المملكة العربية السعودية لم تصبح عضوًا في مجموعة العشرين بسبب ما تملكه من إمكانيات اقتصادية فقط، بل ما تتمتع به من مقومات وعوامل جعلتها تتبوأ أفضل المراكز المتقدمة في ملفات حقوق الإنسان، والعدالة، والحريات، والبناء، والعمران، والتقدم، والتنمية، والإصلاح.
"هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجًا ناجحًا ورائدًا في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك".. كلمات خطها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إيذانًا بانطلاقة جديدة للسعودية لا سقف يحدوها.
من هنا جاءت رؤية 2030 التي أبصرت بها السعودية على مجالات عدة وطرقت من خلالها دروبا لم تطأها قدم من قبل، ليحظى الاقتصاد بنصيب الأسد من تلك الخطة التي أصبح الاستثمار في الفكر هو نواة الدفع متعدد الأغراض، للوصول إلى عنان التقدم والازدهار.
وانطلاقًا من هذا الاتجاه، تستضيف مهد العروبة، ومهبط الوحي قمة هي الأهم اقتصاديًّا على مستوى العالم، وفي وقت هو الأكثر تحديًا للمجتمع الدولي من أقصاه إلى أدناه في ظل جائحة كورونا التي وضعت جميع الدول أفقرها وأغناها تحت عدسة الميكروسكوب، أملًا في الوصول إلى لقاح اقتصادي لا يقل أهمية عن نظيره الطبي لعلاج تداعيات هزت العالم أجمع ولا تزال مستمرة حتى الآن.
وإذا كانت السعودية تحتضن بين جنبيها المكان الأقدس تاريخيًّا ودينيًّا وهو الكعبة حيث قبلة المسلمين، فها هي الآن توجه إليها الأنظار كقبلة الاقتصاد العالمي حينما تترأس قمة العشرين للدول الكبار تحت رئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في منجز جديد يُضاف إلى سجل المملكة؛ حيث تعد هذه الفعالية هي الحدث الأبرز والأهم على صعيد الاقتصاد العالمي.
وتشارك في القمة دول تمثل نحو 80% من الناتج الاقتصادي العالمي، وثلثي سكان العالم، وثلاثة أرباع حجم التجارة العالمية، عبر تقنية الفيديو وعلى نطاق أضيق من العادة في ظل انتشار جائحة كورونا الذي شكل التحدي الأكبر للاقتصاد العالمي منذ الكساد الكبير الذي حدث عام 1930.
وترؤس السعودية لتلك القمة لم يأتِ من فراغ، حيث تقع المملكة على مفترق الطرق لثلاث قارات وهي: آسيا وأفريقيا وأوروبا، ما يجعلها تقود دورًا مهمًا في إبراز منظور منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والسعي في تشكيل توافقٍ عالمي بشأن القضايا الدولية.
ومنذ تولي السعودية رئاسة مجموعة العشرين، نجحت منذ البداية في التحضيرات لعقد القمة الاستثنائية التي تضمنت مشاركة الدول الأعضاء والضيوف في 188 اجتماعًا، منها 170 في إطار أجندة أعمال المجموعة، و16 اجتماعًا وزاريًّا رفيعًا، وقمتان للقادة، والأبرز منها عقد أول قمة افتراضية لقادة مجموعة العشرين في 26 مارس الماضي، وقد التزمت الدول المشاركة خلالها باتخاذ إجراءات حاسمة من أجل دعم الاقتصاد، والصحة، والتجارة، والاستثمار في العالم.
ناهيكم عن قيادة المملكة دول مجموعة العشرين إلى جهود دولية نتج عنها الحصول على التزامات بأكثر من 21 مليار دولار أمريكي، بهدف دعم إنتاج الأدوات التشخيصية والعلاجية واللقاحات وتوزيعها وإتاحتها، وضخ أكثر من 11 تريليون دولار أمريكي لحماية الاقتصاد العالمي، وتوفير أكثر من 14 مليار دولار أمريكي؛ لتخفيف أعباء الديون في الدول الأقل تقدما لتمويل أنظمتها الصحية وبرامجها الاجتماعية.
جهود المملكة العربية السعودية في عقد أعمال مجموعة العشرين استثنائية ومميزة كعادتها تحت ظروف وتحديات عصفت بالعالم أجمع، لتقود برنامجًا ماليًّا طموحًا لـ"مجموعة العشرين"، يستهدف تخفيف أضرار جائحة كورونا، ويوفر منصة هامة للتأكيد على أهمية تضافر الجهود العالمية من أجل احتواء تداعيات الوباء، ومعالجة آثاره على مختلف الأصعدة.
ونظرًا للإمكانيات والخبرات التي تمتلكها السعودية فقد انعكس ذلك إيجابيًّا على قيادتها لمجموعة قمة العشرين ضمن أحد الأدوار التي تلعبها المملكة بالوفاء بأهداف الألفية والتنمية حتى 2030، خصوصًا في مجال حقوق المرأة، والطفل، والأشخاص ذوي الإعاقة، وفي مجال مكافحة الاتجار بالبشر.
ونتيجة لذلك فقط تحسن تصنيف السعودية في عدد من المؤشرات العالمية، بداية بدعم المرأة التي حصلت على ثقة قيادتها الرشيدة في ظل دورها المحوري والحيوي، إلى أن جاء إعلان "الرياض عاصمة للمرأة العربية" لعام 2020، تحت شعار "المرأة وطن وطموح" من قبل لجنة المرأة العربية تحت مظلة جامعة الدول العربية، متوجًا ما شهدته المرأة السعودية من تقدم وتبوؤها لمناصب مرموقة.
المملكة العربية السعودية لم تصبح عضوًا في مجموعة العشرين بسبب ما تملكه من إمكانيات اقتصادية فقط، بل ما تتمتع به من مقومات وعوامل جعلتها تتبوأ أفضل المراكز المتقدمة في ملفات حقوق الإنسان، والعدالة، والحريات، والبناء، والعمران، والتقدم، والتنمية، والإصلاح، ودعم المرأة، وذلك بقيادة الملك سلمان ونجله الأمير محمد، اللذين كانا السبب الرئيسي في التقدم النوعي منذ بداية مسيرة الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية في عام 2015.
المملكة قادرة على إنجاح قمة العشرين؛ لتُعيد الأمل والطمأنينة لشعوب العالم، وتحول الأمل إلى حقيقة، للتغلب على تأثير الوباء على العالم وتطويرها لحماية الأرواح وسبل العيش للجميع لا سيما للفئات الأكثر ضعفًا في العالم.
نقلا عن صحيفة مكة الإلكترونية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة