المغربية سميرة سعيد.. كبيرة سحرة الغناء
يحتار خبراء الموسيقى في العثور على لقب يليق بالمطربة المغربية سميرة سعيد، فهي فراشة التجديد، وأسطورة الغناء، وكبيرة السحرة.
تتلون بين الحين والآخر للهروب من آلة الزمن، وإرضاء كل الأذواق، وفي ذكرى ميلادها التي تحل 10 يناير من كل عام، نقترب من مشوارها الفني، ومسيرتها الطويلة.
منح القدر سميرة سعيد مواهب عديدة، فهي إلى جانب جمال الصوت، تمتلك ذكاء الاختيار، ولديها إصرار على البقاء في القمة مهما كانت التحديات، ويرى صناع الموسيقى أنها رغم التقدم بالعمر تغني بروح شابة، وتتحرك بحرية طائر يمتلك ألف جناح.
البداية
ولدت سميرة سعيد في 10 يناير 1958،بمدينة الرباط بالمغرب، وشقت طريقها في عالم الغناء منذ الصغر، إذ لاحظ أفراد أسرتها حبها للموسيقى، وامتلاكها صوتا معبرا، وفي العاشرة من العمر، امتلكت الجرأة، واستطاعت الوقوف على خشبة المسرح كي تؤدي بعض أغنيات كوكب الشرق أم كلثوم.
تحمست الصحافة المغربية لموهبة الطفلة المعجزة، وهذا الأمر منحها ثقة لافتة في مرحلة الطفولة، حيث أصرت على أن تصنع أغنيات خاصة بها، ورفضت الاكتفاء بترديد أغنيات الكبار.
وعندما بلغت من العمر 11 عاما، قدمت أولى أغنياتها الخاصة والتي حملت اسم "إلهي" كما شاركت في مسلسل تليفزيوني، وقدمت عدة أغنيات بين أحداثه.
في عام 1971، أعلنت "الديفا" عن نفسها جيدا، وعرفها الجمهور في تونس والجزائر وتخطت شهرتها حدود المغرب، وكان ذلك بعد طرحها أغنية "لقاء" من تأليف محمد كواش ولحن عبد الله عصامي.
يوما بعد يوم زادت شهرة النجمة المغربية، وتهافت عليها متعهدو الحفلات في العالم العربي، ولكنها لم تتعامل مع الأمر بمنطق الباحثة عن الثراء، تعاملت مع الفن باعتباره إبداعا يكتب لصاحبه البقاء والخلود.
أرادت أن تصنع تجربة تعيش في وجدان الناس، لذا قررت السفر إلى مصر عام 1977، وهناك التقت عددا كبيرا من عمالقة الموسيقى الذين تعاونوا معها وأسهموا في تطوير شخصيتها الفنية.
السطوع في مصر
عندما جاءت سميرة سعيد إلى مصر، كانت النغمة الكلاسيكية في الغناء هي السائدة، وكانت تجارب وردة، وفايزة أحمد، وميادة الحناوي هي المتربعة والرائجة بين كل فئات الجمهور.
تعاونت مع الموسيقار محمد سلطان ومحمد الموجي ولكنها لم تقدم تجربة لافته ومؤثرة، حتى التقت عبقري التلحين بليغ حمدي، صحيح أنه لم يصنع معها نفس نجاح وردة ولم يساندها مثل ميادة الحناوي، لكنه علمها كسر الثوابت والتمرد على المألوف.
وأثمر تعاونها مع بليغ حمدي عدة أغنيات مهمة في مشوارها منها: "علمناه الحب، وقالوا عنا كتير".
لم يهدأ حماس سميرة، وراحت تبحث عن عمل شديد الخصوصية، وتمردت على الأغنية الطويلة، وتلاقى طموحها مع حماس الموسيقار المبدع جمال سلامة، وكانت الأغنية الرائعة "قال جاني بعد يومين" نتاج هذا التعاون.
وفي الثمانينيات توهجت سميرة سعيد بأعمال غنائية رشيقة وساحرة مثل: "احكي يا شهر زاد، وحشني بصحيح، ومش هتنازل عنك".
مرحلة التسعينيات
بذكاء شديد، راهنت على الأغنية السريعة في مرحلة التسعينيات، ومزجت بين اللونين المصري والمغربي في عدة تجارب، كما شهدت هذا المرحلة تعاونها مع مدارس لحنية متنوعة مثل الملحن الليبي إبراهيم فهمي، وصلاح الشرنوبي، ومحمد مصطفى، وطرحت عدة ألبومات ناجحة منهاك خايفة، وعاشقة".
وبالرغم من نجاح الديفا في مصر، لم تتجاهل جمهور الخليج، وكانت حريصة على تقديم أعمال باللهجة الخليجية ومنها ألبوم "بلا عتاب".
التجديد والسحر
راهنت سميرة سعيد بجانب حلاوة صوتها على صورتها وملامحها الجذابة، واستثمرت ذلك في تصوير أغنياتها الناجحة بطريقة الفيديو كليب، اعتمدت على الإبهار في الصورة والتعاون مع مخرجين يمتلكون الجراءة الشديدة، وحققت نجاحا كبيرا.
قدمت خلال مشوارها 41 ألبوما غنائيا، أشهرها: "كل دي إشاعات، وع البال، ويوم ورا يوم، وقويني بيك، وأيام حياتي، وعايزة أعيش".
حصدت عبر مسيرتها الحافلة بالعطاء والتجديد على العديد من الجوائز والتكريمات منها: "جائزة التميز والتقدير من مهرجان جرش في الأردن"، وحصلت على لقلب أفضل مطربة عربية من مهرجان الأغنية العربية بالقاهرة، كما نالت وسام القائد عام 2009 من الملك محمد السادس.