أسرى البيزنس.. لماذا لم يغادر "العمالقة" روسيا؟
عندما شنت روسيا الحرب على أوكرانيا، تعهدت مجموعة من الشركات الغربية بالخروج بسرعة من السوق الذي كان في أحد الأوقات مهما.
فككت علامة "ماكدونالز" أقواسها الذهبية الشهيرة، وتحركت عملاقة النفط "بريتيش بتروليوم" لسحب استثماراتها من روسيا، كما باعت شركة السيارات الفرنسية "رينو" مصانعها مقابل مبلغ رمزي، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
لكن بعد مرور عام على الحرب، لا تزال المئات من الشركات الغربية موجودة في روسيا، بما في ذلك الشركات الكبرى والمتوسطة الحجم من أوروبا والولايات المتحدة.
وتقوم هذه الشركات بالأعمال بالرغم من العقوبات الغربية وحملات المقاطعة التي يلح عليها المسؤولون الأوكرانيون، والمستهلكون، وجماعات حقوق الإنسان.
وتقول بعض الشركات، في مواجهة الاتهامات بالمساعدة في تمويل الهجوم الروسي، إنهم "باقون لأن عملاءهم بحاجة إليهم".
ومن بين هذه الشركات، "أوشان"، إحدى أكبر سلاسل السوبر ماركت الفرنسية التي أبقت الـ230 متجرا الخاصة بها في روسيا مفتوحة، وتقول إنها تنوي البقاء.
وأثارت سلسلة المتاجر غضب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وواجهت مؤخرا دعوات جديدة للمقاطعة بعد تقرير يفيد بأن الشركة الفرعية الروسية التابعة لـ"أوشان" قدمت أغذية تم التبرع بها للجيش الروسي.
ونفت "أوشان" تلك الادعاءات، لكنها لا تعتذر عن البقاء في روسيا وأوكرانيا، التي تمتلك بها متاجر أيضًا، "لتوفير الاحتياجات الأساسية من الغذاء للسكان المدنيين."
كما توقف عملاقة المستحضرات الصيدلانية "فايزر"، عن الاستثمار في روسيا، لكنها تواصل بيع منتجات محدودة، مع إرسال الأرباح إلى المجموعات الإنسانية في أوكرانيا.
وبالنسبة للعديد من الشركات، كان الخروج من روسيا أكثر صعوبة من المتوقع. إذ "ربطت موسكو أيديهم"، على حد قولهم، عبر التلويح بـ"التأميم" وغيره من العقبات.
وكثيرا ما يقول رؤساء الشركات الغربية إن لديهم مسؤولية تجاه المساهمين للعثور على مشترين يعطون بعض القيمة للأصول، بدلا من تسليمها لموسكو.
ودفعت مثل هذه المخاوف عملاق التبغ فيليب موريس للقول الشهر الماضي إنها قد لا تبيع شركتها في روسيا مطلقا، بالرغم من الجهود لفعل ذلك.
ولا يريد آخرون المخاطرة بتسليم الحصة في السوق الروسي، لشركات من الصين أو تركيا أو الهند أو أمريكا اللاتينية، الذين لا تعتبر حكوماتهم جزءا من نظام العقوبات، ويتطلعون إلى الممتلكات وحصص الأسهم التي تركتها الشركات الغربية.
وقال أوليفييه أتياس، محام بشركة "أوغسط دبوزي" للمحاماة في باريس والتي تقدم المشورة للشركات التي تعمل في روسيا: "كانت روسيا سوقا كبيرا لعدة شركات.. كان اتخاذ قرار الخروج صعبا، وعملية المغادرة صعبة."
وأظهرت بيانات جمعتها جامعة ييل الأمريكية أن من بين 1600 شركة تقريبا كانت في روسيا قبل الحرب، واصل أكثر من الربع العمل بشكل كامل هناك، بينما يؤخر البعض فقط استثماراتهم المخطط لها.
وأشارت دراسة أخرى إلى أن عددا قليلا من الشركات قطعت العلاقات تماما مع روسيا، حيث وجدت أن أقل من 9% من حوالي 1400 شركة من أوروبا والولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وكندا تخلت عن فرعها الروسي منذ الحرب.