البيعة الخامسة للملك سلمان.. نقلة نوعية بعلاقات السعودية والإمارات
العلاقات الإماراتية السعودية تعتبر رمانة الميزان للاستقرار بالمنطقة لاسيما في وقت يعاني فيه الشرق الأوسط من ويلات الإرهاب والتخريب.
تمثل العلاقات الإماراتية-السعودية ضمانة قوية للأمن القومي الخليجي والعربي بوجه عام، بالنظر إلى تطابق وجهات نظَرَي البلدين الشقيقين تجاه مجمل قضايا المنطقة.
ويرجع الفضل في تأسيس العلاقات المتينة بين البلدين إلى المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، اللذين حرصا على نهج التنسيق والتعاون المستمر بين البلدين.
وتمثل العلاقات الإماراتية السعودية رمانة الميزان للاستقرار في المنطقة لاسيما في وقت تعاني فيه المنطقة من ويلات الإرهاب والتخريب.
وخلال 5 سنوات من حكم الملك سلمان بن عبدالعزيز حققت العلاقات الثنائية مع دولة الإمارات نقلة نوعية لتمثل أقوى شراكة وتحالف استراتيجي بالمنطقة.
نقلة نوعية
صارت العلاقات السعودية الإماراتية أكثر تميزا تحت قيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لتتحول خلال العقد الأخير إلى نموذج لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الأشقاء.
وتعتبر العلاقات بين البلدين مثالاً على الوعي المشترك بطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية المحيطة، وأهمية التعامل معها بسياسات ومواقف متسقة ومتكاملة.
وتؤمن الإمارات بأن السعودية تشكل صمام أمان الأمة، وحاملة راية الدفاع عن مصالحها ضد جميع الأطماع والمشاريع التي تهدف إلى شق وحدة الصف العربي.
ليس أدل على تحقيق نقلة نوعية في العلاقات السعودية الإماراتية التاريخية في عهد الملك سلمان، من الزيارات المتبادلة المتواترة لقيادة البلدين.
وقام ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بزيارتين لدولة الإمارات خلال عام، كما قام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية بعدة زيارات إلى المملكة، في إطار توطيد علاقات التعاون وبحث القضايا الإقليمية والقضايا المشتركة.
وقبل أيام قام ولي العهد السعودي بزيارة رسمية إلى دولة الإمارات شهدت بحضور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والأمير محمد بن سلمان توقيع مذكرات تفاهم بين البلدين في مجالات الصحة والثقافة والفضاء والغذاء.
وتهدف مذكرات التفاهم لتكثيف الجهود وتكاملها وإيجاد حلول مبتكرة لتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد المتوفرة، والوصول إلى الأهداف التنموية لكلا البلدين.
والخميس الماضي وقَّعت وكالة أنباء الإمارات "وام" مذكرة تفاهم مع وكالة الأنباء السعودية "واس"؛ لتعزيز التعاون بينهما في مجال التبادل الإخباري والإعلامي.
جاء ذلك على هامش الزيارة الرسمية التي أجراها الأمير محمد بن سلمان إلى دولة الإمارات.
شراكة وتكامل
توجت شراكة الإمارات والسعودية مأسستها عبر مجلس التنسيق السعودي الإماراتي، الذي أعلن عنه في مايو/آيار 2016، خلال حكم الملك سلمان بن عبدالعزيز.
وفي يونيو/حزيران 2018 أُعلن خلال الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي في جدة عن اعتماد "استراتيجية العزم"، كأحد المخرجات الرئيسية لخلوة العزم، وآلية العمل المشتركة خلال السنوات الخمس المقبلة بين البلدين من خلال مجموعة من المشاريع النوعية ضمن المجالات ذات الأولوية لكلا البلدين، حيث استغرقت الخلوة 12 شهرا من التنسيق، وتهدف الاستراتيجية إلى خلق نموذج استثنائي للتكامل والتعاون بين البلدين عبر تنفيذ مشاريع استراتيجية مشتركة من أجل سعادة ورخاء شعبي البلدين.
تضم الاستراتيجية 3 محاور رئيسية، المحور الاقتصادي والمحور البشري والمعرفي والمحور السياسي والأمني والعسكري، إلى جانب 60 مشروعا مشتركا من أصل 175 مشروعا تهدف في مجملها إلى تعزيز التعاون بين البلدين ودعم منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وبما يمهد لمرحلة جديدة من العمل المثمر والبناء بين الطرفين، فيما ستستمر اللقاءات والمناقشات خلال الفترة المقبلة بين فرق العمل المشتركة لاستكمال تنفيذ المبادرات، ورفع التوصيات والمخرجات لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي في اجتماعاته الدورية المقبلة.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تعد العلاقة التجارية والاقتصادية بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة الأكبر بين مثيلاتها في دول مجلس التعاون الخليجي؛ فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين نحو 72 مليار ريال سعودي.
وتتصدّر الإمارات قائمة الدول الخليجية المصدرة إلى المملكة، كما تأتي في مقدمة الدول الخليجية التي تستقبل الصادرات السعودية، وتأتي في مرتبة متقدمة في قائمة الدول العشر الأولى التي تستورد منها المملكة.
وتلعب الاستثمارات المشتركة بين المملكة والإمارات دورا حيويا في هذا الجانب، إذ تتجاوز استثمارات المملكة في الإمارات 35 مليار درهم، حيث تعمل في الإمارات حاليا نحو 2366 شركة سعودية مسجلة لدى وزارة الاقتصاد و66 وكالة تجارية، ويبلغ عدد المشاريع السعودية في الإمارات 206 مشاريع، بينما يصل عدد المشاريع الإماراتية المشتركة في المملكة إلى 114 مشروعا صناعيا وخدميا، برأسمال قدره 15 مليار ريال.
وشهدت العلاقات الثنائية نقلة نوعية تمثلت في حرص القيادة في البلدين الشقيقين على مأسسة هذه العلاقات من خلال تأسيس لجنة عليا مشتركة في مايو/آيار 2014 برئاسة وزيري الخارجية في البلدين.
وعملت هذه اللجنة على تنفيذ الرؤية الاستراتيجية لقيادتي البلدين للوصول إلى آفاق أرحب وأكثر أمنا واستقرارا لمواجهة التحديات في المنطقة.
وفي الشهر نفسه من عام 2016 وقع البلدان على اتفاقية إنشاء مجلس تنسيقي بينهما يهدف إلى التشاور والتنسيق في الأمور والمواضيع ذات الاهتمام المشترك في المجالات كافة.
وفي يونيو/حزيران 2018 خلال حكم الملك سلمان بن عبدالعزيز رفعت الإمارات والسعودية مستوى العلاقات الثنائية بينهما إلى مراحل غير مسبوقة اشتملت على رؤية مشتركة للتكامل بين البلدين اقتصادياً وتنموياً وعسكرياً عبر 44 مشروعاً استراتيجياً مشتركاً ضمن "استراتيجية العزم" التي عمل عليها 350 مسؤولا من البلدين من 139 جهة حكومية وسيادية وعسكرية خلال 12 شهرا.
وأسهمت العلاقات الثنائية بين البلدين في تعزيز أمن واستقرار المنطقة والعالم، خاصة أن تاريخهما يمتلئ بالمبادرات لتسوية الخلافات العربية أو لدعم الدول العربية.
تحالف صلب لدعم اليمن
ويحسب للإمارات والسعودية أنهما كشفتا عن الأدوار التخريبية التي تقوم بها إيران في زعزعة أسس الأمن والاستقرار في المنطقة.
وجاء التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية والذراع الإماراتية القوية مدعوماً من دول المنطقة ليسطر بداية تاريخ جديد للمنطقة يكتبه أبناؤها بأنفسهم ويبدأ بعودة الشرعية إلى اليمن وهزيمة المخطط الخارجي الذي يهدف للسيطرة على اليمن والذهاب به إلى أتون الخلافات الطائفية والمذهبية لخدمة أهداف خارجية لا يزال يراود أصحابها حلم السيطرة والهيمنة.
فصل جديد دشنه اليمن برعاية الملك سلمان بن عبدالعزيز، خلال الأيام الماضية، بتوقيع اتفاق الرياض بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجديد، في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري عنوانه نبذ الفرقة وإعادة الأمل في دحر المشروع الحوثي والإخواني والإيراني في البلاد.
اتفاقٌ وُلد من رحم اجتماعات أرست دعائمها السعودية بالتوازي مع جهود الإمارات التي قدمت الغالي والنفيس لأجل عروبة اليمن، لتظهر صلابة التحالف بين البلدين إزاء حماية أمن واستقرار المنطقة ومواجهة موجات الفوضى والتطرف والإرهاب.
وكان مشهد حضور الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي. والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، والأطراف اليمنية صاحبة الشأن، في مراسم توقيع الاتفاق، بمثابة ضربة موجعة لدعاة الانقسام ومشرعني الانقلاب.
دور محوري في محاربة الإرهاب
انضم البلدان إلى الجهود الإقليمية والدولية الرامية للتصدي للتطرف والإرهاب، حيث شاركا في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم "داعش" الإرهابي عام 2014.
كما تقوم الإمارات والسعودية بدور محوري ورئيسي في الحرب الدولية ضد التطرف والإرهاب، خاصة فيما يتعلق بالتصدي للجوانب الثقافية والفكرية.
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أكد خلال رئاسته لوفد المملكة لقمة قادة دول مجموعة العشرين "ضرورة مضاعفة الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب".
وألقى العاهل السعودي كلمة في جلسة عشاء العمل لقادة ورؤساء وفود الدول المشاركة في القمة، التي عقدت في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 بعنوان "التحديات العالمية: الإرهاب وأزمة اللاجئين".
وفي كلمته، أكد العاهل السعودي "ضرورة مضاعفة المجتمع الدولي لجهوده لاجتثاث هذه الآفة الخطيرة ولتخليص العالم من شرورها التي تهدد السلم والأمن العالميين وتعيق جهودنا في تعزيز النمو الاقتصادي العالمي واستدامته فالحرب على الإرهاب مسؤولية المجتمع الدولي بأسره، وهو داء عالمي لا جنسية له ولا دين وتجب محاربته ومحاربة تمويله وتقوية التعاون الدولي في ذلك".
وتابع العاهل السعودي: "لقد عانينا في المملكة من الإرهاب، وحرصنا وما زلنا على محاربته بكل صرامة وحزم، والتصدي لمنطلقاته الفكرية خاصة تلك التي تتخذ من تعاليم الإسلام مبررا لها، والإسلام منها بريء ولا يخفى على كل منصف أن الوسطية والسماحة هي منهج الإسلام، ونتعاون بكل قوة مع المجتمع الدولي لمواجهة ظاهرة الإرهاب أمنيا وفكريا وقانونيا، واقترحت المملكة إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة وتبرعت له بمئة وعشرة ملايين دولار، وندعو الدول الأخرى للإسهام فيه ودعمه".