سلمى الفقير.. مرشحة كفيفة تضيء الانتخابات المغربية
خطوة من نور قررت المغربية الكفيفة "سلمى الفقير" اتخاذها للتغلب على إعاقتها بالترشح للانتخابات المحلية في مدينة سلا.
سلمى، وهي امرأة في الـ44 من عمرها، تُعاني من إعاقة بصرية تمنعها من رؤية ما حولها، إلا أنها لم تُثنها عن الترشح للانتخابات البلدية، لتمثيل ساكنة حيها والدفاع عن مطالبهم وحاجياتهم.
بمجرد ولوجك مقر حزب التجمع الوطني للأحرار، تلفت انتباهك "سلمى" بنشاطها الكبير، وحيوتها منقطعة النظير، فضلا عن تمتعها بقدرات تواصل عالية، جعلت منها محور فريق مُتكامل داخل حملتها الانتخابية.
وفي الساعات الأخيرة قبل دخول مرحلة الصمت الانتخابات استعدادا للتصويت بالانتخابات الأربعاء، استعدت سلمى وباقي رفاقها في الحزب بتوزيع المهام والاتفاق على المناطق التي سيزورونها، وأهم الملفات التي سيتحدثون إلى الناخبين بشأنها.
ودُعي قرابة 18 مليون مغربي للإدلاء بأصواتهم غدا الأربعاء في انتخابات ذات طبيعة خاصة كونها تُجرى في ظل جائحة كورونا ووفق آلية تستخدم لأول مرة في المملكة.
وهذه هي المرة الأولى في تاريخ المغرب التي سيجري فيها انتخاب أعضاء مجلس النواب (395)، ومجالس المحافظات والجهات (أكثر من 31 ألفا) في يوم واحد، ما يتوقع أن يؤثر إيجابا على نسبة المشاركة.
بسلاسة كبيرة، تمضي هذه المرأة شامخة إلى مهمتها، وهي تمسك بيد أحد زملائها الذي يُعينها على معرفة الطريق، تقف عند البقال وتسترسل ببارعة في شرح برنامجها الانتخابي، قبل أن تمر على تجمع شبابي في نهاية ممر الحي، لتجلس إلى نسوة تجمعن أمام أحد البيوت.
براعة في التواصل يوازيها تعاطف كبير، يُظهران شعبية سلمى بين أهل منطقتها، حتى أولئك الذين فقدوا الثقة في العمل السياسي بحسب قولهم، تُحادثهم بكُل ثقة في النفس، بل وتقنع بعضهم أنه لازال من السياسيين من يفي بوعوده الانتخابية.
ست سنوات
انخراط سلمى الفقير في العمل السياسي لم يأت وفقاً لسياق انتخابي، بل التحقت بحزب التجمع الوطني للأحرار منذ عام 2017، وبين لقاءاته وأنشطته حسنت من مهارات التواصل ورفعت من مستوى مخزونها الفكري والسياسي.
وتطمح سلمى ضمن حزبها لإزاحة العدالة والتنمية من المشهد الحكومي، بعد ولايتين متتاليتين، جاء بعد اقتناع تام بـ"مبادئ الحزب السياسية"، وفقا لما أكدته المرشحة لـ"العين الإخبارية".
وجدت "الفقير" في الحزب اهتمام كبيراً قل في غيره بذوي الاحتياجات الخاصة، عبر إحداثه ودعمه لجمعية الأمل لذوي الإعاقة، المُنتشرة في مختلف أنحاء المملكة، بحسب قولها.
ولفتت إلى أنها ليست الوحيدة من ذوي الإعاقة المُرشحين إلى الانتخابات المغربية، مؤكدة أن عددا من الأحزاب الأخرى خصصت مكانة معتبرة لهم.
ولم تكن فكرة الترشح للانتخابات وليدة اللحظة لدى سلمى، بل راودتها منذ أعوم، قبل أن تتشجع وتتخذ هذا القرار بعد دعم كبير من رفاقها في الحزب.
سلمى، تؤكد أنها خططت لخوض الانتخابات البلدية لإيمانها بضرورة وصول صوت هذه الفئة وتمثيله في المؤسسات المنتخبة، خاصة على المستوى المحلي.
وترى أن الدفاع عن مطالب فئات ذوي الاحتياجات الخاصة، سيكون من موطن قوة، معللة اختيارها الترشح للانتخابات المحلية بأن أغلب مطالب ذوي الهمم لا تخرج من دائرة الولوجيات، سواء في الطرقات والأزقة، أو المرافق العمومية.
وبالإضافة إلى ذلك، تقول هذه المرأة إن للأشخاص ذوي الإعاقات بمختلف أنواعها لهم مطالب كثيرة، إلا أن أغلبها لا يتعدى الأساسيات كالتعليم، من خلال اعتماد نظام تربوي يُدمجهم في مقررات المنظومة.
كما أن العمل، واحد من أهم مطالب هذه الفئة التي تُدافع عنها سلمى، حيث تقول: إن ذوي الاحتياجات الخاصة، يطالبون بتوفير مواد قانونية للعمل تتناسب مع أوضاعهم، خاصة وأن الكثير لهم من الخبرة ما يفوق غيرهم في كثير من الأحيان.
وأضافت: "باسم باقي ذوي الاحتياجات الخاصة فإن هذه الفئة وبخلاف نظرة المُجتمع إليها، ليست اتكالية واستهلاكية، بل نشيطة بقدر كبير".
ولفتت إلى أنها تبحث عن فرص لإبراز مواهبها وقدراتها، والتحول من نمط "المستهلك" إلى نمط المنتج المُساهم في العملية الاقتصادية والاجتماعي، على جميع الأصعدة.
وشددت على أنها لن تكون مُمثلة للمكفوفين فقط، أو ذوي الاحتياجات الخاصة فقط، بل ستكون ممثلة لجميع المغاربة، وتعمل على تلبية مطالب كل من تنوب عنهم في المجلس المحلي.
عقبات
طريق سلمى الفقير نحو تحقيق التحدي الذي رفعته وحزبها، ليس مفروشاً بالورود، إذ تُعدد مجموعة من العقبات التي تعرقل مسيرتها الانتخابية.
وأوضحت أن من بين العقبات التي تواجهها، أفكار مسبقة لدى المغاربة بشأن العمل السياسي لدى ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أن هذه الفكرة ما تنفك تتلاشى عند التواصل معهم وشرح البرنامج الانتخابي بالتفصيل لهم.
ونبهت إلى أن ظروف فيروس كورونا وضعت بعضاً من العقبات في وجه الحملات الانتخابية، خاصة وأن توزيع المنشورات يجب أن يحترم عدداً من الإجراءات والشروط.
ومن بين الصعوبات، تقول سلمى الفقير إنها نجحت في تجاوزها بفضل اندماجها وسط زملائها ومساعدتهم لها، وهي البطء في التنقل من أجل التواصل مع الناخبين، إلا أن عملها ضمن فريق متكامل جعلها تتجاوز هذه العقبة.