لوبان وإدانة ساركوزي بفرنسا.. مأزق خطير وفرصة «معقدة»

لم تمر إدانة الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي، كحدث عادي في الساحة السياسية الفرنسية التي تعج بالمشاحنات.
إذ فتحت هذه الإدانة ملف العلاقة المعقدة بين السياسة والقضاء في فرنسا، وأطلقت موجة جديدة من الجدل يقودها حزب التجمع الوطني "أقصى اليمين" بزعامة مارين لوبان.
ولوبان، التي تواجه بدورها أحكامًا قضائية، وجدت في قضية ساركوزي فرصة مزدوجة؛ فمن جهة، تغذية خطابها عن "الاضطهاد السياسي" الذي تتعرض له المعارضة، ومن جهة أخرى، تصعيد انتقاداتها للقضاء الذي تصفه بالمتشدد والمسيّس.
لكن في الوقت نفسه، تواجه لوبان مأزقا معقدا: فهي تسعى إلى الاستفادة من سقوط خصم قديم، دون أن تفقد هويتها السياسية كبديل "جذري" للنظام الذي مثّله ساركوزي لسنوات.
وسط هذا المشهد الملتبس، يرى الخبير السياسي الفرنسي لوك روبان، أن القضية تكشف عن تحولات عميقة في التوازنات بين اليمين التقليدي واليمين الشعبوي، كما تعكس أزمة ثقة متفاقمة في المؤسسة القضائية التي باتت تتهم، من الأوساط السياسية والشعبية على حد سواء، بأنها "لاعب سياسي بامتياز".
3 ديناميكيات
وقال الباحث السياسي الفرنسي لـ"العين الإخبارية"، إن إدانة نيكولا ساركوزي، وما تبعها من ردود أفعال من مارين لوبان وحزبها، تكشف عن "ثلاث ديناميكيات أساسية في السياسة الفرنسية".
وأوضح روبان أن "تلاقي خطابات لوبان وساركوزي حول قضاء متحيّز أو مفرط في الصرامة، يعكس شعورًا متزايدًا في الشارع الفرنسي بأن المؤسسة القضائية أصبحت لاعبًا سياسيًا".
ورأى أن هذا الشعور، حتى إن كان مبالغًا فيه، "يستثمره التجمع الوطني لإقناع قواعده بأن هناك منظومة تعمل على إقصاء خصومها عبر القضاء بدل صناديق الاقتراع".
وأضاف أن هناك أيضاً مأزق وقع فيه التجمع الوطني، إذ تجد مارين لوبان نفسها في وضع متناقض، فمن ناحية، هي ترغب في الاستفادة من إدانة ساركوزي لتعزيز خطابها عن "الاضطهاد السياسي".
وتابع:" لكن من ناحية أخرى، قرب لوبان المفرط من ساركوزي قد يضعف رسالتها الأساسية التي بنت عليها مسيرتها، والمتمثلة في أنها البديل الجذري عن النظام القديم الذي مثّله ساركوزي. لذلك نراها حريصة على مهاجمة القضاء من دون أن تُظهر تعاطفًا شخصيًا مع الرئيس الأسبق".
تأثير على المشهد الحزبي
ووفقاً للباحث الفرنسي، فإن محاكمة ساركوزي لها تأثير على المشهد الحزبي، فهذه التطورات قد تعيد رسم خطوط التماس بين اليمين التقليدي (الجمهوريون) واليمين الشعبوي (التجمع الوطني).
موضحاً أن إدانة ساركوزي "تترك فراغًا رمزيًا كبيرًا في اليمين الكلاسيكي، وقد يستغله التجمع الوطني لتعزيز موقعه كخيار رئيسي للناخبين المحافظين الساخطين على القضاء والسياسة معًا".
ومضى قائلا: "لكن، في الوقت نفسه، الخلط بين معاداة النظام ومعارضة القضاء، قد يرتدّ سلبًا إذا رأى الفرنسيون أن التجمع الوطني يحاول شرعنة خطاب ضد مؤسسات الدولة".
بدورها، قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية، إن زعيمة حزب التجمع الوطني (أقصي اليمين) مارين لوبان، التي أُدينت في قضايا فساد، "تأمل في إعادة فتح النقاش حول هذا الإجراء، من دون أن تبدو متقاربة بشكل واضح مع الرئيس الأسبق.
ونقلت عن المحامي ألكسندر فارو، والذي كان محاميًا لمارين لوبان، قوله إن هذه الإدانات المتعاقبة "تعكس كراهية القضاة تجاه الطبقة السياسية، وثقة مفرطة لدى هؤلاء القضاة بأنهم يمثلون شيئًا أكبر من السياسيين".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMzUg
جزيرة ام اند امز