا خلالها على معلومات حساسة.
تسونامي من الاتهامات فجّرتها بشكل متزامن، بلدان غربية عديدة ممن رفعت أصابعها نحو روسيا تتهمها بالوقوف وراء هجمات إلكترونية عالمية، في مشهد ينذر باندلاع حرب إلكترونية شاملة.
- الحرب الإلكترونية.. فيروس الفدية هدفه تدمير البيانات وليس المال
- الحرب الإلكترونية: إيرانيون اخترقوا أنظمة سد في نيويورك
سيل جارف من الاتهامات وجّهته لموسكو كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وعدد من البلدان الأوروبية بينها: هولندا وألمانيا وفرنسا، إضافة إلى أستراليا وكندا.
فيما نفت روسيا جميع الاتهامات الموجهة إليها، معتبرة أن «هوس التجسس لدى الغربيين يزداد قوةً»، ما أجج حنق الغربيين، ورفع منسوب الغضب لديهم إلى أقصى درجاته.
واشنطن تتهم 7 قراصنة روس
مع أن شبح الهجمات الإلكترونية الروسية لطالما ألقى بظلاله على علاقات موسكو بواشنطن، وذلك في ظل الاتهامات التي توجهها الأخيرة لموسكو بالتدخل في انتخابات الرئاسة الأمريكية التي حملت دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، إلا أن الملف لم يبارح مستوى «الاتهامات» التي تنفيها موسكو في كل مرة.
لكن مع انفجار قضية العميل الروسي المزدوج، سيرجي سكريبال وابنته، واللذين كادا يلقَيا حتفهما قبل أشهر جنوب شرقي بريطانيا إثر تعرضهما للتسمم بغاز أعصاب، عادت الشكوك والاتهامات لتنصب من جديد على موسكو بشن هجمات إلكترونية تستهدف العالم.
وزارة العدل الأمريكية، أعلنت أمس الخميس، أنها اتهمت 7 ضباط مخابرات عسكريين روس بـ«تخريب وكالات مكافحة المنشطات ومنظمات أخرى».
وترى واشنطن أن "قراصنة الكمبيوتر" الروس شنوا ضد الغرب بشكل عام، حملة تضليل لمدة 4 سنوات، حصلوا خلالها على معلومات حساسة من هيئات مراقبة الأسلحة والهيئات الرياضية لمكافحة المنشطات.
ووفق القضاء الأمريكي، يواجه عملاء الكرملين تهما بقرصنة سجلات 250 رياضيا من 30 بلدا حول العالم، وذلك أثناء سفرهم باستخدام معلومات استخبارية.
ووفق تقارير إعلامية أمريكية، يهدف العملاء عبر عمليات القرصنة إلى نشر أخبار مزيفة ترمي لتعزيز موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتلميع صورته على الصعيد العالمي.
أما الأهداف المرسومة للعملاء، فتشمل الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، والوكالة العالمية لمكافحة المنشطات، وانتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2016.
وبحسب المخابرات الأمريكية، فإن الجواسيس الروس حاولوا أيضا اختراق أجهزة الكمبيوتر بوزارة الخارجية البريطانية، بعد أيام من محاولة قتل العميل سكريبال في سالزبوري جنوب شرقي البلاد.
وفي تفاعل فوري مع الأمر، أعلن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، أن بلاده قررت أن تضع في تصرف حلف شمال الأطلسي (ناتو) قدراتها في مجال التصدي للقرصنة المعلوماتية، لمساعدته في مواجهة أفضل ضد الهجمات الروسية.
وقال ماتيس، في تصريحات إعلامية بالعاصمة البلجيكية بروكسل، إن واشنطن تحذو بذلك حذو دول أخرى من أعضاء الحلف ممن سبق أن التزمت بتقديم «إمكانات معلوماتية» للحلف، في إشارة إلى كل من بريطانيا وهولندا وإستونيا والدنمارك.
بريطانيا على الخط وهولندا تطرد 4 عملاء روس
من جانبها، اتهمت بريطانيا، الخميس، «وكالة استخبارات روسيا» بالوقوف وراء اختراق وقع في الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات، وأنظمة النقل في أوكرانيا وانتخابات الرئاسة الأمريكية في 2016.
واعتبرت لندن، على لسان وزير خارجيتها جيريمي هانت، أن الأدلة الجديدة تشكل "دليلا قويا" على أنشطة "غير مقبولة" للمخابرات الروسية.
وفي اليوم نفسه، أعلنت هولندا طرد 4 عملاء روس عقب إحباط محاولتهم قرصنة مقرّ منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بمدينة لاهاي، لتتوسع بذلك حلقة الحلف الأوروبي المناهض لهجمات موسكو الإلكترونية.
وقالت هولندا، إن العملاء الروس أعدوا سيارة محملة بتجهيزات إلكترونية في موقف سيارات فندق قريب من مقر المنظمة، تمهيدا لقرصنة نظامها المعلوماتي.
وبحسب محللين، فإن محاولة القرصنة جرت في أبريل/نيسان الماضي، أي في وقت كانت فيه المنظمة تحقق في حادثة تسميم سكريبال وابنته، وفي هجوم كيميائي يفترض أنه استهدف دوما السورية.
أما من الجانب الروسي، فاعتبرت خارجية البلاد أن اتهامات هولندا لها ليست سوى «دعاية» تستهدفها.
وقالت الوزارة، في بيان صدر الخميس، إن اتهامات هولندا «عمل دعائي موجه ضد بلدنا».
وأضافت أن «هذه الحملة المناهضة لروسيا (...) تضرّ بالعلاقات الثنائية».
كندا وفرنسا وألمانيا
كندا أيضا انضمت إلى حلف المواجهة الإلكترونية ضد موسكو، حيث أعلنت، الخميس، أنه تم استهدافها بهجمات معلوماتية روسية.
وشملت الهجمات الإلكترونية المركز الكندي لأخلاقيات الرياضة، ووكالة مكافحة المنشطات العالمية في مونتريال.
ووفق الخارجية الكندية، فإن حكومة بلادها ترجح أن تكون ذراع الاستخبارات العسكرية الروسية «مسؤولة عن هذه الهجمات المعلوماتية».
فرنسا أيضا لم تتأخر عن الركب، حيث جاء في بيان صادر عن المتحدّثة باسم الخارجية أن «الوقائع المذكورة خطيرة ومقلقة»، في إشارة إلى الهجمات المعلوماتية الروسية.
ووفق المصدر نفسه، أعربت باريس عن «تضامنها الكامل مع حلفائها ومع المنظمات الدولية المستهدفة بالهجمات».
ألمانيا أيضا تبدو «شبه واثقة» من وقوف موسكو وراء الهجمات الإلكترونية. ففي وقت سابق اليوم، قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت: "نثق تماما بتقييم السلطات البريطانية والهولندية. الحكومة (الألمانية) أيضا شبه واثقة من أن المخابرات الروسية وراء حملة إيه.بي.تي 28» الروسي.
ولفت زايبرت إلى أن برلين تتعامل مع خطر الهجمات الإلكترونية بمنتهى الجدية.
مد وجزر لا يبدو أن منسوبه سيخفت في الساعات القليلة المقبلة، مع توسع ألسنة الغضب الغربي ضد موسكو، وفي وقت تقف فيه الأخيرة. حتى الساعة، وحيدة بمواجهة التسونامي الغربي.
أرضية من صلصال تقف عليها إحداثيات ملف تنذر بخروجه عن السيطرة، وتحوله إلى حرب إلكترونية طاحنة تعبّد الطريق نحو حرب باردة جديدة، ومن يدري؟ فقد تكون حربا شعواء بالمعنى الكامل للكلمة.
aXA6IDMuMTM5Ljg3LjExMyA= جزيرة ام اند امز