مستشارة التعليم الدولية سارة فولر: تغير المناخ يحرم مليار طفل من التعليم
فولر: "الكوارث المفاجئة" تدمر المدارس
يؤثر تغير المناخ بشكل بارز على قطاعات رئيسية مثل الزراعة والمياه والاقتصاد، لكنّ آثاره السلبية تطول نواحي أخرى عديدة ومنها التعليم.
وأصدرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، المعروفة باسم "اليونسكو"، في أبريل/نيسان الماضي، ثلاثة تقارير إقليمية تحلل آثار تغير المناخ وما يسببه من نزوح، على الحق في التعليم في "النقاط الساخنة" لتغير المناخ في العالم، وأبرزها آسيا والمحيط الهادئ ، وأمريكا اللاتينية ، وجنوب شرق أوروبا.
وقالت "اليونسكو" إنه في عام 2021 فقط، نزح 23.7 مليون شخص داخليًا بسبب الكوارث المرتبطة بتغير المناخ، وتستمر هذه الأرقام في الارتفاع كل عام، ونتيجة لذلك، فإن هؤلاء النازحين والفئات الضعيفة تواجه عوائق مباشرة وغير مباشرة أمام حقهم في التعليم.
ووجدت تقارير اليونسكو أن هناك عوائق مشتركة أمام الحق في التعليم، تسبب فيها تغير المناخ في العديد من البلدان، وأهمها، "الكوارث المفاجئة" التي تؤدي إلى تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها ، أو تدفع لاستخدامها غالبًا كملاجئ طارئة ممّا يعطل المدرسة، وأيضاً عائق " الفقر المتزايد بفعل تغير المناخ" والذي يحد من قدرة المتضررين على الاستثمار في نفقات التعليم وتكلفة الموا المدرسية، إضافة إلى حواجز اللغة التي تمنع طلاب النازحين من استكمال تعليمهم، أو عدم قدرة المدارس على استيعاب العدد الضخم من الطلاب.
"العين الإخبارية"، حاورت مستشارة التعليم الدولية سارة فولر، والتي عملت مع "اليونسكو" و"اليونيسيف" في 29 دولة، كما أنها تقدم الاستشارات والأبحاث فيما يخص مبادرات التثقيف في مجال تغير المناخ التي تقودها الجامعات .
وإلى نص الحوار:
كيف يؤثر تغير المناخ على الحق في التعليم؟
الأطفال لهم الحق الكامل في العيش والنمو والتعلم، لكن تغير المناخ وما يترتب عليه من آثار كارثية يعيق حصولهم على هذه الحقوق.
تقدر منظمة الصحة العالمية أن الأطفال دون سن الخامسة يتحملون ما يقرب من 90 في المائة من عبء الأمراض المرتبطة بتغير المناخ، حيث إن صحتهم ونمو أدمغتهم مهددة بتلوث الهواء، وهذا التهديد الذي تتعرض له صحتهم يؤثر بدوره على قدرتهم على الذهاب إلى المدرسة واستيعابهم للتعليم.
على الصعيد العالمي، تدمر الكوارث المرتبطة بتغير المناخ المنازل والمدارس، والبنية التحتية اللازمة للوصول إليها، وتقضي على الأعمال ومصادر الرزق، كما تعيق الوصول إلى الخدمات الأساسية بما في ذلك الصحة والتعليم ، وتزيد من عدد الأسر التي تعاني من الفقر.
ويتعلم الأطفال بشكل أفضل في بيئة يكونون فيها آمنين جسديًا وعاطفيًا مع توفير الصحة والحماية والدعم، لكن بسبب تغير المناخ، لا يتمكن كثيرون من الوصول حتى للمدرسة بسبب الخوف من التأثيرات المتزايدة لموجات الحر والأعاصير والأمراض المنقولة، والجفاف والفيضانات، والآثار الكارثية الأخرى.
كيف يتأثر التعليم في الدول النامية والأكثر ضعفاً بشكل أكبر بتغير المناخ؟
تُظهر البيانات المأخوذة من "مؤشر مخاطر المناخ على الأطفال" التابع لليونيسف، أن ما يقرب من مليار طفل، أي تقريباً نصف عدد الأطفال في العالم ، يعيشون في بلدان مصنفة على أنها مهدّدة بـ"مخاطر عالية للغاية" من تأثيرات تغير المناخ.
والعديد من هذه البلدان منخفضة الدخل، والتي تساهم بشكل ضئيل للغاية في نسبة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المسببة لأزمة تغير المناخ، لكنها مع ذلك تعاني من أشد العواقب، كما أنها بلدان بها أعداد كبيرة من الأطفال خارج المدرسة بالفعل وتعاني من نتائج تعليمية سيئة، وهنا يتقاطع تغير المناخ مع عوائق أخرى أمام التعليم الجيد والشامل لجميع الأطفال، مثل الفقر وانعدام الأمن وعدم منح الأولوية للتعليم.
كيف يرتبط الفقر الذي يسببه تغير المناخ بزيادة معدلات التسرب من التعليم؟
على الرغم من التقدم الملحوظ في العديد من البلدان في العقد الماضي في توسيع نطاق الوصول إلى التعليم، فإن الأطفال الذين يعيشون في فقر هم أكثر الأطفال عرضة للتوقف عن الدراسة لأن ذويهم غير قادرين على تحمل كلفة التعليم أو لم يعد أولوية بالنسبة لهم. في الوقت نفسه، يعرض الفقر الأطفال لخطر أكبر من انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى ، مثل العنف القائم على نوع الجنس وعمالة الأطفال والزواج المبكر ، مما يزيد من احتمالية بقاء الطفل خارج المدرسة.
كيف تؤثر الهجرة المناخية على حق الأطفال في التعليم؟
يتسبب تغير المناخ في زيادة معدلات الهجرة القسرية الداخلية، مثل الانتقال من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية، وغالبًا ما تعيش الأسر الأشد فقرًا في مناطق بها إمكانية أقل للحصول على الخدمات الأساسية، بما في ذلك التعليم.
وبالمثل، يؤدي تغير المناخ إلى تضخيم العوامل التي تزيد من نسب التسرب من التعليم، على سبيل المثال ، يرتبط الارتفاع الشديد في درجات الحرارة بمحدودية قدرة الطلاب على التعلم، لأنهم قد لا يستطيعون الوصول إلى المدارس، أو يفقدون تركيزهم وصحتهم، كما يكونون أكثر عرضة لخطر ترك المدرسة المبكر، وبالتالي يعانون من البطالة والفقر لبقية حياتهم.
ما هي أهم القضايا المتعلقة بتغير المناخ والتعليم والتي يجب مناقشتها في كوب 28؟
يجب أن نتعامل مع تغير المناخ باعتباره "أزمة تمنع حقوق الأطفال".
ويجب على الحكومات أن تتخد إجراءات فورية لحماية حق الأطفال في التعليم، ووضع معايير للبنية التحتية المدرسية المقاومة للمناخ ؛ وتطوير أنظمة الإنذار المبكر لتحديد التهديدات التي قد تعوق استكمال التعليم والاستجابة بطريقة مناسبة، ومنصفة، وبأسرع وقت .
كما يجب التأكد من أن جميع العاملين بالمدارس مستعدون وقادرون على حماية أنفسهم عند حدوث الكوارث المناخية، ووضع خطط استعدادية لأماكن بديلة وآمنة يمكن فيها مواصلة التعلم إذا أصبح من الصعب الوصول إلى المدارس، مع تقديم دعم خاص للفئات الضعيفة، مثل المتعلمين والمعلمين من ذوي الإعاقة.
aXA6IDE4LjE4OC4xMy4xMjcg جزيرة ام اند امز