اليوم الوطني السعودي.. رحلة مُؤسس وراية توحيد
تحت راية تعانق السماء، تأسست المملكة العربية السعودية لتدون بحروف من ذهب رحلة صنعت التاريخ والحاضر والمستقبل.
رحلة أينعت عبر الزمن ثمارا في شكل إنجازات وشحت تاريخ المملكة بنياشين تضيء في أعيادها وتقف شاهدة على أمجادها.
واليوم السبت، تحتفل المملكة العربية السعودية بالذكرى 93 ليومها الوطني، الذي يوافق الـ23 من سبتمبر/أيلول من كل عام، وهو أحد أهم أيام الاحتفالات في المملكة باعتباره ذكرى توحيد المملكة وتأسيسها.
السعودية والإمارات في مواجهة التحديات.. نموذج فريد للتعاون والتنسيق
ويأتي العيد هذا العام تحت شعار "نحلم ونحقق"، وفيه يستذكر أبناء المملكة والعالم بأسره هذه المناسبة الوطنية باعتزاز وشموخ وفخر بما تحقق وأمل بمستقبل واعد تحت ظل قيادة رصينة سارت بالمملكة إلى مصاف الدول المتقدمة، وسخرت كل السبل لراحة المواطن والمقيم.
اليوم الوطني 93.. السعودية "تحلم وتحقق" والإنجازات تتحدث
صورة راهنة تمتد جذورها في التاريخ لتعود إلى رجل كان له الفضل في تأسيس دولة رايتها التوحيد وغايتها بناء دولة حضارية ذات قوة فاعلة محليا ودوليا.
ونفس تلك الصورة قفزت عبر الأزمان في مسيرة أبناء المملكة ممن استلموا المشعل وأكملوا مسيرة البناء، وصولا إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
رحلة مؤسس
في 23 سبتمبر/ أيلول 1932، جاء الإعلان التاريخي للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله-، لتوحيد السعودية تحت راية "لا إله إلا الله، محمد رسول الله" وإطلاق اسم المملكة العربية السعودية عليها بعد جهاد وكفاح استمر 32 عاما.
وخلال تلك الفترة، وضع قواعد راسخة لهذا البنيان العظيم سائرا في ذلك على نهج أسلافه من آل سعود، ونشأت حينها دولة فتية تصدح بتعاليم الإسلام السمحة وقيمه الإنسانية في كل أصقاع العالم، دستورها نشر السلام والخير، وأجندتها السير بخطى حثيثة نحو مستقبل أفضل.
وبحسب ما ورد في مجلد "سيرة وشخصية الملك عبدالعزيز ومراحل بناء الدولة السعودية الثالثة"، ولد الملك المؤسس في مدينة الرياض عام 1293هـ وترعرع فيها، ونهل من علمائها، حيث تعد الرياض امتدادا تاريخيًا لمسيرة الآباء والأجداد.
ووفق وكالة الأنباء السعودية (واس). تميز الملك عبدالعزيز بشخصية قوية آسرة ومهابة تأثر بها كل من قابله، وصورة باسمة مشرقة بأسارير متهلّلة بما عُرف عنه -رحمه الله- من لين الجانب والتواضع والمرح، وعدم تكلّفه في الحديث مع أبناء شعبه ورعيته، فضلاً عن كرمه وسخائه مع الجميع، فلم يكن ملكًا فقط، بل كان رب أسرة ومحبًا للجميع، ورجل قدوة في أفعاله وسلوكياته.
ويعتبر المؤرخون أن خروج الملك عبدالعزيز، مع والده الإمام عبدالرحمن وبعض أفراد أسرته من الرياض، عام 1308هـ، الحدث الأصعب في حياته.
وكانت محطتهم الأولى بعد الرياض واحة "يبرين" في الأحساء ثم البحرين إلى أن وصلوا إلى الكويت واستقروا بها عدة سنوات ظل فيها الملك عبدالعزيز معلق القلب بالرياض.
واتخذ الملك المؤسس "يبرين" -مقرًا له لتنفيذ خطته في إعادة الرياض– وهي واحًة من واحات الأحساء بمحاذاة رمال الربع الخالي من الشمال.
العودة
عندما بلغ الملك عبدالعزيز العشرينيات من عمره وهو في الكويت توجّه في الخامس من شهر رمضان عام 1319هـ إلى الرياض في رحلة بطولية قاد مسيرتها بصحبة رجاله وتمكنوا من اختراق جوف الصحراء التي تلتهب رمالها تحت أشعة الشمس الحارة، صائمين رمضان لربهم، قبل أن يأتي عليهم يوم العيد وهم في موقع يطلق عليه "أبو جفان".
وفي اليوم الرابع من شهر شوال من عام 1319هـ وصل الملك عبدالعزيز ورجاله إلى "ضلع الشقيب" الذي يبعد عن مدينة الرياض نحو ساعة ونصف مشيًا على الأقدام.
ومن الضلع تقدموا إلى الرياض التي دخلها الملك عبدالعزيز بذكاء القائد المحنك وأعاد الأمور إلى نصابها الصحيح بعد عملية بطولية حامية الوطيس لم تدم طويلًا، طوى خلالها الملك عبدالعزيز زمن العهد الغابر في الرياض، معلنًا بداية العهد الزاهر في نجد.
وتمكن الملك عبدالعزيز آل سعود –رحمه الله – بفضل الله تعالى عبر رحلة طويلة أضناه فيها طول المشي والتفكير من لملمة شتات البلاد، وإعادة الأمن، والتصدي للفوضى التي كانت سائدة في الجزيرة العربية آنذاك، وأصبح بمحبة الناس ملكًا لدولة سهر على بنائها وأوجد نظامها حتى أصبحت لها مواقف مشرّفة مع الأمتين الإسلامية والعربية والعالم أجمع.
واهتم الملك عبدالعزيز بتطوير البلاد، فأصدر مرسومًا ملكيا يقضي بتحويل اسم الدولة من (مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها) إلى المملكة العربية السعودية، وذلك في 21 جمادى الأولى 1351 هـ الموافق 23 سبتمبر/ أيلول 1932.
وبفضل سياسته، انتعشت الأرض الصحراوية بخروج الذهب الأسود (النفط) الذي حوّل الصحراء القاحلة المؤنسة بهبوب الرياح إلى مدينة مزدحمة بالعمال والمهندسين وخبراء النفط.
وفي شهر محرم من عام 1373هـ ترجل الفارس الملك عبدالعزيز عن صهوة جواده بعد أن اشتد عليه المرض أثناء إقامته في الطائف، وفي فجر الثاني من شهر ربيع الأول من عام 1373هـ الموافق 9 نوفمبر/ تشرين ثاني 1953 فاضت روحه إلى بارئها.
رحل الجسد لكن بقيت ثمار رحلة طويلة عاش فيها أعظم الأحداث، وواجه أكبر التحديات، وترك للأجيال من بعده إرثا عظيمًا يهنأ فيه الجميع بين أحضان دولة أسّست على التوحيد وأينعت على التمكين والازدهار.