الروس والأمريكيون في سوريا.. احتكاكات على خطوط التماس
بعد الانسحاب الأمريكي من سوريا، تصاعد التوترات الروسية بمنطقة شرق الفرات السورية التي تتعرض لعدوان تركي
يختزل الوجود العسكري المتزامن للقوات الروسية ونظيرتها الأمريكية شمال شرقي سوريا، وضعا استثنائيا ونادرا يفسر إلى حد كبير تواتر الحوادث الغريبة والصدامات المحتملة بالمنطقة، وفق شهادات.
توترات بين الجانبين، تجلت بالخصوص في مناطق شرق الفرات، نطاق الهجوم الذي شنته تركيا قبل أشهر على الأكراد، ترجمتها احتكاكات بين جنود الطرفين.
وتعمل واشنطن على ترسيم حدود مناطق نفوذها، فيما تسعى موسكو إلى توسيع نفوذها بالمنطقة، ما ينذر بحصول تصادمات تبدو بديهية في ظل تباعد رؤية الطرفين للحل النهائي في سوريا.
ومنذ عام 2014، تتواجد قوات أمريكية في سوريا، في إطار التحالف الدولي للقضاء على داعش، قبل أن يعلن الرئيس دونالد ترامب، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، سحب كافة قواته، ثمّ أبقى نهاية الشهر ذاته على قوة من 500 جندي لحماية آبار النفط بالمنطقة.
وبانسحاب القوات الأمريكية، استغلت تركيا الوضع لاستهداف الأكراد ضمن عملية عسكرية أبعدتهم عن شريطها الحدودي بعمق 30 كيلومتراً، ولجأ الأكراد إلى دمشق وموسكو التي أبرمت اتفاقاً مع أنقرة أوقف الهجوم.
واستغلت موسكو، التي تنشر قواتها في سوريا منذ 2015 دعماً لدمشق، الاتفاق لدخول مناطق نفوذ الأكراد، وباتت على تماس مع القوات الأمريكية، لتتداخل مناطق انتشارهما.
تداخل وخط تماس
قبل أسبوعين، انتظر حسين عبد الحميد قرابة الساعة في سيارته بعدما أقفلت دوريتان أمريكية وروسية طريقاً شمال شرقي سوريا التقتا عليه، وبدا أن أياً منهما لا تريد إفساح المجال للأخرى.
ويقول عبد الحميد (55 عاماً) وهو من سكان المنطقة ذات الغالبية الكردية: "دائماً ما نرى القوات الروسية والأمركية في حالة مواجهة. تتصرّف كما لو أنها سيارات أجرة" أي أنها تزاحم بعضها البعض على الطرق.
وروى عبد الحميد كيف أن دوريتين أقفلتا طريقاً دولياً يربط مدينتي الحسكة والقامشلي، رفعت الأولى العلم الأمريكي ووقفت على بعد أمتار بمواجهة الأخرى التي رفعت العلم الروسي.
ويتابع بسخرية "لم نعد نعلم أي طريق نسلك، كما لو أننا نذهب من دولة إلى أخرى"، قبل أن يكمل طريقه بعد نحو ساعة في المنطقة الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية وعمادها وحدات حماية الشعب الكردية.
ضغوط
مدير قسم الشرق الأوسط في معهد دراسات الحرب، نيكولاس هيراس، رأى أن "الوضع غير مرشح للتحسن في المستقبل القريب" مع وجود مصالح متناقضة.
واعتبر هيراس أن الطرفين "يتعايشان في حالة من التوتر، وهو ما يؤدي إلى حوادث".
ولضمان عدم تطور الاحتكاكات، يتواصل الطرفان عبر ما يُعرف بآلية فض الاشتباك، وهي قنوات اتصال تلعب دوراً رئيسياً في تفادي الحوادث على الأرض وفي الأجواء السورية وتحدد المناطق الدقيقة للطرفين.
والآلية متبعة للتنسيق منذ بدء التدخل العسكري الروسي في سوريا، في وقت يبدو فيه أن موسكو وواشنطن لا تخاطران بالدخول في مواجهة مباشرة كما حصل في شباط/فبراير 2018 حين قتلت غارات أمريكية في شرقي سوريا 100 من القوات الموالية لدمشق، بينهم روس.
ويرى خبراء أن الاحتكاك قد يكون متعمدا، حيث من الممكن أن تتخذه روسيا نوعا من "الضغط تسعى من خلاله إلى دفع القوات الأمريكية إلى مغادرة سوريا لإعادة تثبيت النظام في كل سوريا، والضغط أيضا على قوات سوريا الديمقراطية للتفاوض مع النظام" من جهة أخرى، وفق الباحث الزائر في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، شارل ثيبو.
aXA6IDE4LjIyNy4wLjI1NSA= جزيرة ام اند امز