السعودية.. دبلوماسية "القمم المتزامنة" تقود "للتعاون والتنمية"
حزم متعاقبة من القمم المتزامنة استضافتها السعودية على مدار الفترة الماضية قادت اليوم لقمم التعاون والتنمية العربية الخليجية-الصينية.
وتستضيف السعودية اليوم الجمعة 3 قمم دولية، هي القمة الخليجية الاعتيادية الـ43، والقمة الخليجية الصينية الأولى "قمة الرياض الخليجية الصينية للتعاون والتنمية"، والقمة العربية الصينية الأولى "قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية".
وتعد تلك القمم أحدث سلسلة من حزم "القمم المتزامنة" التي استضافتها السعودية على مدار الفترة الماضية.
ودبلوماسية "القمم المتزامنة" تعني عقد أكثر من قمة في توقيت واحد وفي المكان نفسه لتحقيق جملة من الأهداف.
وتبرز تلك القمم ثقل وأهمية المملكة العربية السعودية من جانب، كما أنها تفتح الطريق أمام عقد قمم ثنائية للقادة المشاركين بتلك القمم لتعزيز التعاون، والتباحث في تحقيق أهداف تلك القمم، بما يسهم في تحقيق نتائج سريعة ودعم أهداف تلك القمم بشكل مباشر وغير مباشر.
وأسست تلك القمم إجمالا لمرحلة جديدة من التضامن الخليجي والعربي والإسلامي والدولي، في مواجهة مختلف أشكال التهديدات والتحديات، ورسمت خريطة طريق واضحة بشأن كيفية تعزيز الأمن القومي الخليجي والعربي المشترك.
قمم مايو 2017
وسبق أن استضافت المملكة 3 قمم متزامنة يومي 20 و21 مايو/أيار 2017 هي "القمة الخليجية التشاورية الـ17، والقمة الخليجية الأمريكية، والقمة العربية الإسلامية الأمريكية، بمشاركة الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب.
وكان من أبرز نتائج القمة الخليجية الأمريكية إنشاء المركز الدولي لاستهداف تمويل الإرهاب الذي تترأسه المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، ويضم في عضويته دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة الأمريكية.
ويبرز هذا المركز أهمية التعاون الخليجي الأمريكي في جهود مكافحة الإرهاب على الصعيدين الإقليمي والدولي بما يسهم في دعم الأمن والاستقرار في العالم.
وصدر عقب قمة الدول العربية والإسلامية والولايات المتحدة الأمريكية التي جاءت بناء على دعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وشارك فيها قادة وممثلون لـ55 دولة عربية وإسلامية مع الولايات المتحدة "إعلان الرياض".
وتم خلالها الاتفاق على سبل تعزيز التعاون والتدابير التي يمكن اتخاذها لتوطيد العلاقات والعمل المشترك وتعزيز التعايش والتسامح البناء بين مختلف الدول والأديان والثقافات والتصدي للأجندات المذهبية والطائفية والتدخل في شؤون الدول بالإضافة إلى أهمية تعزيز العمل المشترك لمواجهة القرصنة وحماية الملاحة وأهمية متابعة برامج وأنشطة مجالات الشراكة بين العالمين العربي والإسلامي والولايات المتحدة الأمريكية.
قمم مكة 2019
كما سبق أن استضافت السعودية 3 قمم متزامنة يومي 30 و31 مايو/أيار 2019 هي قمتان عربية وخليجية طارئتان، إضافة إلى القمة الإسلامية الرابعة عشرة لمنظمة التعاون الإسلامي.
وعقدت تلك القمم بدعوة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لبحث التداعيات الخطيرة للهجوم الذي قامت به مليشيات الحوثي الإرهابية على محطتي ضخ نفط بالسعودية في 14 من الشهر نفسه، وما قامت به من اعتداء على 4 سفن تجارية بالقرب من المياه الإقليمية لدولة الإمارات قبلها بيومين.
وأدانت القمم تلك الهجمات، وأكدت تضامن دول المجلس مع السعودية ودولة الإمارات وتأييد ودعم كل الإجراءات والتدابير التي تتخذها الدولتان لحماية أمنهما واستقرارهما وسلامة أراضيهما.
قمم التعاون والتنمية
وتستضيف السعودية اليوم الجمعة 3 قمم دولية هي القمة الخليجية الاعتيادية الـ43، والقمة الخليجية الصينية الأولى "قمة الرياض الخليجية الصينية للتعاون والتنمية"، والقمة العربية الصينية الأولى "قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية".
ويشارك في تلك القمم قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول العربية، والصين، والرؤساء والأمناء العاميين لعدد من المنظمات الإقليمية والدولية.
