المتطوعون وزلزال سوريا.. سواعد تبني الأمل من رحم الركام
في الرابعة والربع من فجر الإثنين، 6 فبراير/شباط، استيقظ عبدو الحموي على حدثٍ لن يفارق أذهانه طيلة حياته، عندما باغت الموت والدمار مدينته سلقين التابعة لمنطقة حارم في محافظة إدلب شمال غربي سوريا.
وضرب زلزال بقوة 7.8 درجة جنوب تركيا وسوريا المجاورة، الإثنين، تلته هزة أخرى بقوة 7.5 درجة، وسقط حتى مساء الخميس 9 فبراير نحو 20 ألف قتيل في البلدين.
يروي الحموي تفاصيل اللحظات المرعبة لـ"العين الإخبارية" قائلاً: "لا مسافة كبيرة بين مدخل بيتي وباب المبنى الذي أعيش فيه مع أسرتي. خلال ثوانٍ كنت أقطع تلك المسافة، لكن عندما وقع الزلزال لم أر شيئاً ولم أكن أعرف مكان الباب".
ويضيف: "أنا وعائلتي كنا ندور في الغرفة نفسها ونصرخ، إلى أن تمكّنا من الخروج من المنزل إلى الدرج المؤدي لباب المبنى، ولم يكن هذا سهلاً على الإطلاق، إذ كانت قطع الإسمنت وأحجار البناء تتساقط أمام البوابة وأصبحنا محاصرين بين أن نموت بالمبنى الذي سينهار لا محالة أو بأحجار البناء المتساقطة أمامنا وما هي إلا لحظات حتى أمسكت بعائلتي وخرجنا".
ويتابع: "كنت أظن أنها النهاية ولا شيء سيحدث، بيد أنني وقفت عاجزاً من هول المنظر وفظاعة الحادثة حينما خرج ابن جيراننا مسرعاً هرباً بحياته التي انتهت أمام المدخل اللعين عندما سقط عليه حجر بناء ومات فوراً ولم أستطع أن أتحرك وأترك عائلتي لمساعدة أهله في إسعافه وسحبه من تحت الأنقاض، كان كل همي سلامة عائلتي خصوصاً مع بدء الهزة الثانية وما نتج عنها من صوت مخيف، الذي اختلط بأصوات المطر والرعد والبرق التي أشعرتني أن القيامة قامت".
ويشير إلى أنه مع عدم وصول فرق أو مساعدات إنسانية شكّل العديد من الشباب السوريين فرقاً محليّة لمساعدة المتضررين من الزلزال.
ومنذ اليوم الأول للكارثة يعمل عبدو الحموي بشكل مستمر في بناء خيام للمتضررين ومدهم بما يتوفر دون أن يكترث للبرد أو التعب.
يقول عن ذلك: "من غير المعقول أن أبقى متفرجاً على مصيبة أهل بلدي دون مد يد العون لهم، وما لاقيته من أسى وبرد وخوف لي ولعائلتي في ذلك اليوم المشؤوم دفع في نفسي حب العمل من أجل الآخرين. صحيح أننا لا نقدم الشيء الكبير لكن أن تقدّم أغلى ما تملك هو بالنسبة لي أقصى درجات العطاء".
ويوضح: "بدون كلل أعمل في الليل والنهار تحت أقسى الظروف الجوية وأشدها مرارة ومثل كل شخص في مدينة سلقين فقدت الكثير من الأحبة والأقارب ولا تكاد صورهم تفارق مخيلتي طوال نهار عملي حتى أأوي إلى فراشي المتواضع في خيمة بعيداً عن منزلي الذي لا أعلم ما حل به ولم أستطع الوصول إليه خوفاً من أرى ما يوجع قلبي على منزل بذلت فيه كل استطاعتي وتعبي، وأكثر شيء يمنيني هو خروجي وعائلتي سالمين من لحظة موت طالت حياة الكثيرين من النائمين تحت أسقف منازلهم فلم يعد البرد يؤثر في يدي ولا الأمطار تبلل جسدي وكل همي هو سعادة عائلة تجتمع مع مَن تبقى من أفرادها تحت خيمة كان لي أثر فيها وبردت يداي في نقل وتثبيت مستلزماتها".