العقوبات الغربية تُطفئ بريق الألماس الروسي.. سلسلة التوريد تحت الحصار
الولايات المتحدة ربما تعيد النظر في القيود المفروضة على الألماس الروسي وذلك بعد رفض الصناع والدول المشاركة بشكل كبير في هذه التجارة.
وقد فرضت الدول الغربية قيودًا صارمة على تجارة الألماس في روسيا، حيث فرضت عقوبات جديدة في ديسمبر/كانون الأول 2023، شملت حظرًا على تداول الأحجار الكريمة التي يكون مصدرها روسيا في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.
وهذه خطوة أعلى من العقوبات الأولية، التي سمحت في السابق بتجارة الألماس الروسي الذي تم صقله في بلدان أخرى.
وتحتاج تجار الألماس الآن إلى تقديم شهادة ذاتية بأن الأحجار الكريمة التي يتم بيعها ليست من أصل روسي، وبحلول سبتمبر/أيلول القادم، سيحتاج تجار الألماس في الاتحاد الأوروبي إلى إرسال الألماس من خلال نظام إصدار الشهادات في بلجيكا قبل بيعه.
وساعدت هذه الإجراءات في تقليص مصادر تمويل الحرب الروسية، نظرًا لأن روسيا هي واحدة من أكبر منتجي الألماس في العالم.
ومع ذلك، قالت مصادر مطلعة على الأمر لرويترز إن الولايات المتحدة، وهي واحدة من أكبر مستهلكي الألماس في العالم، قد تتراجع عن التزامها بتنفيذ أحدث القيود المفروضة.
وقال مصدران بحسب "بيزنس إنسايدر"، إن الولايات المتحدة تراجعت عن العمل مع مجموعة السبع لتنفيذ حظر الألماس والتأكد من أن الأحجار الكريمة ليست من أصل روسي.
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض لرويترز: "إن الولايات المتحدة ستواصل العمل مع مجموعة السبع بشأن حظر الألماس الروسي، وأنها لم تغير رأيها بشأن هذه القضية، لكنهم لاحظوا عدة عقبات في تطبيق القيود الأخيرة".
وقال المسؤول: "نريد التأكد من أننا نحقق التوازن الصحيح بين إيذاء روسيا ومن أن كل شيء قابل للتنفيذ".
وعلى الجانب الآخر، تلقت الحكومة الأمريكية معارضة من الشركات والدول المشاركة بشكل كبير في تجارة الألماس.
وقد اشتكت بعض الدول الأفريقية وشركات صقل الألماس الهندية من القيود الأخيرة، محذرة من أن الحظر كان معيبًا في صياغته، ويمكن أن يثير مشاكل في الصناعة، وحذروا من أن أسعار الألماس قد ترتفع أيضا بسبب ندرة المعروض.
وطلبت فيرجينيا دروسوس، الرئيس التنفيذي لشركة Signet، أكبر بائع تجزئة للمجوهرات في العالم، من الحكومة الأمريكية الوقوف ضد الحل البلجيكي لمجموعة السبع، وذلك وفقًا لرسالة اطلعت عليها رويترز.
وقالت شركة De Beers ، إحدى أكبر شركات استخراج الألماس في العالم، إنها تؤيد فرض حظر على الألماس الروسي لكنها تريد التحقق من الألماس في مصدر الإنتاج، وليس في بلجيكا.
وقالت الشركة لرويترز، أن فرص واحتمالات تسرب الألماس الروسي إلى سلسلة التوريد المشروعة تكون في الواقع أكبر عندما تبتعد عن المصدر.
بداية الحظر
وكان قد دخل الحظر المرحلي الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على الواردات المباشرة وغير المباشرة وشراء ونقل الألماس الروسي حيز التنفيذ في الأول من يناير/كانون الثاني 2024.
ويشمل الحظر الألماس الروسي المنشأ أو المُصدر أو العابر لروسيا، وكذلك الألماس الروسي المعالج في بلدان أخرى، وفقًا لما أوردته وكالة أنباء "سبوتنيك" الروسية.
ويمتد الحظر ليشمل الألماس الطبيعي والاصطناعي، بالإضافة إلى المجوهرات الماسية، كما تم فرض حظر غير مباشر على استيراد الألماس الروسي المعالج في دول ثالثة تدريجيًا بداية من الأول من مارس/آذار الماضي، ومن المتوقع أن يكتمل بحلول الأول من سبتمبر/أيلول المقبل.
وستقوم بلجيكا، التي تعتبر النقطة الرئيسية لدخول الألماس الروسي لأوروبا، باستخدام نظام تتبع قائم على تقنية البلوكتشين لتحديد والتحقق من مصدر الألماس المستورد.
ويأتي هذا الحظر كجزء من الحزمة الثانية عشرة من العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا، والتي تم اعتمادها في ديسمبر/كانون الأول 2023.
وتشمل هذه العقوبات أيضًا حظر نقل المنتجات والتقنيات ذات الاستخدام المزدوج، مثل بطاريات الليثيوم ومكونات الطائرات بدون طيار.
روسيا أضخم المصنعين
وتعد روسيا أكبر منتج للألماس الخام في العالم من حيث الكمية، إذ تسيطر شركة "ألروسا" على أكثر من 90% من هذه الصناعة داخل روسيا.
وفي عام 2021، قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية بعام، صدرت روسيا ألماسًا بقيمة حوالي 4 مليارات دولار (3.77 مليار يورو)، وانخفض هذا المبلغ بشكل طفيف فقط في عام 2022 قبل فرض المجتمع الدولي أي عقوبات.
وتعود هذه الاستمرارية في الإنتاج الضخم، إلى الطبيعة السرية لصناعة الألماس، حيث يمر الألماس عبر عدة أيدٍ قبل وصوله إلى المستهلك النهائي.
على سبيل المثال، غالبًا ما يتم قطع الألماس الخام الروسي وصقله في الهند، ثم يُتاجر به في أنتويرب، بلجيكا، ليتم شحنه بعد ذلك إلى أسواق أخرى حول العالم مثل الولايات المتحدة.
هذا يعني أن بائع التجزئة قد لا يكون قادرًا على تحديد المصدر الدقيق لألماسة معينة، مما يجعل من الصعب التفريق بين الألماس الروسي وغير الروسي.
ولتجنب أن يكون الحظر غير الفعّال ضحية للسوق السرية، عمل الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع على تطوير نظام دولي لتتبع الألماس عبر سلسلة التوريد بأكملها، من المناجم إلى المتاجر.