خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تحدث عن النظام الإيراني الذي لا يزال يمارس تدخلاته في الشؤون الداخلية للدول المجاورة.
في كلمته الافتتاحية لقمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض، تحدث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عن النظام الإيراني الذي لا يزال يمارس تدخلاته في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، وعن المنطقة التي تتعرض للتطرف والإرهاب، مطالبا المجتمع الدولي بضرورة تقديم إيران ضمانات كاملة حول برنامجها النووي الصاروخي.
وضعت القمة الخليجية المجتمع الدولي أمام استحقاقات اللحظة الآنية، وعلى مجلس الأمن وبقية القوى النافذة أمميا التبصر بحقائق المشهد الإيراني وعدم التعامي عن نوايا وتوجهات الملالي في الحال والاستقبال، فقد يدفع الجميع الثمن عما قريب
والشاهد أنه قبل القمة بساعات كان الرئيس الإيراني حسن روحاني، والذي طالما ارتدى وجه البراءة والاعتدال وادعى أنه محسوب على الحمائم لا الصقور في الداخل الإيراني، قد أخذ يهدد الغرب بما أسماه "طوفان من المخدرات واللاجئين والهجمات إذا أضعفت العقوبات الأمريكية قدرة إيران على احتواء هذه المشكلات ".
روحاني بدا وكأنه يتقمص دور الحمل الوديع في كلمة بثها التلفزيون الرسمي على الهواء قال فيها: "عليهم أن يعرفوا أنهم عبر فرض عقوبات على إيران، سيضرون بقدرتنا على مكافحة المخدرات والإرهاب".
يعنُّ لنا أن نتساءل: هل طهران ونظام الملالي عامل طرد للإرهاب أم عامل جذب؟ وماذا عن علاقة آيات الله بالتنظيمات الإرهابية الكبرى، وفي المقدمة منها القاعدة؟
قطعا كان لخادم الحرمين الشريفين في الحق ألف حق عندما أشار إلى أن إيران عامل مهدد للأمن والطمأنينة في المنطقة، والقاصي والداني يعلم تمام العلم نوايا إيران السيئة تجاه الغرب، والأسوأ منها تجاه الجيران من العرب السنة، والمشاعر التاريخية لهذه الدولة والتي تحفظها أضابير التاريخ.
ترتب إيران ولاشك أوراقها لإغراق من تحسبهم أعداء بسيول من المخدرات والإرهاب، وهنا فإننا أمام مشهدين يوضحان ما تسعى إليه إيران بالنسبة للولايات المتحدة في أقصى الغرب، وحلفائها ولاشك في الشرق الأوسط والخليج العربي بنوع خاص .
قبل بضعة أسابيع، كانت سلطات عدد من دول أمريكا اللاتينية تلقي القبض على عدد من أعضاء حزب الله في الأرجنتين والبرازيل بتهم غسل أموال، وتهريب مخدرات، والإعداد لعمليات إرهابية في الساحة اللوجستية الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية.
ولعل الباحث المتعمق في الشأن الأمريكي يدرك تمام الإدراك أن حزب الله ليس إلا أحد أذرع إيران المليشياوية حول العالم، وكان حسن نصر الله قد اعترف أكثر من مرة بأن كافة نفقات ومعاشات وتسليح الحزب تأتي مباشرة من إيران، ومع التضييق المالي الذي ستوقعه العقوبات الاقتصادية على إيران، فإن البحث عن مصادر أخرى قد يكون المطلوب، وبالنسبة للقارة اللاتينية المضطربة ظروفها سياسيا واقتصاديا وأمنيا فإنها تصلح كخلفية لمباشرة أنشطة التهريب وغسل الأموال أولا، وتاليا القفز على أمريكا الشمالية، والقيام بعمليات إرهابية وبخاصة حال نشوب مواجهات عسكرية مسلحة مع الجانب الأمريكي في مياه الخليج العربي .
طوفان روحاني والذي سيغرقه في شر أعماله أولا يتضمن الحديث عن خلايا إرهاب إيراني نائمة في الداخل الأمريكي، الأمر الذي أشار إليه مؤخرا عضو الكونجرس الأمريكي "بيتر كينج"، ورئيس اللجنة الفرعية لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي، من خلال الكشف عن أشخاص تم إلقاء القبض عليهم في الداخل الأمريكي وهم يخططون لهجمات إرهابية في نيويورك وميتشيجان، وينتميان إلى حزب الله .
ولعل المثير في تصريحات "بيتر كينج" اعترافه بأنه بعد عشر سنوات قضاها في الحصول على سجلات المخابرات الأمريكية، خلص إلى أن حزب الله في واقع الأمر أكثر قوة وخبرة وتنظيما من داعش والقاعدة.
ما قاله "كينج" نشره موقع اللجنة الفرعية على الإنترنت وجاء فيه أن "إيران هي الدولة الأكبر في رعايتها للإرهاب حول العالم، وأنها تواصل الاستثمار في المنظمات الإرهابية والمتشددة التي تهدد البلاد ومصالحها في الداخل والخارج على حد سواء.
يحاجج روحاني في حديثه التلفزيوني الأخير بدور طهران في مكافحة التهريب وخصوصا من أفغانستان، وينسى- أو يتناسى- ما بين طهران والقاعدة من علاقات كشفت عنها دراسة أمريكية مستقلة وحديثة صدرت عن مركز "أمريكا الجديدة" أحد مراكز التفكير الأمريكية الواقع في واشنطن، والتي خصصت لتناول العلاقات بين تنظيم القاعدة وإيران، وفي الدراسة أسرار خطيرة تعود إلى سنة 2001، ذلك أنه حين قرر التحالف الدولي التدخل في أفغانستان، والتي رفضت تسليم بن لادن المتهم بالوقوف وراء هجمات الحادي عشر من سبتمبر، لجأ العديد من عناصر تنظيم القاعدة وعائلاتهم إلى إيران، ومنذ ذلك الحين، كان من الصعب التعرف على طبيعة تلك العلاقات بين طهران والقاعدة .
غير أن الباحثة الأمريكية "نيللي لحود" الأستاذ المشارك في قسم العلوم الاجتماعية بالكلية العسكرية الأمريكية في ويست بوينت، وزميل أول مركز مكافحة الإرهاب، قد تمكنت من الوصول إلى مجموعة الوثائق التي تحصلت عليها القوات الخاصة الأمريكية في أبوت آباد في مايو/أيار من سنة 2011، على إثر الغارة التي تم شنها من أجل القضاء على بن لادن.. ماذا عن مفاجآت تلك الوثائق؟
خذ منها على سبيل المثال الرسالة التي تقع في 19 صفحة، وكتبها القائد الرفيع المستوى في تنظيم القاعدة في شهر يناير/كانون الثاني 2007، وتفصل هذه الرسالة نداءات طهران سنة 2004 لوقف الهجمات المعادية للشيعة في العراق.. هل هذا هو التعاون الخلّاق لمكافحة الإرهاب الذي يتشدق به روحاني؟
الوثائق التي نحن بصددها تلفت الانتباه إلى زيف حديث روحاني، بل تفضح سرائره الخاصة بالإرهاب الآتي لا ريب في ذلك .
والثابت أيضا أنه حين يطالب الملك سلمان بسرعة تدخل المجتمع الدولي لوضع حد لبرنامج إيران الصاروخي، فإن ذلك مبني على شواهد تؤكد خطورة الموقف، لم يكن آخرها تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قبل أسبوعين، حين تحدث عن تجربة صاروخية إيرانية جديدة تسمح لطهران بامتلاك صاروخ باليستي قادر على حمل رؤوس نووية، وأن هذا الصاروخ يطال كافة دول الشرق الأوسط والخليج العربي بالتأكيد، عطفا على عدد من الدول الأوروبية وبخاصة الجنوبية منها .
سولت الغطرسة الإيرانية للمتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية "فضل شكارجي" التصريح بالقول: "إن إيران لن تستأذن من أحد لتمارس حقوقها، وذلك بعد أن اعتبرت واشنطن أن هذه الاختبارات الصاروخية الإيرانية تنتهك القانون الدولي، وقرار مجلس الأمن الدولي الذي قنن الاتفاق بين طهران وسداسية الدول الوسيطة.
يتذكر الجميع أنه حين أرسل الأوروبيون مبعوثهم الفرنسي الوزير "جان إيف لودريان" في مارس/آذار الماضي ليحادث الإيرانيين ويطلب منهم وقف البرنامج الصاروخي، كان ردهم أنهم موافقون بشرط واحد هو أن تتخلص أمريكا وأوروبا من مخزونها من الصواريخ بجميع أنواعها .
التعبير نفسه استخدمه " شكارجي "حين أشار إلى أن الولايات المتحدة تستخدم الصواريخ للهجوم على باقي الدول واحتلالها وتأمين مصالحها، ومرة أخرى يحاول بدوره ارتداء ثياب الحملان وسط الذئاب إذ يضيف: "إن الجمهورية الإسلامية لا تسعى لمثل هذه الأهداف في برنامجها الصاروخي ".
وضعت القمة الخليجية المجتمع الدولي أمام استحقاقات اللحظة الآنية، وعلى مجلس الأمن وبقية القوى النافذة أمميا التبصر بحقائق المشهد الإيراني، وعدم التعامي عن نوايا وتوجهات الملالي في الحال والاستقبال، فقد يدفع الجميع الثمن عما قريب.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة