خبير إماراتي: الضغط على إيران سبيل صفقة قابلة للحياة
أكد خبير استراتيجي إماراتي أن الضغط على النظام الإيراني هو السبيل الوحيد للتوصل إلى "صفقة" قابلة للحياة تلبي تطلعات جميع الأطراف.
الكلام للخبير الاستراتيجي الإماراتي سالم الكتبي، في مقال له نشرته "القناة السابعة" الإسرائيلية تحت عنوان "ملالي إيران واستراتيجيات المرحلة المقبلة".
وقال الكتبي في المقال الذي طالعته "العين الإخبارية": "لا شك أن القلق والارتباك الشديدين يسيطران على رؤية نظام الملالي في هذه الفترة، ولهذا فإن ما يحدث من حوله يأتي من خارج صندوق حساباته الاستراتيجية التقليدية، التي كانت ولا تزال تتمحور حول أفكار عفا عليها الزمن".
التوسع والهيمنة
أفكارٌ أوضح الخبير الإماراتي، أنها تتمثل في "تنفيذ مشروع الهيمنة التوسعي الذي بدأ بعد توقيع الاتفاق النووي مع مجموعة (5 + 1)".
وعن هذا الاتفاق، اعتبر الكتبي أنه "مليء بالثغرات التي ركزت على جانب واحد فقط، وهو البرنامج النووي الإيراني. فضلا عن إخفاقه في مراعاة باقي المتغيرات والبيانات التي قد تضمن تحييد الخطر والتهديدات الإيرانية".
وأشار إلى أن "ما يحدث الآن يمثل عودة إلى أجواء ما قبل الاتفاق النووي في الشرق الأوسط، "لكن مع وجود عنصر ضاغط على أجواء التفاوض، يتمثل في توسع النفوذ الإيراني في العراق وسوريا".
وفي الجزئية الأخيرة، نوّه الكاتب الاستراتيجي بأن النظام الإيراني "يسعى إلى اعتبار العراق وسوريا رهينتين وورقة تفاوض مؤثرة عندما ينتظر أن يجلس على طاولة المفاوضات مع فريق الرئيس الأمريكي جو بايدن أو أية أطراف دولية أخرى".
وأضاف: "الحقيقة أن الملالي حققوا، من خلال استغلال ثغرات الاتفاق النووي، مكاسب استراتيجية يصعب إنكارها".
فعلى الرغم من خسائر إيران الفادحة على المستويات الاقتصادية والتجارية والتنموية بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، فإن النظام استخدم الاتفاق كمظلة لمشروعه التوسعي، يقول الكتبي.
واستطرد في هذا الإطار: "تجاهل نظام الملالي أي تأثير للانسحاب الأمريكي المتوقع - في ذلك الوقت - على المكاسب الاقتصادية الكبرى التي حققوها بفضل رفع العقوبات المفروضة على طهران، والتي يعود بعضها إلى عام 1979 ، واكتفوا برؤية هدف سابق لأوانه يتمثل في التوسع العسكري والسعي للوصول إلى شواطئ سوريا في الغرب واليمن في الجنوب".
وتابع "رغم خسائرهم البشرية والمادية الفادحة نتيجة هذا التوسع المريض، فإنهم يصرون على مزاعم فارغة تدحضها الضربات الإسرائيلية المتتالية التي تتعرض لها المليشيات الإيرانية المتمركزة في سوريا!"
تصدير الطائفية
وفي ضوء ذلك، يرى الكاتب الإماراتي أنه "يمكن القول إن استراتيجية الملالي منذ اندلاع ثورة الخميني عام 1979 لم تتغير، ويبدو أنها غير قابلة للتغيير في المستقبل المنظور".
استراتيجية بيّن الكتبي أنها تتمثل في "استخدام أموال النفط الإيراني في نشر العنف وتفعيل شعارات تلك الثورة، والضحية لذلك إيران بشبابها وشعبها وكذلك الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي".
وشدد الكتبي في هذا الصدد على أنه "لا يحق للثورة أن تدعي النجاح بعد ما يقرب من أربعة عقود، بينما لم تنجح في تصدير أي منتج إيراني سوى الطائفية والعنف والقتل والمؤامرات!".
وأردف "في ظل هذا الواقع المؤلم، تصبح مهمة إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن في التعامل مع الملالي صعبة للغاية، لأن التاريخ الأخير يشير لنا ببساطة إلى تكتيك "حائك البساط" الإيراني".
ما يعني من وجهة نظر الكاتب "التلاعب بالمفاوض الأمريكي كما حدث في عهد الرئيس السابق باراك أوباما وإرهاقه على مدى سنوات طويلة من المفاوضات والجولات الماراثونية حتى أجبر على توقيع اتفاق يحمل جينات الفشل".
لكنه استدرك "الدرس هنا هو أن على الإدارة الجديدة التعامل مع الملالي وفق تجارب وليس بناء على التصورات التي تسكن أحيانًا رؤساء المفاوضين، لأن نظام الملالي لن يتحول إلى عنصر استقرار إقليمي إلا من خلال ردع دولي قوي يضع حدودًا وقيودًا مستحقة على تحركاته".
واستكمالا للجزئية الأخيرة "يجب أن يتم ذلك بطريقة تضمن حق دول المنطقة في الأمن والسيادة على أراضيها وعدم تدخل هذا النظام البغيض في شؤونها الداخلية".
وفيما يتعلق بقرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة بشأن إيران، أوضح المحلل السياسي بالقول "إذا رأت بعض التحليلات أن قرارات ترامب الأخيرة بشأن إيران تهدف إلى تعطيل حملة بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، فأنا أعتقد أن هذه القرارات تخدم في الواقع إدارة بايدن ولا تعيقها".
وعلّل ما سبق بأن "وجود نظام الملالي في بيئة تفاوضية مريحة نسبيًا يقوي موقفه ويدفعه إلى تشديد مطالبه، لكن تصعيد الضغط مهما كان سيساهم بلا شك في إجباره على الانصياع للإملاءات الأمريكية".
وأشار الخبير الاستراتيجي الإماراتي الى أنه "يمكن أن يكون هذا هو الحال بشرط ألا تتعجل الإدارة الأمريكية الجديدة في تحقيق مكاسب سياسية قصيرة المدى سواء بالعودة إلى الاتفاق النووي دون شروط أو قيود، أو بتجاهل مطالب دول مجلس التعاون الخليجي بأن يكون لها دور حقيقي في أي مفاوضات مقبلة بشأن الاتفاق النووي مع إيران".
صفقة قابلة للحياة
وأكمل: "أخيرًا، لن ينكر أحد بأن أحد الأمور الأكثر أهمية في دروس الماضي القريب بالتعامل مع الملالي هو أن أفضل نتائج العلاقات الأمريكية الإيرانية قد تحققت في فترات شعر فيها الملالي بالقلق الشديد والخطر على مستقبل نظامه".
ومفصلا في ذلك، قال "حدث هذا خلال عدة فترات، بما في ذلك أثناء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وبعد الرد العسكري الأمريكي على هجمات 11 سبتمبر/أيلول في 2001 بقصف معسكرات القاعدة وطالبان في أفغانستان، حيث أظهر الملالي تعاونًا كبيرًا مع الولايات المتحدة".
وختم سالم الكتبي بالقول: "الضغط على نظام الملالي هو السبيل الوحيد للتوصل إلى صفقة قابلة للحياة تلبي تطلعات جميع الأطراف لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين".