"سفاري الخير".. قوة قطر الناعمة في خدمة الإرهاب
البرنامج تموله "قطر الخيرية" المصنفة إرهابية في ععدة دول لتوسيع نفوذ الدوحة في الخارج تحت ستار الأعمال الخيرية والمساعدات الإنسانية.
على طريقة دس السم في العسل، يروج برنامج "سفاري الخير"، التي تموله جمعية قطر الخيرية، بالتعاون مع تلفزيون قطر، لأعمال الجمعية بشكل خاص، ولصورة قطر بشكل عام.
وتحيط شبهات عدة بالبرنامج التي تموله "قطر الخيرية" ذراع الحكومة القطرية لتوسيع نفوذها في الخارج تحت ستار الأعمال الخيرية والمساعدات الإنسانية، والمصنفة إرهابية في عدد من الدول.
ومن أبرز تلك الشبهات تجاهله الفقراء والمحتاجين في قطر والدول العربية، والميزانية الضخمة المرصودة لإنتاجه، والأهداف الخبيثة التي يسعى لتمريرها.
أهداف خبيثة
يستهدف البرنامج، الذي يبث على "تلفزيون قطر" خلال شهر رمضان، تحقيق عدد من الأهداف من أبرزها، تلميع قطر وتحسين صورتها الذهنية في العالم، عبر توظيف قوتها الناعمة لاستغلال دعم الفقراء في عدد من الدول وتصويرهم.
ويستهدف البرنامج كذلك الترويج لجميعة قطر الخيرية، وأعمالها، وحث المحسنين من أهل قطر على التبرع لدعم الجمعية.
- بالأسماء.. منظمات قطر "الخيرية" لتمويل الإرهاب
- كوسوفو تجمد نشاط جمعية قطر الخيرية لإضرارها بأمن البلاد
من أهداف البرنامج أيضا حث أهل قطر على الرضا بالواقع والترويج لسياسات الحكومة، وهو يظهر جليا في حرص المشاركين في البرنامج على مقارنة الأوضاع في البلاد التي يزورونها والتي تعاني من ضيق الحال وظروف قطر، باعتبار أن الحكومة القطرية وفرت لهم ما لا يجده الآخرون في بلادهم، في مقارنة مخلة وغير منصفة.
ويلجأ البرنامج لتحقيق هذه الأهداف بطريقة خبيثة، لا يستشعرها المشاهدين، عبر اختيار عدد من المشاهير في قطر من الدعاة والإعلاميين ونشطاء مواقع التواصل، وتقسيمهم إلى فريقين، يتوجهان إلى دولة ما (هذا العام قرغيزستان)، ومن ثم يتنافسان في إنجاز مشاريع خيرية وإنسانية في تلك البلد.
وخلال ما يقوم به الفريقان يأتي تمرير العديد من الرسائل- التي تبدو وكأنها عفوية- لتحقيق الأهداف الحقيقية للبرنامج.
شبهات كثيرة
وتحيط العديد من الشبهات حول البرنامج وأهدافه أبرزها الجهة التي تقف خلف تمويله وهي جميعة قطر الخيرية المصنفة إرهابية في عدد من الدول.
ومنذ انطلاق البرنامج قبل 6 سنوات، لم يتوجه في أيا من مواسمه إلى المحتاجين والفقراء في أي دولة عربية.
وهناك تساؤلات حول الميزانية الضخمة المرصودة لإنتاج البرنامج والتي كان الأولى بها الفقراء، والتي تظهرحالة البذخ التي يقيم فيها المشاركين في البرنامج عن طريق الإقامة في الفنادق الفخمة، وتناول أفضل الأطعمة، ثم ينتقلون للحديث عن الفقراء الذين لا يجدون قوت يومهم.
وتجاهل البرنامج قطر نفسها والفقراء والمعوزين داخلها، وهو ما عبر كثير من المغردين عن انتقادهم له، مشيرين إلى أن الأقربون أولى بالمعروف.
