قمم مكة التي سوف تعقد في نهاية شهر مايو المراد منها توحيد الصف العربي في وجه الأخطار المرتقبة ومواجهة أي تحديات أمنية تستوجب وقفة موحدة
قمم مكة المكرمة، الإسلامية والعربية، التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في يوم 30 مايو 2019، هي قمم تشاورية لاتخاذ مواقف عربية موحدة تجاه الأخطار التي تواجه المنطقة العربية بأسرها.
وهي في واقع الأمر قمم لإجراء مشاورات ولتنسيق المواقف لإنقاذ المنطقة العربية عموماً وأمن الخليج خصوصاً المهدد باشتعال حرب خطرة، خاصة في ظل الاستنفار العسكري الذي شهدته المنطقة أخيراً. هذه المبادرة ليست بالغريبة على خادم الحرمين الذي عرف بمواقفه المشرفة وحرصه على ترسيخ أمن المنطقة في موازاة الأخطار التي تواجهها.
إن العالم بأسره يحبس أنفاسه ترقبا لما سوف تسفر عنه التطورات العسكرية الأخيرة في الخليج. وهذا الترقب مفاده المعرفة العميقة بسجل إيران الحافل بالمكر السياسي والرغبة في التمدد الأيديولوجي على حساب دول الجوار.
ولا شك أن قادة مجلس التعاون الخليجي بشكل عام لديهم من بعد النظر والإرادة والحكمة لمنع التصعيد العسكري حتى ولو أصرت بعض الأطراف إلى زج المنطقة بأسرها إلى أتون حرب تأكل الأخضر واليابس.
من جانبها صرحت الولايات المتحدة بأنها ليست بصدد شن حرب وليس لها النية بالوقوف إلى جانب تلك الأصوات التي تنادي بضرورة شن حرب لإيقاف خطر التمدد الإيراني.
الأطراف المستفيدة من أي حرب هي بالتأكيد تلك التي تمول الحروب وتكسب من ورائها مكاسب اقتصادية وجيو سياسية. من جانبها أعلنت دولة الإمارات أنها لا تريد نشوب حرب، لأن الحروب قد تمتد آثارها إلى أبعد مدى ممكن، بل يمكن حل الخلافات عن طريق الحوار والتفاوض في محاولة لنزع فتيل الحرب ومنع أي تصعيد عسكري.
قمم مكة التي سوف تعقد في نهاية شهر مايو، المراد منها توحيد الصف العربي في وجه الأخطار المرتقبة ومواجهة أي تحديات أمنية تستوجب وقفة موحدة.
فالتصعيد الأمني الأخير الذي شهدته منطقة الخليج العربي سواء تلك الهجمات التي شهدتها السفن التجارية قبالة ميناء الفجيرة أو تلك التي شهدتها أراضي المملكة العربية السعودية من هجمات ممنهجة على أنابيب النفط، الغرض منها استفزازي وزج المنطقة بأسرها إلى أتون الحرب.
أطراف دولية عديدة دعت جميع الأطراف إلى ضبط النفس ومراجعة للخطط قبل الإقدام على أي خطوة تصعيدية من شأنها الزج ليس فقط بالمنطقة ولكن بالعالم كله إلى حرب جديدة لا يحمد عقباها، خاصة عندما طالت التفجيرات مصدر الطاقة إلى العالم، ألا وهو النفط.
المملكة العربية السعودية تستغل روحانية شهر رمضان الكريم وقيمه القائمة على التسامح والرحمة، في محاولة لتصفية الأجواء وتنقيتها في رغبة صادقة لاحتواء ملف الحرب وإغلاقه قبل أن يستفحل خطره.
أهداف المملكة من الدعوة لهذه القمم متعددة: الهدف الأول هو تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة عبر النظر في تداعيات الهجوم على محطتي ضخ النفط في السعودية وعلى ناقلات تجارية قبالة ميناء الفجيرة.
أما الهدف الثاني فهو إرسال رسالة إلى إيران مفادها بأن الاستمرار في سياساتها العدائية تجاه جيرانها لن يمر دون عقاب رادع، وأن دول الخليج مستعدة لمواجهة أي تمدد إيراني والرد عليه بقوة. هذا الرد لن يكون أحادياً بل عربياً مشتركاً.
من جانبها حذرت أطراف عدة في العالم من عواقب التصاعد العسكري والتهديدات الأمنية في الخليج. فكثير من دول العالم لديها مصالح كبرى في المنطقة، بحكم أن الخليج يصدر أكثر من نصف الإنتاج العالمي من النفط.
فمثلاً، دول أوروبا حذرت من مغبة التصعيد العسكري في المنطقة، خاصة مع وصول حاملات الطائرات الأمريكية العملاقة إلى الخليج. مما لا شك فيه أن تلك الدول غير مستعدة لمواجهة التصعيد العسكري وخطط إيران المستمرة في التسلح النووي.
فسياسات إيران على وشك تهديد الطريق الدولي للطاقة عن طريق التهديد بإغلاق مضيق هرمز، الأمر الذي يهدد بنشوب حرب كبرى. فجميع الأطراف مدركة أن نشوب حرب في المنطقة سوف تكون كلفتها عالية جداً، وسوف يضطر الجميع إلى تحمل هذه الكلفة بما فيهم الأطراف البعيدة جداً عن المنطقة.
إن العالم بأسره يحبس أنفاسه ترقباً لما سوف تسفر عنه التطورات العسكرية الأخيرة في الخليج. وهذا الترقب مفاده المعرفة العميقة بسجل إيران الحافل بالمكر السياسي والرغبة في التمدد الأيديولوجي على حساب دول الجوار.
فإذا لم ترضخ إيران لصوت العقل والمنطق فإن المنطقة لا شك قادمة على صفحة خطيرة وملتهبة من صفحات تاريخها. فالعبث بمقدرات الشعوب وعدم الاستماع لصوت الحكمة القادم من مكة سوف تنتج عنه تداعيات خطيرة سوف تمس أمن العالم بأسره.
نقلاً عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة