وكالة الفضاء الروسية.. 27 عاماً في خدمة البشرية
قبل إنشاء "روسكوسموس" التي يتولى رئاستها حالياً دميتري روغوزين، نائب رئيس الوزراء الروسي، لم تشهد "الحقبة السوفيتية" وجود وكالة للفضاء
تاريخ عريق تمتلكه روسيا في صناعة الفضاء، ترجع أصوله إلى خمسينيات القرن الماضي، حيث وضعت روسيا البذرة الأولى في هذه الصناعة، عندما أطلقت قمر "سبوتنك 1"، الذي يعد أول قمر صناعي في تاريخ البشرية، لتتحول من بعدها صناعة الفضاء إلى واحدة من أهم الصناعات التي تعتمد عليها البلاد.
وأنشأت روسيا الكثير من المعاهد المتخصصة والشركات التي عملت على تلبية احتياجات هذه الصناعة التي مكنت البشرية من الولوج إلى عالم الفضاء الواسع، الذي وصلته على متن صواريخ ومركبات فضائية تحمل في جلها توقيع روسيا.
على مدار العقود الماضية، لم تكن صناعة الفضاء الروسية تسير على خط واحد، فقد شهدت تذبذباً في حركتها ما بين صعود وهبوط، ومع حلول 1992 دشنت روسيا عصراً جديداً في هذه الصناعة، بإعلانها عن تأسيس وكالة الفضاء الروسية الفيدرالية المعروفة باسم "روسكوسموس"، التي باتت تتولى قيادة صناعة الفضاء في روسيا، إلى جانب تنسيق أنشطة الفضاء الوطنية، ويقع مقرها في العاصمة الروسية موسكو.
كما تتولى الوكالة أيضاً صناعة الصواريخ التي تحلق في الفضاء الخارجي، والبحث عن الجيولوجيا الجغرافية الروسية، كما تتولى أيضاً تدريب رواد الفضاء، إلى جانب مساهمتها في الأبحاث المتخصصة من خلال الجزء الخاص بها في محطة الفضاء الدولية.
صياغة
قبل إنشاء "روسكوسموس" التي يتولى رئاستها حالياً دميتري روغوزين، نائب رئيس الوزراء الروسي، لم تشهد "الحقبة السوفيتية" وجود وكالة مركزية للفضاء، وبدلاً من ذلك كانت هناك مكاتب تصميم فقط، وكانت تتمتع بقوة عالية، ولكن بعد تفكك الاتحاد السوفيتي ورثت روسيا القسم الأكبر من البنية التحتية الخاصة بصناعة الفضاء، إلى جانب الشركات العاملة في هذا القطاع، فيما ورثت أوكرانيا مكتب تصميم "يوجنوي".
حالة التدهور التي أصابت صناعة الفضاء الروسية، بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، كانت كفيلة بأن تفتح عيون الحكومة الروسية عليها، لتبدأ بعد عام 2000 ومع بدء تعافي الاقتصاد الروسي، بإعادة صياغة صناعة الفضاء الروسية، حيث قامت في 2005 بوضع استراتيجية جديدة لتطوير برنامج الفضاء، أطلق عليها آنذاك مصطلح "خطة الفضاء الفيدرالية 2006 – 2015"، حيث تضمنت الخطة إكمال محطة الفضاء الدولية وتطوير عائلة الصواريخ الجديدة "أنجارا" إنتاج سفينة فضاء مأهولة، إضافة إلى إكمال مجموعة إقمار "غلوناس"، إضافة إلى أهداف أخرى.
منافس قوي
إنجازات كثيرة تمكنت وكالة الفضاء الروسية "روسكوسموس" من تحقيقها على مدار 27 عاماً، أي منذ تأسيسها وحتى يومنا الحالي، معتمدة بذلك على قوة إرث وخبرة روسيا في القطاع الفضائي.
وتعتبر "روسكوسموس" صاحبة السبق في وضع أول قمر صناعي في مدار فضائي، كما أنها صاحبة أول إنجاز بإطلاق إنسان إلى الفضاء، فيما يحمل أحد رواد الفضاء العاملين فيها رقماً قياسياً في البقاء بالفضاء.
وتمكنت "روسكوسموس" من المحافظة على صدارة روسيا لصناعة الفضاء، وأن تكون منافساً قوياً لبقية وكالات الفضاء الأمريكية والأوروبية والأسيوية، التي استفادت جميعها من الخبرة العالية التي تمتلكها "روسكوسموس" في هذا المجال، لا سيما في صناعة محركات صواريخ الفضاء، والمركبات الفضائية، إلى جانب الصناعات الأخرى المتعلقة بالفضاء، الأمر الذي مكن وكالة "روسكوسموس" من تحقيق أرباح عالية قدرت بـ 5.6 مليار دولار في العام الماضي، في حين تخطط الوكالة إلى زيادة أرباحها خلال العام الجاري، لتصل إلى 7 مليارات دولار.
إنجازات كثيرة حققتها "روسكوسموس"، خلال تاريخها، فقد نجحت في أغسطس/أب الماضي، في إطلاق مركبة "سويوز إم سي -14" وعلى متنها أول روبوت "فيودور" الذي يحاكي دور رائد الفضاء، حيث سيكون "فيودور" مساعداً لرواد الفضاء، وقد جاء تنفيذ هذه الخطوة بطلب من وزارة الطوارئ الروسية.
وإلى جانب مساهمتها في محطة الفضاء الدولية، تعكف وكالة "روسكوسموس" حالياً على إنجاز المتعلقات الخاصة ببرنامج "هبوط رواد فضاء روس على سطح القمر في 2031"، حيث تقوم بتنفيذ البرنامج بالتعاون مع أكاديمية العلوم، وتسعى "روسكوسموس" من خلال هذا البرنامج إلى نقل مركبة ثقيلة إلى سطح القمر، سيستخدمها رواد الفضاء في التنقل على سطح القمر وتنفيذ مهمات متعددة، بما في ذلك تفقد سطح القمر، كما تدرس حالياً إمكانية بناء محطة فضائية على سطح القمر بحلول عام 2034.
ما تمتلكه "روسكوسموس" من تاريخ عريق وإنجازات ملموسة، أهلها لأن تقدم خبراتها إلى العالم، حيث استفادت الإمارات من هذه الخبرات، لا سيما بعد توقيع الإمارات مع روسيا اتفاقية تعاون مشتركة، تنص على تبادل الخبرات والمعلومات العلمية، والتدريب وتطوير الكوادر المؤهلة، إلى جانب نقل أول رائد فضاء إماراتي إلى محطة الفضاء الدولية، حيث ستنطلق الرحلة في 25 سبتمبر/أيلول المقبل على متن مركبة "سويوز إم إس 12".
في قائمة "روسكوسموس" الكثير من أسماء رواد الفضاء الذين عملوا على خدمة البشرية عبر ما أنجزوه من أبحاث ودراسات، ولعل آخرها هو تجربة بزات فضاء جديدة، تمكن رواد الفضاء من مغادرة محطة الفضاء الدولية، حيث تستعد "روسكوسموس" حالياً وضمن بعثة "أكسبيديشن 61" إلى إرسال رائد الفضاء أوليغ سكريبوتشكا، أو بديله رائد الفضاء، سيرغي ريجيكوف، حيث سبق لسكريبوتشكا أن خرج إلى الفضاء المفتوح ثلاث مرات، واستطاع أن يقضي في الفضاء نحو 159 يوماً.
aXA6IDMuMTQ1LjY0LjI0NSA= جزيرة ام اند امز