وتجري تلك القمم بالتزامن مع زيارة يجريها الرئيس الصيني شي جين بينغ للسعودية خلال الفترة من 7 إلى 9 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
قمم عربية خليجية-صينية هي الأولى من نوعها، تتوج العلاقات التاريخية والشراكة الاستراتيجية، وتؤسس لخارطة طريق لمستقبل علاقات الجانبين عنوانها "التعاون والتنمية".
قمتان مهمتان ضمن مسارين يتكاملان ويعززان بعضهما البعض، ويؤكدان عزم الدول العربية والصين تعزيز التعاون المشترك، وتطوير العلاقات الاستراتيجية إلى آفاق أرحب، بما يحقق المزيد من النمو والازدهار والرخاء لشعوب الطرفين.
فالصين كدولة عظمى بما تملكه من تجربة تنموية رائدة وتكنولوجيا حديثة والدول الخليجية والعربية بما لها من ثقل سياسي واقتصادي وموارد نفطية وموقع استراتيجي مهم، لديهما من الإمكانات والقدرات، ما يجعل تنسيق مواقفهما سياسيا تجاه مختلف القضايا وتعزيز تعاونهما اقتصاديا وتنمويا وعلميا في مجالات عدة فرصة لبناء شراكة استراتيجية استثنائية تتحقق فيها مصالح متبادلة وفوائد مشتركة للجانبين.
تزداد أهمية تلك الشراكة في ظل التحديات والمتغيرات الدولية التي تؤكد أن تعددية الأقطاب في العالم أصبحت أمرا لا رجعة عنه، وأنه من مصلحة الدول العربية بناء شراكات استراتيجية متوازنة مع أقطاب العالم قائمة على تعزيز التعاون لمواجهة التهديدات والتحديات الجديدة.
تعقد تلك القمتان، بعد نحو 5 أشهر من استضافة السعودية في منتصف يوليو/تموز قمة أمريكية خليجية بمشاركة الأردن ومصر والعراق خلال زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمملكة، التي كانت الأولى من نوعها للشرق الأوسط منذ توليه منصبه.
كذلك تعقد القمة فيما تشهد العلاقات السعودية الأمريكية مؤخرا توترا إثر قرار تحالف "أوبك+" خفض إنتاج النفط الذي اعتبره البيت الأبيض اصطفافا إلى جانب روسيا في حرب أوكرانيا، وهو ما رفضته السعودية، مؤكدة أنه يهدف لخلق حالة من التوازن واستقرار أسواق النفط.
أيضا تعقد القمة، الجمعة، في ظل تحديات إقليمية ودولية غير مسبوقة، من أبرزها الحرب الأوكرانية الروسية وما نتج عنها من تداعيات تتعلق بالأمن الغذائي وأمن الطاقة وتهديد الاستقرار والسلم الدوليين.
كل تلك المتغيرات الدولية أكدت أن تعددية الأقطاب في العالم أصبحت أمرا لا رجعة عنه، وأنه من مصلحة الدول العربية بناء شراكات استراتيجية متوازنة مع أقطاب العالم تقوم على الندية والمصالح المتبادلة، واستكشاف أنماط تعاون جديدة أكثر استدامة.
واختارت الدول العربية والخليجية والصين شعار "التعاون والتنمية" عنوان المرحلة القادمة التي تحدد مسار علاقات الجانبين، في رسالة هامة للعالم، مفادها أن تلك القمم تحمل أهدافا سامية تستهدف تحقيق الازدهار والتنمية لشعوبها بعيدة عن أي مناكفات أو صراعات أو حسابات سياسية ضيقة.
وتعد الدول العربية شركاء مهمين للصين في السير الثابت على طريق التنمية وتعزيز التضامن والتعاون بين الدول النامية والدفع ببناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
ويأتي انعقاد قمة "الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية"، في هذا التوقيت، بمثابة آلية تعاون مهمة لتطوير سُبل التبادل والخبرات بين الجانبين العربي والصيني، ومواجهة التحديات والمتغيرات الدولية الراهنة سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي، بما يعود بالنفع على الدول العربية والصين والعالم أجمع.
ويعتزم قادة الدول العربية والصين من خلال هذه القمة إلى تخطيط التعاون المشترك في المستقبل والدفع بالارتقاء بنوعية ومستوى العلاقات العربية الصينية، وبلورة مزيد من التوافق بين الجانبين في الحوكمة العالمية والتنمية والأمن والحوار الحضاري وغيرها من القضايا المهمة.
وتعدّ هذه القمة مَعلما فارقا في تاريخ العلاقات العربية الصينية، وترمز إلى دخول الصداقة العربية الصينية إلى مرحلة جديدة، وفتح آفاق أرحب لعلاقات الشراكة الاستراتيجية العربية الصينية، تقود الجانبين للمضي قدما في طريق بناء المجتمع العربي الصيني للمستقبل المشترك بخطوات واسعة.
aXA6IDMuMTM5LjgzLjI0OCA= جزيرة ام اند امز