المصريان محمد الغزلاني ومجدي سالم.. إرهاب أسود بين القاعدة وداعش
بقرار لافت، وغير مستبعد، فرضت الخزانة الأمريكية، عقوبات على الإرهابيين المصريين محمد الغزلاني، ومجدي سالم، لتورطهما مع تنظيم القاعدة.
ويعد كل من الغزلاني وسالم، أحد أخطر العناصر الإرهابية الهاربة إلى تركيا، إذ إنهما يواجهان أحكاما بالإعدام والمؤبد في قضايا إرهاب بمصر تم تنفيذها في الفترة ما بين يناير/كانون الثاني 2011 وحتى 30 يونيو/ حزيران 2013.
الغزلاني، واسمه بالكامل محمد نصر الدين فرج الغزلاني، مواليد 5 سبتمبر/أيلول 1968، كان يسكن في منطقة كرداسة بالجيزة غربي القاهرة، وينتمي والده، و6 آخرون من عائلته، إلى تنظيم "الجهاد" الإرهابي.
أما مجدي سالم، فهو مؤسس تنظيم "طلائع الفتح" عام 1992، والذي ظل طوال السنوات العشر الأخيرة يعمل على تجنيد الشباب وضمهم لصفوف الإرهابيين، وتصديرهم لاحقا للانضمام لتنظيمات متطرفة كالقاعدة وداعش.
وأثار قرار الخزانة الأمريكية الصادر منذ يومين، تساؤلا حول توقيته، والأسباب التي دفعتها لاتخاذه رغم أن النشاط الإرهابي للغزلاني وسالم وعائلتهما، ليس بجديد، كما أن التورط مع تنظيم القاعدة الإرهابي، لم يكن التهمة الوحيدة في السجل الإرهابي والإجرامي، لاثنين من أبرز وجوه تنظيم الجهاد في مصر، منذ الثمانينيات.
وأشار تقرير الخزانة إلى أن القاعدة استخدمت حاملي الأموال الموجودين في تركيا، مثل سالم والغزلاني، لتسهيل تحويل الأموال نيابة عن القاعدة، بما في ذلك توفير الأموال لعائلات أعضاء القاعدة المسجونين.
غطاء قانوني
وعلمت "العين الإخبارية" من مصادرها أن الغزلاني أسس مكتبا للاستشارات القانونية في تركيا مارس/آذار الماضي بعد اتهامه بالتواصل مع عناصر تابعة لتنظيم داعش.
الشركة التي حملت اسم الإرهابي "غزلان للاستشارات القانونية"، جاءت كغطاء جديد له، يسعى من خلالها لاستقطاب الشباب الراغبين في الحصول على الجنسية التركية، وإقناعهم بالفكر الجهادي مقابل امتيازات مالية يحصلون عليها، وضمهم لاحقا لصفوف داعش الإرهابي.
ووفق المصادر اتفق مجدي سالم مع غزلان على تأسيس مكتبه القانوني، على غرار عدة مكاتب قانونية أنشأها إرهابيون مثل عطية غزلان، وممدوح إسماعيل وعادل راشد في تركيا، بحيث يكون الظاهر تقديم خدمات الدفاع في الدعاوي القضائية لدى المحاكم التركية، جنبا إلى جانب تسهيل إجراءات الحصول على الجنسية التركية من خلال الاستثمار العقاري، بينما يستهدفون في الواقع عمليات تجنيد واسعة.
ولا يبدو أن "الغزلاني" يواجه حاليا مشكلة مع الاستخبارات التركية، إذ إنه نجح في عقد صفقة معها، فهو لا يمانع من نقل تحركات داعش لهم، في مقابل الاستمرار في تجنيد عناصر جدد وتصديرهم لتنفيذ عمليات خارج تركيا، بحسب المصادر.
وكانت الاستخبارات التركية اكتشفت أن الغزلاني لديه علاقة بتنظيم داعش في سوريا، ويعد مع التنظيم عمليات إرهابية، وأنه أصبح خطرا على تركيا، فألقت القبض عليه، لكن بعد فترة قامت بتحييده، عبر صفقة خرج على إثرها بعد أن قدم لهم معلومات ساعدت في القبض على 16 آخرين، جميعهم من تنظيم" السلفية الجهادية".