وكان البرنامج بدأ عام 2014 في بوركينا فاسو، وفي العام التالي، إندونيسيا، تلاها بلاد البلقان البوسنة والهرسك وكوسوفو وألبانيا، ثم غانا، ومالي.
القطريون ينتقدون
وفي هذا الصدد انتقد عدد من المغردين القطريين البرنامج، ومن بينهم صاحب حساب يدعى (ROYAL) ، الذي تساءل قائلا: "برنامج سفاري الخير الذي يعرض في رمضان ما ترك أسرة عندهم ما بنى لها بيت وأثاث كامل وبنوا مدارس وأنابيب مياه للقرى، ونحن في قطر آلاف الأسر ما عندهم بيت يعيشون في إيجار المطلقات والأرامل.. أليس هذا حراما؟، والله تناقض ومأساه ما يصير".
وأردف: "أرجو من المسؤولين في برنامج سفاري الخير ويعيدون النظر في تبذير أموال الدولة وينفقونها على محتاجين أهل قطر فهناك أناس محتاجون وماعندهم بيوت، الأقربون أولى بالمعروف ليش الرياء في التلفزيون وأمام العالم!!".
واتفقت معه المغردة "الغادة"، مؤكدة أن "الهدف من البرنامج هو الظهور الإعلامي والاستعراض"، قائلة: "يحبون (الشو) الواضح أمام الملايين لكن أن يساعدوا من في قطر مستحيل".
بدوره، قال عمر بن حمد: "كلام صحيح ويجب دراسه الموضوع المطلقات والأرامل وغيرهم سواء مواطنين أو غير مواطن فالأجر محسوب عند الله، هناك أسر متعففه يجب النظر إليها من الداخل وعدم أخذ نظرة خارجيه فهم متعففين".
من جهته، انتقد أحمد الشيب طبيعة المساعدات في البرنامج نفسه، قائلا :"تمنيت إن كانت حلقات تلفزيون قطر في سفاري الخير للتبرع بالأساسيات وليس بالكماليات حتى حلقة أمس هو تبرع للكماليات في قيرغيزستان وملايين من البشر في حاجة للأساسيات وليس في متناول أيديهم".
وتابع: "يليت أحدا يعطيهم دورة في التسلسل الهرمي للاحتياجات لدى الإنسان".
قطر الخيرية.. سجل أسود
لجمعية قطر "الخيرية" سجل أسود في دعم وتمويل الإرهاب في عدد من دول العالم.
فمنذ منتصف 2015 قدمت قطر الخيرية شحنات من المساعدات للمجلس المحلي اليمني في المكلا الذي كان تحت سيطرة قياديي القاعدة في شبه الجزيرة العربية قبل تحرير المكلا من قبل قوات التحالف اليمنية والسعودية.
وبعد وصول المساعدات إلى المكلا استمرت قطر الخيرية بعملياتها في المناطق التابعة للقاعدة في شبه الجزيرة العربية في حضرموت، بما في ذلك حملة يناير/كانون الثاني 2016 التي تمت الموافقة عليها من قبل القيادي اليمني المحلي في شبه الجزيرة العربية.
وفي 8 يونيو/حزيران 2017، صنفت كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية جمعية قطر الخيرية في قوائم الإرهاب المحظورة لديها، ضمن قائمة ضمت 12 كيانا و59 فردا.
وأشار البيان الصادر آنذاك إلى أن "هذه القائمة مرتبطة بقطر وتخدم أجندات مشبوهة في مؤشر على ازدواجية السياسة القطرية التي تعلن محاربة الإرهاب من جهة وتمويل ودعم وإيواء مختلف التنظيمات الإرهابية من جهة أخرى".
وفي أبريل/نيسان 2019، كشف كتاب يحمل اسم "أوراق قطر"، عن التمويل القطري للإرهاب في أوروبا، عبر مؤسسة "قطر الخيرية"، التي تبث سمومها تحت ستار المساعدات الإنسانية وتمول بناء مساجد ومراكز ومؤسسات تابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي.
