المهم أن الوقائع التي تُترجم على الأرض كفيلة بتلاشي المشككين يوماً بعد الآخر.
234 صفحة هي الملخص التنفيذي لبرنامج جودة الحياة، الذي أعلنه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الأسبوع الماضي. استمتعت وأنا اطلّع على تفاصيله بكل حذافيرها. لماذا؟! باختصار لأنه ليس رؤية تنظيرية بقدر ما هو تفاصيل تنفيذية بالأرقام والمراحل الزمنية والمبادرات، وصولاً إلى الهدف الأسمى وهو جعل المملكة أفضل وجهة للعيش للمواطنين والمقيمين على حد سواء، ويتم ذلك من خلال محورين، الأول تطوير نمط حياة الفرد عبر وضع منظومة بيئية تدعم وتسهم في توفير خيارات جديدة تعزز مشاركة المواطنين والمقيمين في الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية، والثاني تحسين جودة الحياة من خلال تطوير أنشطة ملائمة تسهم في تعزيز جودة حياة الأفراد والعائلات، وخلق فرص العمل وتنويع الاقتصاد، بالإضافة إلى رفع مستوى مدن المملكة لتتبوأ ثلاث منها على الأقل مكانة متقدمة بين أفضل المدن في العالم.
ولم يتوقف البرنامج عند ذلك، وإنما حدد الأهداف المباشرة التي يعمل عليها فوراً من العام الحالي وحتى عام 2022، مثل تعزيز ممارسة الأنشطة الرياضية في المجتمع، وتحقيق التميز في عدة رياضات إقليمياً وعالمياً، وتطوير وتنويع فرص الترفيه لتلبية احتياجات السكان، في حين تتمثل الأهداف غير المباشرة في الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة في المدن السعودية، كالمرافق ووسائل النقل العام، وتحسين المشهد الحضري في المدن السعودية، وإنشاء مناطق خاصة وإعادة تأهيل المدن الاقتصادية، وغيرها من الأهداف بالغة الأهمية للمجتمع السعودي من مواطنين ومقيمين.
بينما السعودية تخطو إلى مستقبلها المذهل، لا بأس من بعض العقبات المتوقعة في سبيل تحقيق ذلك، فهناك شريحة من المشككين في كل شيء، والمتشائمين من كل تحول، والمترصدين لسلبيات صغيرة واقعة لمحالة، والمترددين في تصديق أن ذلك يحدث فعلاً في السعودية.
أكثر ما هو مفرح في برنامج جودة الحياة، وهو واحد من اثني عشر برنامجاً رئيسياً حددها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، باعتبارها ذات أهمية استراتيجية للمملكة من أجل تحقيق الأهداف التي تضمنتها رؤية 2030، ذلك التكامل الملحوظ والعملي بين وزارات الدولة وأجهزتها المختلفة، فلا يمكن تحقيق أهداف أي جهة، طالما أنها تعمل في جزيرة معزولة، وحتى يمكن تحقيق مفهوم «قابلية العيش» الذي يغطي الجوانب الرئيسية للحياة، كالبنية التحتية والنقل، والإسكان والتصميم الحضري والبيئة، والرعاية الصحية، والفرص الاقتصادية والتعليمية، والأمن والبيئة الاجتماعية، فلا بد من تحسينها وفق مؤشرات أداء صارمة تعمل على ضمان تحقيقها أو على الأقل نسبة كبيرة منها، وهو ما ينعكس إيجاباً على رفاهية الحياة في السعودية للمواطنين والمقيمين وأيضاً الزائرين والسياح، كما في تطوير بنى تحتية قوية في المدن السعودية لتعزيز قابلية العيش، أو تأمين خدمات شاملة للسكان لتلبية احتياجاتهم المعيشية، وكذلك تعزيز التفاعل الاجتماعي، وتوفير خيارات ذات جودة عالية ومتنوعة لنمط الحياة، وأيضاً تحفيز الناس على التفاعل وضمان مشاركتهم من خلال إقامة أنشطة وفعاليات خاصة بنمط الحياة والمجتمع كافة.
لا بد من الإشارة هنا إلى أنه بينما السعودية تخطو إلى مستقبلها المذهل، لا بأس من بعض العقبات المتوقعة في سبيل تحقيق ذلك، فهناك شريحة من المشككين في كل شيء، والمتشائمين من كل تحول، والمترصدين لسلبيات صغيرة واقعة لمحالة، والمترددين في تصديق أن ذلك يحدث فعلاً في السعودية.
صدقاً لا بأس من ذلك، فنفس هؤلاء كانوا يلومون السعودية على ثباتها وعدم مرونتها في التغيير، هؤلاء أنفسهم كانوا يحلمون بأن تملك السعودية رؤية ومشروعاً مستقبلياً كهذا. لا تلوموهم، فليس من السهل عليهم تصور أن السعودية الجديدة انطلقت ولن تتوقف إلا بعد تحقيقها تطلعاتها وآمالها، المهم أن الوقائع التي تُترجم على الأرض كفيلة بتلاشي المشككين يوماً بعد الآخر.
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة