صلاح السعدني.. "عمدة الدراما" يبعده المرض عن الشاشة
صلاح السعدني ولد يوم 23 أكتوبر 1943 ونجح في منح كل دور أداه لمسة خاصة تركت أثرا في وجدان المشاهد العربي الذي منحه لقب "عمدة الدراما".
بخفة ظل وقوة شخصية وموهبة حقيقية ممزوجة بذكاء وفطنة، حفر النجم المصري صلاح السعدني اسمه بين كبار الفنانين العرب بسهولة، بل تربع على العرش في بعض الفترات، وساعدته في ذلك قدرته على انتقاء أدواره بعناية وتجنب الوقوع في فخ تكرار الشخصيات التي يجسدها.
الفنان المصري الكبير، الذي ولد يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول 1943، نجح في منح كل دور لعبه لمسة خاصة تركت أثرا في وجدان المشاهد العربي؛ الذي منحه لقب "عمدة الدراما" عن جدارة واستحقاق، خاصة بعدما أدى دور "العمدة" باقتدار في مسلسل "ليالي الحلمية".
ولد صلاح الدين عثمان إبراهيم السعدني في كفر القرينين بمحافظة المنوفية شمال القاهرة، ونشأ وسط أسرة تعشق الثقافة وتهتم بالأحداث السياسية على الساحتين المصرية والعالمية؛ ليخرج منها وشقيقه الكاتب الساخر محمود السعدني مثقفين يتسلحان بمبادئ وأفكار صنعت فرقا فيما قدماه في مجالهما.
أحب التمثيل منذ صغر سنه، ورغم التحاقه بكلية الزراعة فإنه كان يؤمن بأنه لن يعمل إلا في مجال التمثيل، وقادته الأقدار خلال المرحلة الجامعية للتعرف على صديق عمره ورفيق دربه الزعيم عادل أمام، الذي شجعه كثيرا على الوقوف على خشبة المسرح.
وعن هذه المرحلة يحكي صلاح السعدني: "كانت مرحلة جميلة فيها تشكلت أحلامي، وأدركت أن الفن يحتاج مجهودا، ومن حسن حظي أني التقيت عادل أمام الفنان الذي يجمع بين الموهبة والإرادة".
شارك صلاح السعدني في عدد كبير من العروض المسرحية بالجامعة، لكن مشوار الاحتراف لم يبدأ حتى التقى المخرج الكبير محمد فاضل، الذي شاهده ورشحه للعمل في مسلسل "الضياع" إنتاج 1960، ولأن العمل لم يحقق النجاح الذي تمناه، شعر الفنان الصاعد بالإحباط وابتعد عن الساحة 3 سنوات.
لم يخرجه من عزلته إلا المخرج الكبير نور الدمرداش الذي اختاره للمشاركة في مسلسل "الضحية" 1964، وبالفعل حقق العمل نجاحا كبيرا آنذاك؛ ليكون بداية الانطلاقة الحقيقية للشاب الطموح.
توالت بعد ذلك أعمال السعدني الناجحة، لكن يظل مسلسل "أبنائي الأعزاء شكرا" 1979 للمخرج محمد فاضل، نقطة التحول الحقيقية في حياته؛ إذ حقق نجاحا كبيرا وقت عرضه، ليصنع نجومية "العمدة".
في فترة الثمانينيات توهج "عمدة الدراما المصرية"، خاصة بعدما رشحه المخرج إسماعيل عبدالحافظ للمشاركة في بطولة مسلسل "ليالي الحلمية"، حيث جسد في أجزائه الـ5 شخصية "سليمان غانم"، العمدة المحب لوطنه والساخر من كل شيء حوله.
وبالتزامن مع تألق السعدني في الدراما، قدم الفنان الموهوب مجموعة من الأفلام المهمة للشاشة الفضية، منها: "العملاق"، "لعدم كفاية الأدلة"، "طالع النخل"، و"زمن حاتم زهران".
حرص السعدني على ترك بصمة مختلفة في وجدان المشاهد العربي بانتقاء الأعمال التي يقدمها لتكون ذات المحتوى الهادف، وبالفعل قدم خلال فترة التسعينيات مسلسلات لن تسقط من ذاكرة الدراما المصرية، منها: "أرابيسك"، "قهوة المواردي"، "الحساب"، "درب ابن برقوق" و"الحلم الجنوبي"، فضلا عن "ليل وخونة"، "درب الرهبة" و"تحت الصفر" على الشاشة الفضية.
بعد 4 عقود من التألق، غافل المرض جسد "العمدة" أثناء تصويره مسلسل "القاصرات" 2013؛ ليلزمه الفراش ويجبره على الابتعاد عن معشوقته الأولى، مكتفيا بما حققه من نجاحات وما قدمه من أعمال تخلد اسمه في سجل الفن العربي لقرون كثيرة.