ووصف الصحفيان الاستقصائيان، كريستيان شينو، وجورج مالبرنو، في كتابهما "قطر الخيرية" بـ"المؤسسة الأقوى في تلك الإمارة الصغيرة"، مؤكدين أنها تمكنت من "التوغل في 6 دول أوروبية أبرزها فرنسا، وإيطاليا، وسويسرا"، كما حذرا من خطورة هذا التمويل.
ورسم كتاب "أوراق قطر" المؤلف من 295 صفحة خرائط توضيحية لمحاولة الدوحة بث التطرف في أوروبا، كما كشف للمرة الأولى، تفاصيل أكثر من 140 مشروعاً لتمويل المساجد والمدارس والمراكز، لصالح الجمعيات المرتبطة بتنظيم الإخوان الإرهابي.
وجمع الصحفيان مالبرنو (من صحيفة لوفيجارو) وشينو (من إذاعة فرانس إنتر)، آلاف الوثائق الداخلية لمؤسسة قطر الخيرية التي تكشف الملايين التي أنفقها أمير قطر على عملائه في أوروبا أبرزهم: طارق رمضان حفيد مؤسس الإخوان المتهم في قضايا اغتصاب في فرنسا، الذي كان يتلقى شهريا 35 ألف يورو كمستشار لإحدى مؤسسات المجتمع المدني القطرية في أوروبا.
كما أظهر الكتاب الذي أصدرته دار نشر (ميشيل لافون) الطموح الجيوسياسي الذي يرسمه أمير قطر خارج حدوده لتوسيع نفوذه خاصة في أوروبا تحت ستار الأعمال الخيرية، حيث يأخذك الكتاب في رحلة خلف كواليس إحدى منظمات المجتمع المدني القطرية التي تتصل مباشرة بالسلطات القطرية، يمولها شخصيات عدة من آل ثاني المقربين من أمير قطر تميم بن حمد.
وفي أغسطس/ آب 2019، كشفت صحيفة "تليجراف" عن أن هيئة الرقابة على الجمعيات الخيرية في بريطانيا أصدرت تحذيرا حول "استقلال" جمعية خيرية بريطانية ترتبط بمؤسسة قطرية أدرجت على قوائم الإرهاب في دول خليجية.
وقالت الصحيفة البريطانية، في تقرير نشرته ، إن الهيئة أعربت عن قلقها إزاء "استقلال" جمعية "قطر الخيرية" في المملكة المتحدة، التي تقدم ملايين الجنيهات إلى المساجد وغيرها من المنظمات في جميع أنحاء بريطانيا.
وأوضحت أن الهيئة تدخلت قبل 4 أعوام بعد أن اكتشفت أن 98% من تمويل المؤسسة البريطانية يأتي من جمعية "قطر الخيرية" ومقرها الدوحة، لتمويل مشاريع محددة في المملكة المتحدة.
هذا التحذير كُشف عنه في تقرير الامتثال الذي اطلعت عليه "تليجراف"، والذي يظهر أن هيئة الرقابة أعربت أيضا عن قلقها من أن جميع أمناء الجمعية الخيرية في المملكة المتحدة في عام 2015 كانوا مرتبطين بجمعية "قطر الخيرية"، و3 منهم يتقاضون رواتب منها.
ولفتت الصحيفة إلى أن جمعية "قطر الخيرية" الدوحة، كانت واحدة من 12 مؤسسة أدرجتها السعودية ومصر والإمارات والبحرين على قائمة الإرهاب عام 2017.
وكانت جمعية "قطر الخيرية" المملكة المتحدة غيّرت اسمها في وقت لاحق من ذلك العام إلى "نكتار ترست"، لكن الحسابات تظهر أنها تلقت 28 مليون جنيه إسترليني من جمعية "قطر الخيرية" في عام 2017، قبل أن تنخفض التبرعات بشكل حاد.