صبرة القاسمي الخبير المصري في الحركات الإسلامية، والعضو المنشق عن تنظيم الجهاد يقول لـ"العين الإخبارية" إن "الخزانة الأمريكية اتخذت قرارها بعد ثبوت تورط الغزلاني وسالم في اتصالات مباشرة مع تنظيمات إرهابية كالقاعدة وداعش، لافتا إلى أن هناك تواصلا وتنسيقا بين الاثنين في هذا الغرض".
ويضيف القاسمي: الأخطر أن هذه الاتصالات كانت بدايتها في 2013، مع اللجنة التي أرسلها الرئيس المصري الإخواني والراحل محمد مرسي إلى سيناء، حيث عززت هذه الخطوة العلاقة بين الغزلاني وسالم وبين تنظيم ولاية سيناء وهو فرع داعش المصري.
وتابع: "منذ ذلك الحين توطدت العلاقات وهي مستمرة بعد سفرهما إلى تركيا، بل يمكن القول إنها أصبحت ذات رابطة أقوى مما كانت عليه، وهو أمر اكتشفته المخابرات التركية وكذلك المخابرات المركزية الأمريكية".
وكان الغزلاني وسالم ضمن اللجنة التي شكلتها الرئاسة المصرية في عهد الرئيس الإخواني مرسي مايو/أيار 2013 للتفاوض مع العناصر التكفيرية في شمال سيناء للإفراج عن 7 جنود مختطفين.
ولدى سالم، بحكم تأسيسه لتنظيم الجهاد، وكذلك الغزلاني واتصاله بسالم وبقية قيادات تنظيم الجهاد، علاقات واسعة مع العناصر المتطرفة السيناوية المتورطة في تفجيرات دهب وشرم الشيخ عام 2005..
ويرى عضو تنظيم الجهاد السابق أن قرار الخزانة الأمريكية "لم يكن مستبعدا حدوثه إذ إن العنصرين الإرهابيين لا يقتصر سجلهما الإجرامي على التواصل مع التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، ولكن أصبح لدى المخابرات المركزية الأمريكية ما يثبت تورطهما في أحداث إرهابية جسيمة ربما طالت الأمريكيين أنفسهم، بحسب القاسمي.
ويتابع واصفا سجلهما الإرهابي، بقوله: "الغزلاني وسالم عميلان مزدوجان لعدة دول وتنظيمات إرهابية، فانتمائهما الأساسي لتنظيم القاعدة وقاما بتوريد عناصر جدد للتنظيم، كما أنهما على صلة مباشرة بتنظيم داعش".
وحول خطورتهما، يقول "تكمن في أنهما مستمران في توريد الأشخاص العرب والمصريين بوجه خاص للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة، فهما يسهلان لهم عملية التوثيق سواء لمن يريد أن يغادر الأراضي المصرية أو العربية، بالإضافة لتكوينهما شبكة تسعى باستمرار لضم وجوه جديدة لتساعدهما في نقل أموالهما من مكان لمكان".
قواسم مشتركة
وفي الوقت الذي يصف فيه مراقبون الغزلاني بأنه "قائد الإرهابيين" في منطقة كرداسة، بالجيزة جنوب القاهرة، ضد الجيش والشرطة قبيل هروبه إلى الكويت ثم قطر ومنها إلى تركيا، يصفون سالم بأنه "أمير الظل" حيث يميل إلى إدارة الشبكات الإرهابية في السر مفضلا تصدير وجوه أكثر قبولا منه.
ويجمع الغزلاني وسالم، قواسم مشتركة، منها انتماؤهما للفكر الجهادي السلفي، في حين أن الأخير هو مؤسس تنظيم طلائع الفتح الجهادي عام 1992، في أعقاب تأسيس القاعدة في أفغانستان.
غير أن أجهزة الدولة المصرية نجحت في توجيه ضربات لتنظيم الطلائع وتم القبض على منتسبيه، بمن فيهم مجموعات كرداسة والتي كان من ضمنها أفراد من عائلة الغزلاني.
وهنا يظهر القاسم الثاني، وهو القبض عليهما والإفراج عنهما بنفس التوقيت عقب أحداث يناير عام 2011.
وألقي القبض على الغزلاني في نفس عام انضمامه لتنظيم الطلائع وحُكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً، بعد تورطه في أعمال عنف في تسعينيات القرن الماضي أبرزها قضية خان الخليجي عام 1994
ورفضت الأجهزة الأمنية بناء على تقارير من جهاز أمن الدولة الإفراج عنه في عام 2008، لخطورته على الأمن العام، وظل داخل السجن حتى أُفرج عنه 5 مارس/أذار عام 2011.
أما سالم، فقضى قرابة 18 عاما في السجون بعد القبض عليه في ذات القضية المعروفة إعلاميا بقضية التنظيم قبل أن يفرج عنه في 6 أبريل/نيسان 2011.
القاسم الثالث والأخير، هو هروب الغزلاني وسالم إلى تركيا، حيث فر الأول إلى الكويت ومكث بها فترة، قبل أن يفر مع اثنين آخرين إلى قطر ثم تركيا، ليكون سالم رفيقه من جديد في تركيا.
قوس مفتوح
مايكل مورجان، المحلل السياسي الأمريكي، يقول لـ"العين الإخبارية"، إن "تحديد الغزلاني وسالم دون غيرهما، يعني أن هناك أدلة واضحة وملموسة، وقاطعة على تورطهما في أعمال إرهابية وخاصة في عمليات تمويل ودعم الإرهاب".
ويضيف: "العقوبات التي لحقت بهما ستجمد نشاطهما، وفي نفس الوقت تمثل جرس إنذار لكل من يتعامل مع هؤلاء الأشخاص بأنه سيتم تعقبه وإنزال عقوبات به".
"قوس مفتوح" بحسب مورجان والقاسمي، لعناصر إرهابية أخرى، لم تفرض عليها الخزانة الأمريكية عقوبات بعد، على غرار الغزلاني وسالم.
ويقول القاسمي: "بالطبع هناك آخرون متورطون هاربون للخارج وستكون هناك جهود عالمية خلال الأيام المقبلة لإدراجهم على قائمة الإرهاب، وفرض عقوبات بحقهم".
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، تشديد العقوبات على تنظيم "حركة سواعد مصر" أو "حسم"، وإدراج اثنين من قيادته على قائمة الإرهاب، وهما علاء السماحي، مؤسس حركة "حسم"، وقيادي آخر في الحركة يدعى يحيى موسى.
ويوم الخميس الماضي، كشفت تفاصيل العقوبات الأمريكية على 5 أشخاص، منهم الغزلاني وسالم، قدموا دعما ماليا وتسهيلات السفر لعناصر القاعدة انطلاقا من تركيا.
نتيجة لإجراءات العقوبة، تمّ حظر جميع ممتلكات الأشخاص المدرجين المذكورين أو أي مصالح في ممتلكات لهم موجودة في الولايات المتحدة أو في حوزة أشخاص أمريكيين أو تحت تصرّفهم، ويجب إبلاغ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية عنها.
بالإضافة إلى ذلك، يتم أيضا حظر أي كيانات مملوكة، بشكل مباشر أو غير مباشر، بنسبة 50% أو أكثر من قبل شخص أو أكثر من الأشخاص المحظورين.
وتحظر لوائح مكتب مراقبة الأصول الأجنبية عموما جميع المعاملات التي يقوم بها الأشخاص الأمريكيون أو داخل أو عبر الولايات المتحدة التي تنطوي على أي ممتلكات أو مصالح في ممتلكات الأشخاص المصنّفين أو المحظورين، ما لم يكن ذلك مصرّحا به بموجب ترخيص عام أو محدّد صادر عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، أو معفيا من ذلك.
وتشمل المحظورات تقديم أي مساهمة أو توفير أموال أو سلع أو خدمات من قبل أو لصالح أي شخص محظور أو تلقي أي مساهمة منه أو توفير أموال أو سلع أو خدمات من أي شخص من هذا القبيل.
aXA6IDMuMTQ3LjI3LjEyOSA= جزيرة ام اند امز