انسحاب الصدر يربك الحسابات.. ترقب يطوق المشهد العراقي
مازال الموقف في العراق غامضاً تتقاذفه المواقف المضطربة والاحتمالات القلقة عقب تقديم الاستقالة الجماعية لنواب التيار الصدري من البرلمان العراقي والخروج من الباب الخلفي للأزمة الدائرة منذ شهور.
ودفع قرار رئيس التيار الصدري بتنحية نوابه من قبة البرلمان إلى فتح المشهد السياسي نحو تراكيب ومعادلات جديدة تغلفها المحاذير والمقادير الجديدة التي خلفها ذلك الانسحاب.
قوى الإطار التنسيقي تلاقفت قرار انسحاب خصمها الأكبر داخل البيت الشيعي، مقتدى الصدر، بالترحيب والإشادة في وقت بدت تحصي عديد مرشحيها من أعلى الخاسرين للزج بهم كبدلاء للنواب المستقلين مما قد يدفع الدماء بحظوظهم الانتخابية التي تراجعت في أكتوبر 2021.
وتعد هذه المرة الأولى في تاريخ العراق السياسي ما بعد 2003، أن تقدم أكبر كتلة برلمانية استقالة جماعية وتختار الخروج بدلاً من استحقاقها في رأس السلطة ومفاصل الدولة الرئيسة.
ويمتلك التيار الصدري 73 نائباً بوصفه الكتلة الفائزة الأكبر بانتخابات تشرين المبكرة متقدماً على أقرب منافسيه بفارق النصف من القوى الشيعية والسنية وحتى الكردية منها.
ومثل الصدر مع حلفائه من القوى السنية (السيادة) والحزب الديمقراطي الكردستاني بارقة أمل في تغيير منشود لإخراج البلاد من مستنقع المحاصصة والتوافق الذي حكم العراق ما بعد 2003.
وبانسحاب الصدر بوصفه الضلع الأكبر في ذلك المشروع يكون الشارع العراقي أمام نسخة حكومية جديدة مكررة وهو ما قد يعيد البلاد إلى المربع الأول وبما يحرك الجماهير الاحتجاجية للنزول مرة أخرى إلى منصات التظاهر ، بحسب مراقبين.
نهاية الانسداد
المحلل السياسي مهند الجنابي، يقول ان "انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية لا يعني نهاية الانسداد بقدر نهاية المعالجات والآمال المنشودة في تحقيق دولة مؤسساتية قوامها القانون والكفاءة والتخطيط السليم".
ويضيف الجنابي لـ"العين الإخبارية"، إن "قرار رئيس التيار الصدري يعد بمثابة نزع الشرعي عن النظام السياسي القائم وأن العملية الديمقراطية باتت برمتها على المحك وخصوصاً أن العراقيين قدموا الكثير حتى يدفعوا ببذور التغير وبالتالي فإن الأزمة في طريقها للتحول من الطاولات السياسية إلى الشارع الاحتجاجي مجدداً".
وإذا ما نجحت قوى الإطار التنسيقي في تشكيل الحكومة الجديدة بوصفها أكبر الفائزين بعد التيار الصدري، كما يقول الجنابي، فأننا سنكون امام أضعف النسخ الوزارية التي حكمت العراق منذ 2006، كونها فاقدة الانتماء لأحداث خريف 2019 الاحتجاجية.
وكان رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي الذي يجري زيارة إلى المملكة الأردنية أشار إلى "إننا سنمضي بتشكيل حكومة تتحمل القوى السياسية مخرجاتها، كما أن الخطوات المقبلة قد تمضي سريعاً".
فيما تندفع تداعيات الانسحاب الصدري من المشهد السياسي إزاء الشارع العراقي شيئاً فشيئاً ، تحاول قوى الإطار التنسيقي تحاول إشاعة الطمأنة وتمرير ما يجري دون تداعيات وخيمة، باعتبارها أكبر المستفيدين مما حدث.
رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، و في تغريدة له على تويتر، أبدى قلقه إزاء تلك التطورات وخشية ان تتداعى إلى "فوضى"، عقب قرار انسحاب الصدر.
وقال البارزاني، "إننا ننظر بقلق إلى آخر التطورات السياسية في العراق، نأمل ألا تكون هناك فوضى، وأن يكون مجلس النواب ممثلا لكل العراقيين"، داعياً في الوقت نفسه جميع الأحزاب الكردية إلى "الوحدة".
من جانبه، عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبين سلام، أكد وخلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إنه "من المرجح ان يتم طرح مبادرة من الرئيس الكردي مسعود البارزاني خلال الأيام المقبلة من شأنها التقريب بين الفرقاء ولملمة المواقف بما ينهي الانسداد السياسي".
ويضيف سلام، ان "الديمقراطي الكردستاني مستمر في حواراته مع القوى السياسية بشأن ملفات المشهد الراهن من بينها مرشح رئاسة الجمهورية والحكومة الجديدة".
وعلى وقع تلك التطورات، عقد اجتماع ثلاثي ضمن رؤساء الجمهورية والوزراء والقضاء الأعلى، جاءت مخرجاته بالدعوة إلى التهدئة ووحدة الصف العراقي.
وبحسب بيان لمجلس القضاء، استضاف فائق زيدان رئيس الجمهورية برهم صالح و رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وبحث معهما تطورات المشهد السياسي وانعكاساته على الواقع الاقتصادي والخدمي للبلد.
واتفق الحاضرون، على "دعوة كافة القوى السياسية إلى لم الشمل ووحدة الصف للوصول الى معالجة حقيقة وواقعية للازمة السياسية بما يضمن وحدة العراق ومصالحه على كافة الأصعدة"، بحسب البيان.