توثيق اتفاق السراج وأردوغان.. تفاهمات باطلة ورسائل مسمومة
الخبراء اكدوا ان مذكرات تركيا معدومة الأثر القانوني وليس لها اي قيمة بالاساس وان تسجيلها في الامم المتحدة لا يعطي تركيا اي حق قانوني
مذكرة باطلة قانونا، تبحث عن شرعية تمنحها حق تفعيل أبدي في جميع السياقات وفي ظل كل الحكومات، وتحفظ لتركيا نصيبها من جميع السيناريوهات في ليبيا.
مذكرة تفاهم لترسيم الحدود البحرية وقعها رئيس ما يعرف بالحكومة الليبية فايز السراج، قبل نحو عام، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، شكلت رسالة مسمومة لتبرير احتلال ليبيا، وإشعال منطقة البحر المتوسط.
واليوم، وفي ظل استعدادات السراج وحكومته للخروج من المشهد الليبي، قفز السراج لتسجيل مذكرة التفاهم بالأمم المتحدة، في خطوة يؤكد خبراء أنها لا تمنح الاتفاق أي شرعية، ولا إلزامية تنفيذ، لبطلانه من الأساس.
والخميس، أعلن محمد القبلاوي، الناطق باسم خارجية حكومة السراج غير الدستورية، تسجيل مذكرة التفاهم لدى الأمم المتحدة.
لا اتفاق من الأساس
الحقوقي والخبير السياسي الليبي عبدالله الخفيفي، يرى أنه "لا وجود لاتفاقية من الأساس لتقدم إلى الأمم المتحدة، إنها مذكرة تفاهم والسراج يناقض نفسه".
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، قال الخفيفي إن السراج يدرك أنه لن يستطيع الحصول على موافقة البرلمان على مثل هذه الاتفاقية، ولذلك اكتفى بتوقيع مذكرة تفاهم ليهرب من الحاجة إلى التصديق عليها.
وتابع أن مذكرات التفاهم هي اتفاقات مبدئية يمكن التعديل عليها، ولذلك لا يتم توثيقها أمميا، مؤكدا أن السراج يستخدم خطابين متناقضين للخداع وإضفاء طابع شرعي على المذكرة لصالح تركيا، فهو يخاطب الشعب الليبي على أنها مذكرة والمجتمع الدولي على أنها اتفاقية.
وشدد الخبير على أنه لا وجود، في الواقع، لأي مذكرة تفاهم بين ليبيا وتركيا، لأن "السراج ليس لديه الحق القانوني والشرعي لتوقيع اتفاقيات، فهو غير شرعي ومغتصب للسلطة ولم يحصل على ثقة البرلمان".
كما أن الاتفاق السياسي، الغطاء الوحيد للسراج، يشترط أن يكون توقيع المذكرة بإجماع الأعضاء، وأن يصادق عليها البرلمان، وكل ذلك لم يتم.
وختم الخفيفي أن السراج بعد أن أدرك أنه خارج لا محاله من المشهد السياسي ومستقبل ليبيا، يحاول إنقاذ موقف تركيا بتسجيل المذكرة غير الشرعية، لإجبار الحكومة الجديدة التي ستأتي بها المفاوضات السياسية على التعامل مع تركيا باعتبارها شريكا.
غير ملزمة
من جانبه، يقول الدكتور سعد العكر، أستاذ القانون الدولي والخبير السياسي والحقوقي الليبي، إن أنقرة تسعى لتسجيل المذكرة منذ تاريخ توقيعها، مؤكدا في الوقت نفسه أن مسألة الاعتراف بها وتقنينها أمر لا علاقة له بالمنظمة الدولية.
وأضاف لـ"العين الإخبارية" أن الفقرة الأولى من المادة (80) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بشأن تسجيل ونشر المعاهدات تنص على إرسال الاتفاقيات بعد دخولها حيز التنفيذ إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة، لتسجيلها وحفظها بحسب الحال، ونشرها.
وخلص العكر إلى أن ما تقدم يعطي للأمم المتحدة فقط دور المسجل والحافظ والناشر للاتفاقية.
وبالنسبة للخبير القانوني، فإن مذكرة تحديد مجالات الصلاحية البحرية في البحر المتوسط فاقدة للشرعية القانونية.
وأوضح أن أي معاهدة تستوجب مراعاة الشروط المنصوص عنها بدستور الدولة، فإذا ما تجاوز رئيس الدولة سلطته وصدق على المعاهدة دون سبق الحصول على إقرار السلطة النيابية، خلافًا للدستور؛ فلا قيمة قانونية لهذا التصديق.
ولفت إلى أن الفقه الدولي اصطلح على تسمية ذلك بـ"التصديق الناقص" لأنه صدر فاقدًا لركن من أركانه الجوهرية؛ وهو العرض على السلطة التشريعية، وبالتالي لا يُنتج آثاره الدولية.
وأكد، بناء على ما تقدم، أن ليبيا غير مُلزمة قطعًا بهذه المذكرة، ولا يقعُ على عاتقها أي مسؤولية دولية تجاه تركيا بشأن هذا الاتفاق الذي يتعارض بشكل واضح وجوهري مع القواعد الدستورية الليبية.
احتلال ليبيا
بدوره، أكد الدكتور وليد مؤمن الفارسي، الأكاديمي والخبير السياسي الليبي، أن السراج وتركيا يسابقان الزمن في ظل المتغيرات الأخيرة على الساحة المحلية والإقليمية، بتفعيل كل المشاورات السياسية وصولا إلى اتفاق نهائي.
وتابع الفارسي، لـ"العين الإخبارية" أن أنقرة تحاول الآن وبكل سرعة استباق الزمن ونقل الأنظار إليها فيما يخص اعتمادها في الأمم المتحدة، وطرحها مجددا كطرف مهم يشارك في كل المفاوضات.
وشدد على أن مذكرة السراج معدومة الأثر القانوني، حيث إن حكومته لم تحصل على الشرعية من الجهة المخولة بالمصادقة على الاتفاقيات وهو مجلس النواب.
ودعا الفارسي مجلس النواب إلى اتخاذ خطوات قانونية بالخصوص، وإحالة الملف للمحاكم الدولية، خصوصا فيما يتعلق بالمذكرة البحرية ومراجعة قوانين أعالي البحار بهذا الشأن.
ورأى أن أنقرة تلعب حاليا، في ظل أزمتها الاقتصادية ونقل مرتزقتها إلى أماكن أخرى، على عدة محاور لإنقاذ مؤشراتها المنهارة، من خلال محاولة البقاء في الأزمة الليبية.
وبحسب الخبير، فإن أنقرة فشلت في إدارة ملف ليبيا، ولذلك تبحت عن مخارج أخرى، وهذا ما ستتجلى معالمة مستقبلا في ظل انهيار حكومة السراج وانقسامها الداخلي، مع استمرار الضغوط الدولية المتسارعة لعقد اجتماع جنيف.
aXA6IDE4LjIxOC45NS4yMzYg جزيرة ام اند امز