حرب "الرقعة الحمراء".. صراع روسي أوكراني على "أسنة السيوف"
يقولون إن "الرياضة هي وسيلة البشرية لتهذيب الصراع العنيف"، ووصفها جورج أورويل بـ"حرب دون إطلاق نار".. لكن يبدو أن الحرب الروسية الأوكرانية تغير القواعد.
وتهدف أحداث مثل الألعاب الأولمبية إلى تجاوز السياسة، لكن يأبى الرياضيون تجاوزها، وتشهد الملاعب مشاكسات وتحديات وانسحابات، آخرها ما فعلته نجمة المبارزة الأوكرانية بالسيف أولجا خارلان، التي رفضت مصافحة منافستها الروسية.
- مستعدون للصدام ولا نريده.. بوتين يقفز من أوكرانيا إلى سوريا
- ضغوط في ألمانيا من أجل أوكرانيا.. حديث المقاتلات والصواريخ
ورفعت خارلان "نصل سيفها" بدلا من ذلك، ودعت سميرنوفا للنقر عليه، وهي لفتة حلت محل المصافحة أثناء جائحة كورونا، لكنها انتهت بعدها.
لكن سميرنوفا، التي يبدو أنها تدعم العملية الروسية في الصور، حولت الوضع إلى مسرح، وبقيت في الحلبة لمدة 45 دقيقة، وجلست على كرسي مخصص لها.
وأعجب الاتحاد الدولي للمبارزة بذلك واستبعد خارلان، وتقدمت سميرنوفا إلى الجولة التالية.
لكن الاتحاد سمح للأوكرانية خارلان، السبت، بالمشاركة مجددا في بطولة العالم للمبارزة المقامة في ميلانو، بعد مشاورات مع اللاعبة واللجنة الأولمبية الدولية، والتي ضمنت للاعبة المشاركة في أولمبياد باريس 2024.
"فضيحة"
ووصف الكاتب الألماني أندرياس كلوث، في مقال لوكالة "بلومبرغ"، ما حدث بـ"الفضيحة".
وأكد أن خارلان واجهت آنا سميرنوفا وهزمتها بشكل كبير وعادل، لكن "الفضيحة" هي ما حدث بعد ذلك، ويرى كلوث أن القرار، سواء كان مبررا تقنيا أم لا، فهو شائن.
واعتبر كلوث أنه لا يحق لأحد، وبالتأكيد ليس الاتحاد الدولي للمبارزة، توجيه اللوم أو نزع الأهلية أو العبوس تجاه الأوكرانيين اليوم الذين يرفضون المصافحة مع الروس.
وقالت إيلينا سفيتولينا، الأوكرانية التي تعد واحدة من أفضل لاعبي التنس في العالم في كلمات لدعم خارلان: "جنود روسيا يقتلون شعبنا والأطفال ويسرقون الأطفال أيضا ويختطفونهم، لذلك لا يمكنك التصرف بشكل طبيعي".
كما رفضت سفيتولينا، التي تنحدر من أوديسا، التي قصفتها روسيا بشراسة في الأسابيع الأخيرة، مصافحة منافسيها الروس والبيلاروسيين.
وتشير سفيتولينا، إلى أن روسيا وبيلاروسيا، مثل الاتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة ودول أخرى، تستخدمان رياضييهما كجزء من دعايتهما.
وينطبق الشيء نفسه في كثير من الأحيان على الفنانين وغيرهم من السفراء الثقافيين.
لهذا السبب استبعدت أوركسترا ميونخ الفيلهارمونية قائدها الشهير فاليري غيرغييف، على سبيل المثال، حيث إن غيرغييف روسي ورفض إدانة العملية العسكرية التي شنها صديقه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وبطبيعة الحال، يجب ألا تصبح الجنسية وحدها أبدا صفة أخلاقية أو حكما على الفرد، وهذا مبدأ أساسي لليبرالية وكذلك للعدالة البديهية.
"العقاب الجماعي"
إن العقاب الجماعي، ما يسميه الألمان بوضوح "سيبنهافت" أو "مسؤولية العشيرة"، وهو مصطلح لفكرة أن الأسرة أو العشيرة تتقاسم المسؤولية عن جريمة أو فعل يرتكبه أحد أعضائها، مما يبرر العقوبة الجماعية.
وتعترف أوكرانيا بهذا المنطق، وبعد العملية العسكرية الروسية منعت الرياضيين الذين يمثلون أوكرانيا كدولة من التنافس ضد الروس.
واضطر البعض إلى التغيب عن بطولات في الجودو والمصارعة والشطرنج وغيرها من الألعاب الرياضية.
وغيرت أوكرانيا سياستها. والآن يمنع رياضيوها فقط من مواجهة المعارضين الذين يمثلون روسيا أو بيلاروسيا، وليس منافسي مواطنيها الذين يتنافسون كأفراد مثل سميرنوفا.
وقالت خارلان في وقت لاحق هذا الأسبوع: "أدركنا أن البلد الذي يرهب بلدنا وشعبنا وعائلاتنا يرهب الرياضة أيضا.. لم أرغب في مصافحة هذه الرياضية، وتصرفت بقلبي".