في الحقيقة من العبث بمكان الحديث عن العلاقة بين الإمارات والسعودية، وتسليط الضوء على مكنونات هذه العلاقة وقوتها
استوقفني كثيراً ما يأتي عليه المغرّدون والنشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك السّياسيون والمثقفون والفنانون وأغلب شرائح المجتمع في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من تكرارهم عبارة "الإمارات مع السعودية قلباً وقالباً والعكس صحيح".
عبارة فيها الكثير من المعاني التي يتوجب التوقف عندها؛ خصوصاً أنّ غالبية من يتحدث ويكتب هم الشباب من البلدين والذين تصدروا مشهد دحض الفتنة وإثارة البلبلة بين هاتين الدولتين، والتي تقف وراءها دولٌ لطالما انتهجت سياسة خارجية مبنية على قانون "فرّق تَسُدْ"، مما يشير صراحة إلى قوة الترابط ومدى الانسجام بين شعبي السعودية والإمارات وكذا قادتهما.
في الحقيقة من العبث بمكان الحديث عن العلاقة بين الإمارات والسعودية، وتسليط الضوء على مكنونات هذه العلاقة وقوتها ومدى ارتباط كلِّ من الدولتين الواحدة بالأخرى، لا يمكن عرض محطات هذه العلاقة التي يزيد عمرها على 45 عاماً في أسطر قليلة نترك هذا للمؤرّخين كي يوثّقوا التفاصيل.
اللافت في العلاقة بين البلدين في السنوات الأخيرة هو وحدة الحال، والقرار الواحد والجريء ضد قوى التطرف، وضرب داعمي هذا السلوك المنحرف الذي دمر البلدان العربية، عبر دعاة ظلاميين ما برحوا يجنّدون شبابنا العربي، زاجّين بهم في حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل تحت فتاوى نصرة المظلومين.
مشهد واحد نعيده لنتذكر ويتذكر معنا من نسي أو تناسى عمداً بأنّ قوة العرب في وحدتهم لا في ارتباط دولهم بمشاريع خارجية لم ولن تخدم الأمة العربية البتة، ففي حرب 1973 ونصرةً لـ"مصر وسوريا" في حربهما ضد إسرائيل وقفت السعودية والإمارات موقفاً سيظل محفوراً في ذاكرة كلّ عربي ينتمي لعروبته فعلاً لا قولاً، حين قال الملك فيصل بن عبد العزيز، رحمة الله عليه، للولايات المتحدة مهدداً إيّاها بقطع النفط عنها:
"لقد عاش آبائي وأجدادي مئات السنين على ثمار النخيل، ونحن مستعدون أن نعود للخيام ونعيش مثلهم، ونستغني عن البترول"
ليجيء كلام الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان موافقاً تماماً على المنهج العربي الأصيل الذي وضع نصب عينه خدمة العرب بقوله "البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي".
إذاً لا أغوص في تاريخ العلاقة بين الشقيقتين، الحديث عن السنوات الخمس الأخيرة فقط كفيل بتوضيح ما يمتاز به شعبا البلدين العربيين من عظيم الاحترام والحبّ المتبادل، والإيمان الكامل بوحدة المسار والمصير خصوصاً أنّ الكثير من الدول القريب منها والبعيد يحاول جاهداً ضرب عرى الاتفاق التام بين الرياض وأبوظبي، والذي يصفه المحبّون لهاتين الدولتين بالاتحاد كامل الأركان.
اللافت في العلاقة بين البلدين في السنوات الأخيرة هو وحدة الحال والقرار الواحد والجريء ضد قوى التطرف، وضرب داعمي هذا السلوك المنحرف الذي دمر البلدان العربية عبر دعاة ظلاميين ما برحوا يجنّدون شبابنا العربي؛ زاجّين بهم في حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل تحت فتاوى نصرة المظلومين في بلدان ما يسمى "الربيع العربي"، الذي لم تنل منه أوطاننا سوى الدّمار والخراب، سوريا وليبيا واليمن نموذجاً.
القرار هذا لم يكن سهلاً على الإطلاق، فبعض الدول سخّرت إمكانيات شعوبها لدعم جبهة النصرة واتخاذها ذراعاً عسكرية تنقل عناصرها كيفما تريد، مستثمرة نهجها المتطرف ضد كل من يخالف أهواء ساستها.
لذلك تسعى عبر أذرعها الإعلامية إلى ضرب وحدة الصف العربي الذي يعاني أصلاً من انقسام حاد، وما إثارة موضوع "الخلاف بين السعودية والإمارات" إلّا نموذجاً بسيطاً لسياسة تلك الدول العدائية.
في النهاية نستطيع القول إنّ "نافخي الكير" لم ينجحوا بتسعير منطقتنا العربية أكثر عبر بثِّهم الحقد والكراهية من خلال حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي تعمل رهن الإشارة.
إذ تمكن شباب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من وضع حدٍ لهذه الطائفة من رموز الفتن الذين يسعون للنيل من وحدة البلدين، والذين لاهمّ لهم سوى العيش على دماء الأبرياء، ليقال إنّهم ذوو شأن وقرار وهو ما لن يكون أبداً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة